على رغم التصريحات العلنية لزعيم حزب ليكود ارييل شارون الرافضة لدخول حزبه "حكومة وحدة" برئاسة باراك، ما لم يتخل الأخير عن تفاهمات قمة كامب ديفيد، فإن الاتصالات مستمرة بين الزعيمين وقد تتوج مساء اليوم السبت بلقاء مباشر يحسم مسألة تشكيل حكومة كهذه. ويرى القريبون من باراك ان من غير المستبعد الاتفاق على ذلك خلال 48 ساعة! ويتفق خبراء الشؤون الحزبية في اسرائيل ان مواقف شارون المعلنة تتناقض ورغبته الحقيقية في الدخول الى حكومة واحدة ليسد الطريق امام عودة سريعة لخصمه رئيس الحكومة السابق بنيامين نتانياهو الى رئاسة الحزب وهي رغبة باراك ايضاً الذي يخشى عودة كهذه والذهاب الى انتخابات مبكرة تشير كافة استطلاعات الرأي الى هزيمة مؤكدة له امام نتانياهو. واعطى آخر استطلاع، امس، نتانياهو 50 في المئة مقابل 38 في المئة لباراك. وفي استطلاع للرأي أجرى لصالح صحيفة "معاريف" ونشر أمس تقدم شارون للمرة الأولى على باراك. واظهر استطلاع "غالوب" ان شارون سيحصل على 41 في المئة من اصوات الناخبين الاسرائيليين بينما سيحصل باراك على 31 في المئة. ولم تحسم النسبة الباقية رأيها بعد. ويرى شارون انه اذا أظهر باراك سخاءه ومنح ليكود حقائب وزارية جدية، فسيخفف المعارضة داخل الحزب للانضمام الى حكومة كهذه. ويتفق مع شارون، في هذا التقدير، قطب آخر في ليكود هو سلقان شالوم الذي يحظى بشعبية كبيرة في الحزب. وليس مستبعداً ان يلجأ باراك، الذي يخوض صراع البقاء على كرسي رئاسة الحكومة، الى معادلة جديدة تمهد الطريق لاحزاب اليمين الأخرى للدخول في حكومة واحدة، أي معادلة "تتحدث عن استئناف عملية السلام من دون الالتزام الدقيق بتفاهمات قمة كامب ديفيد". واذا ما نجح باراك في هذا المسعى فإن ليكود سيرجئ تقديم مشروع قانون تقديم موعد الانتخابات الى أجل غير مسمى وقد يؤيد، في ذلك عدد من احزاب اليمين التي لا تتسرع في التوجه الى انتخابات جديدة، والمقصود أساساً حركة "شاس" الدينية التي يتزعمها الحاخام عوفاديا يوسف. اذ يستبعد مراقبون ان تعزز شاس قوتها وترفع عدد مقاعدها البرلمانية 17 مثلما يتوقع زعيمها السياسي ايلي يشاي، ويرى بعضهم ان الحركة ستخسر مقاعد كثيرة ازاء انحسار ملحوظ في قوتها في اعقاب سجن زعيمها اريه درعي ومع احتمال عودة كبير من الناخبين الى احضان الحزب الأم ليكود. وقد برز غياب يشاي عن اجتماع رؤساء احزاب اليمين، أول من امس وانشغل بلقاءات مع وزراء من "العمل" تمحورت حول اعادة الحركة الى حكومة باراك، بعد ان اعلن الأخير رسمياً دفن خطته ل"اصلاحات مدنية" رفضها المتدينون اليهود رفضاً قاطعاً. ولا تقتصر حسابات الربح والخسارة من تبكير موعد الانتخابات على حركة شاس. فحزب "العمل" 26 مقعداً، الذي يتزعمه باراك، يقرأ جيداً استطلاعات الرأي التي تؤكد هزيمة محتومة تقول ان الناخب الاسرائيلي يتجه نحو اليمين. وحزب المركز، الممثل بستة مقاعد في الكنيست قد لا يبقى له أثر في غياب مؤسساته وفضيحة زعيمه اسحاق موردخاي المتهم باعتداءات جنسية على موظفاته. اما الكتل العربية الأربع الممثلة في الكنيست بعشرة اعضاء، والتي لا تأتي في حسابات باراك، فلن تقف حجر عثرة امام اقرار مشروع قانون تقديم الانتخابات، ويتوقع ان تحافظ على قواها أو قد تعززها بمقعد أو اثنين. وازاء تسارع الاحداث في اسرائيل، كحركة البندول، قد تتبدل مواقف الاحزاب بين عشية وضحاها أو حتى خلال ساعات. فعملية تفجير انتحارية واحدة، يقوم بها فلسطينيون داخل اسرائيل ستؤدي فوراً الى حكومة وحدة، على حد وصف الوزير في مكتب رئيس الحكومة حاييم رامون الذي أضاف ان "اعجوبة أو مصيبة هي وحدها التي من شأنها ان تنقذ باراك من انتخابات مبكرة".