أعلن الحزب الوطني الحاكم الاستنفار في صفوف قادته الذين بدأوا مشاورات واتصالات عاجلة لاحتواء نتائج المرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية والتي أسفرت عن فوز 19 فقط من مرشحيهم استعداداً لجولة الاعادة الثلثاء المقبل والتي تطول 123 مقعداً من اصل مئة وخمسين مقعداً. أظهرت النتائج الرسمية للمرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية في مصر خسارة الحزب الحاكم 25 مقعداً اضافياً قبل أن تبدأ جولة الإعادة التي ينحصر التنافس فيها على مرشحي المعارضة والمستقلين. وبذلك ترتفع خسائر حزب الغالبية إلى 33 مقعداً من أصل ال150. ويأمل الحزب بأن تسهم نتائج جولة الإعادة في تحسين أوضاع مرشحيه، إذ يخوض ثمانون منهم هذه المرحلة في مواجهة 16 مرشحاً منهم ثلاثة عن حزب الوفد، و3 من أنصار التيار الناصري مستقلين عن الحزب واثنان عن التجمع و9 مرشحين ل"الاخوان المسلمين"، اضافة الى مستقلين أو منشقين عن الحزب الحاكم. ومثلت هذه النتيجة صدمة لقادة الحزب الوطني الذين اعتادوا الحصول على عدد كبير من المقاعد ومن الدورة الاولى، لكن الاشراف القضائي على مرحلتي التصويت واعلان النتائج وضع حداً لظاهرة "تقفيل" صناديق الاقتراع التي طالما شكت قوى المعارضة منها. وعُلم أن اتفاقات تمت لمشاركة عدد كبير من الوزراء اعضاء الحزب في مؤتمرات وجولات المرشحين في جولة الاعادة، وتكليف الفائزين في الجولة الأولى مساندة زملائهم في دوائرهم، خصوصاً وزيرا الزراعة الدكتور يوسف والي وشؤون البرلمان السيد كمال الشاذلي، وهما يتوليان موقع الامين العام الحزب والامين العام المساعد. وحاولت مصادر الحزب إظهار قدر من عدم الاكتراث للنتائج التي اعتبرتها "طبيعية" على خلفية العدد الكبير من مرشحيها الذين سيخوض جولة الإعادة، فضلاً عن احتمالات قوية لعودة غالبية المنشقين الى صفوف الحزب عقب انتهاء الانتخابات كما هو معتاد ليفرض الغالبية المطلوبة له في البرلمان المسيطر عليه منذ تأسيس الحزب العام 1978. وفي المقابل توقعت مصادر المعارضة والمرشحين المستقلين زيادة حجم تمثيلهم في البرلمان الجديد إذا استمرت بقية مراحل العملية الانتخابية على المنوال الذي جرى الاربعاء الماضي. وقال الامين العام المساعد للحزب الناصري السيد حامد محمود أن "القدر الذي توافر لنزاهة الانتخابات في هذه الجولة كشف حقيقة غالبية الحزب الحاكم الذي فقد عدد من المقاعد غير معتادة". وذهب الامين العام التجمع الدكتور رفعت السعيد إلى أن "تمثيل الحزب في البرلمان سيرتفع رغم المعوقات العديدة التي واجهها وأدت الى قلة عدد مرشحينا ومن أهمها نقص الموارد المالية"، فيما اعتبر عضو الهيئة العليا لحزب الوفد السيد محمود أباظة أن "احساس المواطنين بالانضباط في العملية الانتخابية سيزيد الاقبال عليها وسينعكس ذلك لمصلحة المعارضة اكثر من الحزب الحاكم". ويبقى ان المنتصر الحقيقي في هذه الانتخابات هو القضاء الذي أظهر سيطرة على مراكز الاقتراع الفرعية، مما دعا المعارضة ومنظمات حقوقية إلى المطالبة بتشكيل هيئة قضائية مستقلة تشرف على كل العملية الانتخابية وعدم قصرها على مرحلة التصويت. ويمثل اشراف القضاء على كل مراكز الاقتراع وفرز الاصوات واعلان النتائج بعداً جديداً. وجاء تنفيذاً لحكم المحكمة الدستورية العليا في هذا الشأن وأعطى للانتخابات زخماً وحيوية حقيقية فضلاً عما يوفره من ضمانات لنزاهة الانتخابات. وأقرت المعارضة بهذه التداعيات في ضوء تجربة جولة الاربعاء الماضي من المرحلة الاولى، واعتبرت أن ما حدث مؤشر مهم على إمكان اجراء انتخابات نزيهة ومحايدة تعبّر نتائجها عن الخريطة السياسية الحقيقية في البلاد. في موازاة ذلك، اتسعت حملة الاعتقالات التي تطاول انصار حزب العمل المجمد ذي التوجه الاسلامي. وقالت مصادر الحزب ان اثنين اعتقلا امس، فيما قررت نيابة جنوبالقاهرة حبس 10 أوقفتهم الشرطة قبل يومين وإصدار امر ضبط وإحضار عشرة آخرين.