اعتادت المنتخبات العربية الفوز بكأس أمم آسيا لكرة القدم على الأرض العربية، ونأمل ألا يكون لبنان الذي يستضيف الكأس الثانية عشرة استثناء. ويوجد في قوام البطولة الثانية عشرة التي تنطلق اليوم خمسة منتخبات عربية هي السعودية، حامل اللقب، ولبنان، الدولة المنظمة، والكويت وقطروالعراق... وبامكان واحد من هذه المنتخبات بلوغ المباراة النهائية والفوز بالكأس القارية التي يزيد عمرها عن 44 عاماً، وكم سيكون الفرح كبيراً لو انحصر التنافس على اللقب بين منتخبين عربيين فتظل الكأس عربية. لكن هل هذا ممكن في ظل بطولة يتوقع لها أن تشهد مستوى مميزاً ومرتفعاً؟ المنتخبات المشاركة في النهائيات، استعدت تماماً للعرس القاري الكبير وخاضت جميعها معسكرات تدريبية محلية وخارجية اضافة الى عدد كبير من اللقاءات الودية التحضيرية. ويبدو منتخبا السعودية والكويت في طليعة المنتخبات العربية المرشحة للفوز باللقب خصوصاً أنهما ذاقا حلاوة الفوز بها السعودية ثلاث مرات أعوام 1984 و1988 و1996، والكويت مرة واحدة عام 1980، مع عدم اغفال طموحات لبنان. وفي المقابل تسعى منتخبات اليابانوكوريا الجنوبيةوالصينوالعراق في مقدم الدول الاخرى المرشحة، كما لا يجب اغفال أوزبكستان التي ينتظر لها ان تلعب دور "الحصان الأسود". وقد يبدو أن المجموعة الأولى الأقل قوة... وايران فيها الأقوى، مع عدم اغفال ان مستويات لبنانوالعراقوتايلاند ليست ضعيفة ولن يكون أي منها "مكسر عصا" على رغم انها منتخبات ينقصها الحافز والخبرة والهالة الكروية. ويتوقع المراقبون ان يكون اللقاء الذي سيجمع بين الايرانيينوالعراقيين الاربعاء المقبل في بيروت ساخناً وممتعاً ويمكن اعتباره قمة باكرة. وايران بتشكيلة منتخبها القوية التي تضم عدداً طيباً من المحترفين في أقوى الأندية الأوروبية، باتت قوة كروية آسيوية يصعب التغلب عليها، ويرشحها الكثيرون للفوز باللقب والانفراد بعدد مرات الفوز بالبطولة. وعلى رغم ذلك فإن منتخب ايران تأهل بصعوبة الى نهائيات لبنان، وقدم مستوى متواضعاً لكن ذلك لا يعني شيئاً لمنتخب طامح الى الفوز باللقب لمرة رابعة ولو حدث هذا فإن منتخب ايران سيكون أول منتخب يجمع بين كأس آسيا وذهبية الألعاب الآسيوية. ... وللبنان دوره ويلعب منتخب ايران مباراة الافتتاح أمام منتخب لبنان المتسلح بعاملي الأرض والجمهور واللاعبين المغتربين والأخير لن يكون صيداً سهلاً... بل عقبة كبيرة أمام القوة الايرانية. ويؤكد النقاد ان للبلد المضيف الأفضلية في المنافسة وقطع مسافات بحثاً عن اللقب، ولا يستبعد المدرب الكرواتي جوزيب سكوبلار ان يفعل الجمهور اللبناني فعله في نفوس اللاعبين. وفي المقابل حقق منتخب العراق نتائج لا يستهان بها في السنوات الأخيرة على الصعيد العربي والقاري، وبالتأكيد سيكون منافساً قوياً في المجموعة الأولى. وخاض منتخب العراق معسكراً تدريبياً في يوغوسلافيا بقيادة المدرب اليوغوسلافي ميلان زيفادينوفيتش الذي تسلم التدريب خلفاً للعراقي عدنان حميد منذ فترة قصيرة. متطور... ولكن! وتأهلت تايلاند الى نهائيات أمم آسيا 4 مرات أعوام 1972 و1992 و1996 و2000، ولا يحمل سجلها سوى احتلال المركز الرابع في دورة الألعاب الآسيوية 1998... وهو يحمل أيضاً خسائر قاسية في البطولة الأخيرة في الامارات أمام السعودية 6 - صفر وايران 1 - 3 والعراق 1 - 4، لكن حالهم تغير بعدها، ويدخل المنتخب البطولة الحالية بالكثير من التفاؤل. مرشح قوي ويبدو منتخب الكويت واحداً من أقوى المنافسين في المجموعة الثانية، الى جانب كوريا الجنوبية ثم الصين، والأضعف في هذه المجموعة هو منتخب اندونيسيا. والواقع أن المنتخبات الثلاثة التي سيواجهها أزرق الكويت له معها ذكريات غير سعيدة في الفترة الأخيرة، فأندونيسيا فاجأته في المباراة الافتتاحية