لم ينج الفلسطينيون من بطش الالة العسكرية الاسرائيلية والمستوطنين حتى في "يوم الغفران"، اليوم الاقدس لدى اليهود الذي يطلبون فيه من الله ان يغفر لهم ذنوبهم، وكأنهم حسبما قال النائب المقدسي حاتم عبدالقادر "يغسلون ذنوبهم بدماء الفلسطينيين". وتجددت المواجهات في الاراضي الفلسطينية من رفح جنوبا وحتى طولكرم وجنين وقلقيلية شمالا بعد سقوط خمسة قتلى آخرين، اثنان منهم من الناصرة، وذلك رغم اقتراب موعد انتهاء مهلة الانذار الذي وجهه رئيس الحكومة الاسرائيلية للرئيس ياسر عرفات لوقف الانتفاضة. وتقاطر المئات من الشبان الفلسطينيين الى نقطة الاحتكاك أو "نقطة الانطلاقة" كما يسميها الشباب على المدخل الشمالي لمدينة البيرة حيث قتل شهيدهم عبدالحميد رزق 18 عاما، ليشتبكوا مع الجنود الاسرائيليين الذين تقدموا أمتارا داخل حدود المنطقة أ الخاضعة للسلطة الفلسطينية. وكان الشبان يستعدون لتشييع رزق عندما سمعوا بتفاصيل جريمة خطف عصام حمد وقتله، فتراكضوا باتجاه النقطة والغضب يرتسم على وجوههم من هول ما سمعوه، تسبقهم الصبايا لتكسر الحجارة وتجمعها لتمد راشقي الحجارة بها. وللمرة الاولى منذ فترة، اصيب جندي اسرائيلي بكتفه وعلت صيحات التكبير والفرح عندما القى الجندي بسلاحه وفل هاربا. وامتدت الاشتباكات الى مخيم قلنديا الواقع جنوب مدينة رام الله بين الجنود الاسرائيليين والشبان الذين رشقوهم بالحجارة قرب مطار قلنديا وشمال المدينة قرب مخيم الجلزون. "حرب شوارع" وفي الاحياء والقرى العربية الممتدة بين رام اللهوالقدس، لمس الفلسطينيون كيف "يحتفل" المستوطنون، بحماية من قوات الشرطة وجنود الجيش الاسرائيلي، ب"يوم الغفران". فعلى مدى خمس ساعات من ليل الاحد - الاثنين، شهدت هذه المنطقة ما يشبه "حرب شوارع" بين أكثر من300 مستوطن خرجوا من المستوطنات المحاذية لخط التماس الفاصل بين الشطر الشرقي لمدينة القدس وشطره الغربي قرب حي الشيخ جراح والمصرارة. وأكد النائب حاتم عبدالقادر الذي كان من بين الشبان الذين خرجوا للتصدي للمستوطنين الذين هاجموا المنازل واضرموا النيران في السيارات العربية، ان قوات الشرطة الاسرائيلية التي لا يبعد مقرها عن موقع الاشتباكات سوى امتار امتنعت عن التدخل ولجم المستوطنيين المسعورين، بل سارعت الى نجدة هؤلاء عندما رصدت تراجعا من المستوطنين تحت وابل الحجارة والزجاجات الحارقة التي امطرهم بها المتظاهرون الفلسطينيون. وطلب قائد القوة العسكرية الميداني من النائب حاتم ابعاد الشبان عن المنطقة، وكان رد عبدالقادر ان يبعد المستوطنين اولا، فرد الضابط الاسرائيلي: "انهم يحتفلون بعيدهم". المواجهات بين المستوطنين والفلسطينيين امتدت حتى مخيم عناتا للاجئين الفلسطينيين وبيت حنينا وضاحية البريد حيث يوجد حاجز عسكري للجيش الاسرائيلي لمنع الفلسطينيين من دخول القدس. وهناك ايضا تحرك الجيش لمساعدة المستوطنين واصيب اربعة شبان بالحجارة. وفي سابقة منذ احتلال الشطر الشرقي من مدينة القدس، نشرت القوات الاسرائيلية دباباتها ومركباتها المجنزرة على الطريق الفاصل بين الاحياء العربية ومستوطنة النبي يعقوب وكذلك في محيط مستوطنة غيلو غرب المدينة. وكثفت من حملات الاعتقال التي تشنها في صفوف المقدسيين وارتفع عدد المعتقلين ليصل الى 116 شاب. ولم يثن "يوم الغفران" مستوطني مستعمرة الون موريه التي قتل احد سكانها قبل يومين من الخروج من المستوطنة والاعتداء على المواطنين في قرية سالم والتنكيل بهم وسد الطريق بوجوههم. وبسبب "يوم الغفران"، لم تتمكن سيارات الاسعاف التابعة للصليب الاحمر من دخول منطقة نابلس لاخلاء الجرحي الذين تقرر نقلهم الى الاردن لاستكمال العلاج. ودعا المفاوض الفلسطيني حسن عصفور امس الفلسطينيين الى استهداف المستوطنين، وقال: "يرتكب المستوطنون أعمالا ارهابية ضد الفلسطينيين وينبغي معاقبة باراك على اطلاق لجامهم". وأضاف: "على كل فلسطيني أن يستهدف المستوطنين الان من أجل وقف الارهاب. يجب اقتلاع جذورهم من أرضنا الفلسطينية المحتلة". قطاع غزة وعم قطاع غزة امس هدوء نسبي، فيما جابت مسيرات عددا من المدن والمخيمات امس وليل الاحد - الاثنين. وكان المواطنون خرجوا في مسيرات حاشدة ليلا استمرت حتى فجر امس، في اعقاب توارد الأنباء عن هجوم المستوطنين وقوات الاحتلال على السكان العرب في مدينة الناصرة. وعبر المتظاهرون عن وحدة الشعب الفلسطيني وتلاحمه في أماكن وجوده، مطالبين بالثأر من "القتلة المعتدين الصهاينة". وشيعت جماهير غفيرة أمس جثمان الشهيد يوسف خلف. كذلك اصيب 13 فلسطينيا خلال مواجهات متفرقة مع جنود الاحتلال الاسرائيلي عند حاجز بين حانون ومخيم جباليا، وحي السلطان في مدينة رفح. وشهدت مدينة خانيونس امس مواجهات محدودة اصيب خلالها العشرات بالاختناق جراء استنشاق الغاز المسيل للدموع. واستشهد ليل السبت - الاحد متأثراً بجراحه الشاب يوسف خلف 17 عاماً من مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة. وكان أصيب برصاصات قاتلة في الثاني من الشهر الجاري اثناء المواجهات التي وقعت عند مفترق الشهداء جنوب مدينة غزة.