نجحت الضغوط التي مارسها اكثر من طرف على القيادة الفلسطينية خلال الاسبوعين الماضيين، في انتزاع موافقة الرئىس ياسر عرفات على المشاركة في قمة شرم الشيخ. وفيما اعتبر الأمين العام للامم المتحدة كوفي أنان ان هدف القمة "البحث في آليات مبتكرة لوقف العنف"، أكد الجانب الفلسطيني ان شرط المشاركة هو وقف العنف الاسرائيلي اولاً. وصرح انان في القدس بأن الاسرائيليين والفلسطينيين لم يطرحوا "شروطاً مسبقة" للمشاركة في القمة، موضحاً انه كانت ثمة "اقتراحات" و"بعض المطالب بحثناها مع الاطراف". واعلن انه طلب من الجانبين "وقف النار" قبل القمة، مشيراً الى ان احدى مهمات القمة ستكون تحديداً "جعل وقف النار دائماً". وأعلن وزير الاعلام الفلسطيني ياسر عبدربه أن عرفات أبلغ رؤساء مصر وفرنسا والولايات المتحدة والأمين العام، موافقته على المشاركة في "قمة موسعة" في مدينة شرم الشيخ غداً، مشدداً على ان هذه المشاركة تستند الى ضرورة تنفيذ ثلاثة عناصر: وقف العدوان العسكري الاسرائيلي على المواقع الفلسطينية، وسحب القوات المعتدية الى مواقعها السابقة وفك الحصار عن المدن والتجمعات الفلسطينية والمعابر، وتنفيذ قرار مجلس الأمن خصوصاً في ما يتعلق بتشكيل لجنة تحقيق دولية ووضع الضمانات بعدم تكرار العدوان على الشعب الفلسطيني. وحدد للقمة هدفين اساسيين: "تحديد ضمانات لتحقيق الاستقرار في المستقبل وألا يتكرر العدوان وكذلك الاستعدادات لاستئناف المفاوضات اذا كان العدوان لن يتكرر". واعتبر بيان للقيادة الفلسطينية ان نجاح القمة ووصولها الى نتائج ايجابية "رهن بسلوك القيادة الاسرائيلية خلال الساعات المقبلة وتنفيذ التزاماتها"، مشدداً على ضرورة "انهاء العدوان الاسرائيلي قبل عقد القمة"، ومشيراً الى ان هناك 48 ساعة امام الاسرائيليين لتنفيذ التزاماتهم في هذا المجال. وزاد ان القيادة الفلسطينية دعت الى مشاركة الاتحاد الأوروبي وروسيا، مرجحاً ان تكون القمة سداسية او سباعية، اذ اعلن احتمال مشاركة العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني. ونفى عبدربه رداً على سؤال ل"الحياة" ان يكون هناك تأثير سلبي لقمة شرم الشيخ على القمة العربية المقررة الاسبوع المقبل، موضحاً ان "كل الدول العربية شارك في المشاورات في شأن قمة شرم الشيخ، وليس لدى احد اعتراض على التئامها". وقال السيد نبيل ابو ردنية مستشار عرفات ان الموافقة الفلسطينية جاءت "استجابة لنصائح" الرئىس بيل كلينتون والاتحاد الاوروبي "وبعد مشاورات مكثفة عربية وفلسطينية". أما وزير التخطيط والتعاون الدولي الدكتور نبيل شعث فأكد ان انان ابلغ القيادة الفلسطينية تشكيل "طواقم مراقبة لرصد مدى تنفيذ اسرائيل التزاماتها" قبل عقد القمة. وأكد رئيس جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني في الضفة الغربية العقيد جبريل رجوب أنه لم تصدر أي أوامر بوقف الانتفاضة، مشيراً الى ان "الوضع كما هو، وعلى اسرائيل ان تسحب قواتها وتوقف اعتداءاتها". معارضة... في الشارع وعلى بعد امتار من مقر وزارة الاعلام حيث قرأ عبدربه بيان القيادة الفلسطينية في شأن المشاركة في قمة شرم الشيخ، كانت قوات الاحتلال الاسرائيلي تطلق النار باتجاه الفلسطينيين على مدخل مدينة البيرة الشمالي. ورغم دعوة القيادة "الى استمرار اليقظة العالية والتمسك بروح الصمود والحفاظ على اعلى درجات الوحدة والاستعداد لرد اي اعتداء"، قابل الشارع الفلسطيني قرار المشاركة في القمة بمعارضة شديدة، وخرج المتظاهرون ينددون بالاحتلال ويدعون الى "استمرار الانتفاضة حتى تحرير فلسطين وكنس الاحتلال عن القدسالمحتلة". وردد الشبان الذين استأنفوا مواجهاتهم مع القوات الاسرائيلية هتافات تطالب السلطة الفلسطينية بعدم المشاركة، ولم تسجل اي تحركات لدى الجانب الاسرائيلي تشير الى نيته سحب قواته من مداخل المدن. "هدنة" وفي احد مقاهي مدينة البيرة حيث دارت اعنف المواجهات منذ اندلاع انتفاضة الأقصى، جلس شبان لم يسلم اي منهم من رصاص الجنود، وقال احدهم ل"الحياة": ربما "ستكون هذه فرصة للشباب كي يرتاحوا قليلاً، ولكن على ابو عمار الا يخضع للضغوط والا يجلس مع باراك الذي قصفنا بطائراته ودباباته". وحذر شاب آخر من ان يكون الهدف قمع الانتفاضة "وتجميل وجه باراك القبيح"، وتساءل ثالث عن جدوى قمة شرم الشيخ "اذا كانت وحدات الجيش الاسرائيلية الخاصة تحاول ان تقتحم القرى والمدن الفلسطينية في كل دقيقة". وتدخل عجوز فقال: "عاد الاسرائيليون ينعتون ابو عمار بالارهابي فيما يمارسون ارهاب دولة ضد شعب اعزل فلماذا القمة اذا"؟ واضاف: "الفلسطينيون لم ينتهوا من دفن قتلاهم"، في اشارة الى شهيد الخليل شادي محمد الواوي 22 عاماً الذي مات متأثراً برصاصة اصابته برأسه عندما اطلق جنود النار على سيارة كانت تقله جنوب الخليل مساء اول من امس. وفي رفح، تظاهر 3 آلاف فلسطيني ضد اسرائيل، مرددين هتافات ضد قمة شرم الشيخ. ونظمت التظاهرة بمبادرة من منظمات بينها "فتح" و"حماس" وطالبت عرفات ب"عدم الجلوس مع السفاح باراك" ورددت: "لا لقمة شرم الشيخ نعم لقمة عربية".