في الامارات 1996 حيث تعادل معها بصعوبة 2 - 2. وخسر أمام الصين مرتين في تصفيات كأس العالم 1 - 2 وصفر-1، وفي آخر لقاء مع المنتخب الكوري الجنوبي خسر الأزرق صفر - 1 في دورة الألعاب الآسيوية عام 1998. ولا يمكن أحداً أن يستهين بالمنتخب الكويتي الذي يقوده المدرب التشيخي دوشان يورين، وسيحاول هذا المدرب الذي قاد منتخب بلاده الى نهائي أمم أوروبا 96، ان يتفوق على سلفه ميلان ماتشالا الذي قاد الكويت الى نجاحات كبيرة خلال خمس سنوات. والتشكيلة الكويتية متوازنة ومتجانسة ومن أبرز اللاعبين بشار عبدالله الذي يشكل مع زميله جاسم الهويدي قوة ضاربة في خط الهجوم... وهناك أيضاً فرج لهيب هداف آسيا 1998.. والمخضرم بدر صبحي صانع الألعاب المميز المتفاهم تماماً مع المتألق عبدالله وبران... اضافة الى وجود حراس مرمى مهرة امثال فلاح وثبة وأحمد جاسم وشهاب كنكوني وصخرة الدفاع جمال مبارك والمخضرم أسامة حسين اضافة الى عصام سكين وصالح البريكي وحسين الخضري وأحمد المطيري وبقية الكوكبة الزرقاء التي تتطلع بشوق لاستعادة الذكريات الجميلة بإحراز اللقب الذي فازت به عام 1980. وإذا ما أراد "الأزرق" الفوز باللقب مرة جديدة بعد 20 سنة فعليه ألا يلعب باسمه وحده، وعليه أن ينسى - ولو موقتاً - الحقبة الذهبية التي عاشتها كرة القدم الكويتية من 1970 حتى 1982. سجل مشرف وتخطط كوريا الجنوبية بعقلانية وعلم مدروس لاستعادة لقب طال انتظاره اربعين عاماً... وسجلها يسمح لها بذلك، فهي تأهلت الى النهائيات 9 مرات اعوام 1956، 1960، 1964، 1972، 1980، 1984، 1988، 1996 و2000 وأحرزت اللقب عامي 1956 و1960 وتأهلت الى نهائيات كأس العالم خمس مرات أعوام 1954 و1986 و1990 و1994 و1998 وهي ستستضيف مونديال 2002 شراكة مع اليابان. ويضم المنتخب الكوري عناصر من الخبرة والشباب بقيادة المدافع المتألق هونغ ميونغ بو والمشاكس كي يونغ سو والمبدع هوانغ سون هونغ. منافس من الدرجة الثانية ويقف منتخب الصين كواحد من أقوياء البطولة، على رغم أنه منافس من الدرجة الثانية وسجله لا يحوي أكثر من المركز الثاني في بطولة 1984 والثالث أعوام 1976 و1992 و1996. والصين لم تظهر حتى الآن في المحافل الكروية العالمية باستثناء تأهلها الى أولمبياد سول 1988، لكنها تعيش صحوة مهمة، بدأت بعد الاخفاق في التأهل للمونديال الفرنسي. ويضم المنتخب الصيني في صفوفه عدداً من اللاعبين الممتازين مثل المهاجم هاو هايدونغ الأفضل في آسيا حالياً هداف الدوري وقائد خط الوسط فإن زهي يي الذي لعب موسمين لنادي كريستال بالاس الانكليزي وزميله لي تاي الذي عاش وتمرس على اللعب في البرازيل ويدربهم اليوغوسلافي الشهير بورا ميلوتينوفيتش. الأضعف وعلى رغم ان مستوى منتخب اندونيسيا ارتفع كثيراً عما كان عليه في السابق، إلا أنه يظل أضعف منتخبات المجموعة نظرياً وعملياً، وهو تأهل مرة واحدة من قبل وكانت في عام 1996. ويأمل منتخب اندونيسيا بالظهور بمظهر مشرف وتقديم مستوى جيد في لبنان لكن ذلك يبدو صعباً لوقوعه في مجموعة صعبة، ولافتقاده الخبرة الدولية. مجموعة الأقوياء اكد الكثيرون ان المجموعة الثالثة هي الأقوى، وهي بحق مجموعة الأقوياء والاثارة والمتعة الكروية والابداع. وسيكون التنافس فيها صعباً والتوقع أصعب!! ويكفي أن نعلم انها ستشهد أكثر من مباراة قمة باكرة... أولها لقاء السعودية واليابان أصحاب آخر أربعة ألقاب. هما والدولتان اللتان تسيطر انديتهما على المسابقات الآسيوية. ولقاء القمة المرتقب في صيدا، تميل كفته لمصلحة المنتخب السعودي. ويريد المنتخب السعودي - أمل العرب - في الكأس الثانية عشرة، الفوز باللقب الآسيوي لمرة رابعة والانفراد بالرقم القياسي لعدد مرات الفوز منذ انطلاقها عام 1956، في هونغ كونغ. ورغبة السعوديين مشروعة، لأنهم الأميز في المنطقة ولا شيء يمكن أن يحد من طموحهم. والمنتخب السعودي يضم نخبة متميزة بعقليتها الكروية الراقية والمتطورة والقادرة على القيادة والتأثير في مجرى اللعب والنتيجة، أما السجل السعودي فمتخم بالانجازات، وتألقت الكرة السعودية الى النهائيات خمس مرات أعوام 1984 و1988 و1992 و1996 و2000. ومهما تحدثنا عن مكامن قوة المنتخب السعودي فان الحديث يظل ناقصاً أمام القيمة الفنية التي يمكن لهذا المنتخب أن يظهرها خلال مبارياته، صحيح أن المنتخب لم يختبر أخيراً على صعيد القارة لكونه حامل اللقب، لكن الصحيح أيضاً انه هزم الصين 2 - صفر في مدينة الزرقاء الأردنية قبل أيام، كما فاز ضمن مبارياته الاستعدادية على سوريا مرتين 2 - 1 و3 - صفر وعلى الامارات 6 - 1 وخسر أمام الأردن صفر - 1 وآخر مبارياته لعبها أمام منتخب كازاخستان. ويبرز في المنتخب السعودي حارسه المتألق دائماً محمد الدعيع ومرزوق العتيبي ومحمد الخليوي وعبدالله سليمان وحمزة ادريس وطلال المشعل ومحمد الشلهوب وسامي الجابر واخرين. واليابان قوة على رغم أن سجل اليابان لا يحوي أكثر من التأهل الى نهائيات بطولة أمم آسيا سوى 4 مرات 1988 و1992 و1996 و2000 وإحرازها اللقب عام 1992، إثر فوز منتخبها على السعودية 1 - صفر ، فإن منتخبهم في هذه البطولة بقيادة المدرب الفرنسي فيليب تروسييه والنجوم شينجي اونو وماساشي ناكاياما سيكون له شأن كبير يفوق اماله. وعلى رغم أن لاعبي اليابان يتمتعون بتقنيات عالية جداً فإنهم يفتقدون خبرة اللعب في المناسبات الكروية الكبيرة ويفتقدون أيضاً اللاعب الهداف بعد غياب الهداف المشهور كازيوشي ميورا... لكنه بالمقابل يملك خط وسط خلاق ومبدع. قطر منافس ممتاز والى جانب المنتخبين السعودي والياباني الطامحين والقادرين على الفوز باللقب الآسيوي، يقف منتخب قطر مرشحاً بقوة للمنافسة. وعلى رغم أن سجل الكرة القطرية لا يحوي أكثر من الفوز بكأس الخليج مرة واحدة والمركز الثاني في كأس العرب 1998، إلا أنها تدخل المحفل القاري الجديد بقوة بقيادة المدرب البوسني جمال حاجي. ويبرز في المنتخب القطري المتألق محمد سالم العنزي المحترف في تركيا وهو هدّاف من طراز نادر وسعود فتح اللاعب المتميز وفهد الكواري المتألق في خط الوسط اضافة الى المدافعين جاسم التميمي وزامل الكواري. "حصان أسود"! وعلى رغم أن سجل منتخب أوزبكستان لا يحوي سوى تأهله الى نهائيات كأس أمم آسيا مرة واحدة عام 1996، والفوز بذهبية دورة الألعاب الآسيوية 1994، إلا أن ذلك لا ينقص من شأن هذا المنتخب لأنه الأقوى بين الجمهوريات الآسيوية الوسطى الخمس التي استقلت عن الاتحاد السوفياتي... وبإمكانه ان يكون "الحصان الأسود" في البطولة وبالتالي تكرار انجازه الأول "المفاجأة" عندما أحرز ذهبية دورة الألعاب الآسيوية عام 1994. وعلى رغم الجهد الذي بذله الاتحاد الأوزبكستاني لكرة القدم على دروب تطوير المنتخب إلا أنه مر بظروف كثيرة غيبت عنه الاستقرار في مقدمها وفاة مدربه محمود راحيموف الذي لقي حتفه في حادث انقلاب سيارته في كانون الأول ديسمبر 1999. ومهما يكن من أمر فإن البطولة ستنطلق اليوم، والجديد فيها أن كل المنتخبات رشحت نفسها لأدوار متقدمة اضافة الى اشادة كل منتخب بآخر، التوقعات صعبة وصعبة جداً. وبنظرة شاملة على ملفات المنتخبات المشاركة نجد أن نهائيات البطولة مفتوحة على رغم الترشيحات لأن المنتخبات أعدت نفسها للفوز باللقب كل وفق حساباته. منتخبات القمة لا تخشى سوى منتخبات الظل التي يمكن أن تفجر أكبر المفاجآت... فمن سيكسب ويعبر الطريق الصعب الى منصة التتويج؟! ومن الاكيد أن كأس آسيا الثانية عشرة ستشهد تغييرات تكتيكية كبيرة ومباريات قمة ونتائج منطقية وغيرها مما يصب في خانة المفاجآت!! فهل ستبقى الكأس عربية؟