أعطى الرئيس حسني مبارك توجيهات إلى الحكومة المصرية بالتوقيع على اتفاق الشراكة مع أوروبا بالأحرف الأولى على أن تتبع ذلك إعادة التفاوض في شأن بعض البنود التي تعترض عليها مصر بحجة أنها تتعارض مع مصالح الصناع والتجار في البلاد. وعُلم أن رئيس الحكومة الدكتور عاطف عبيد أبلغ هذا الأمر إلى المسؤولين في المفوضية الأوروبية، وأن يكون التوقيع على المسودة العاشرة التي انتهى التفاوض في شأنها في 17 حزيران يونيو 1999. من جهة أخرى كشف النقاب أن اليابان تسعى عن طريق "بنك الاستثمار" لإقامة مشاريع مشتركة مع مصر للاستفادة من المزايا التي ستحصل عليها مصر وإمكان زيادة حصتها التصديرية الى السوق الأوروبية، ويتوقع التوصل الى اتفاق قريباً في هذا الشأن. وطرحت قضية الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبي نفسها على فعاليات ملتقى القاهرة للتعاون والتنمية الذي اختتم في القاهرة اخيراً خصوصاً بعد الانتقادات التي وجهها خبير المواصفات القياسية في الاتحاد الأوروبي وعضو جمعية المحامين البريطانية السترساتن إلى مصر مطالباً بالإسراع في توقيع الاتفاق، وعدم طرح مبررات لتأجيل التوقيع، وحذر ساتن من خطورة عدم وجود مواصفات قياسية مصرية تطابق المواصفات العالمية، معتبراً أن غياب المواصفات هو أكبر عائق أمام تطور أي اقتصاد. واستغرب غياب الثقة بين التوحيد القياسي في مصر والمركز الأوروبي للتوحيد القياسي في بروكسيل رغم أهمية العلاقة بين الجانبين. واعتبر أن تأخير تطبيق الاتفاقات بين مصر والاتحاد "أمر سيئ" ويكلف مصر كثيراً ومن ثم ينبغي مصادقة مصر على الاتفاق حتى تصل إلى مستوى الدول التي وقعت سابقاً مع الاتحاد الأوروبي. وأثارت مداخلة الخبير الأوروبي مساعد وزير الخارجية - رئيس وحدة المشاركة مع أوروبا السفير جمال بيومي الذي أكد أن مصر هي في أفضل حالاتها للتوقيع على الاتفاق، مستبعداً أية مخاوف من الدخول في اتفاق الشراكة. وقال: "إنها تحقق هدفاً مهماً في برنامج الإصلاح الاقتصادي وتحرير التجارة وفتح الأسواق أمام الصادرات وجذب الاستثمارات". وحدد بيومي نقاطاً عدة ينبغي الاهتمام بها ومنها استكمال سياسة تحرير التجارة مع التكتلات الاقتصادية العربية والدولية وتحرير تشريعات العمل والتشريعات القضائية لسرعة البت في القضايا التجارية التي تستمر أحياناً 9 سنوات وتطوير الأنظمة التشريعية وخفض الضرائب في البلاد واستمرار تحرير الخدمات خصوصاً للصادرات. وعن قلق قطاعات الانتاج من فكرة تحرير التجارة، أكد بيومي مشروعية هذه المخاوف، وينبغي التعامل معها عن طريق تمثيل قطاعات الأعمال في عمليات التفاوض والمتابعة المستمرة. ويمثل الاتحاد الأوروبي أكبر سوق لصادرات مصر، إذ أن حجم الصادرات الى اوروبا يمثل نحو 46 في المئة من الاجمالي، كما أن حجم المساعدات الأوروبية لدعم القدرة التنافسية للاقتصاد المصري بلغ بين 1997 و1999 نحو بليون دولار وتقدم كلها في شكل منح لا ترد. وأوضح بيومي أن الاتفاق يمنح مصر فترة انتقالية لتحرير الواردات الصناعية من الاتحاد الأوروبي تصل إلى 16 عاماً من توقيع الاتفاق وهذا بعد فترة 10 سنوات، وأرجع ذلك إلى نجاح المفاوضات المصرية - الاوروبية التي استغرقت خمس سنوات من خلال 490 جلسة مفاوضات شارك فيها نحو 240 مفاوضاً من مختلف القطاعات الحكومية والقطاع الخاص والتعاوني والتنظيمات الاقتصادية. وأشار إلى أن الاتفاق يمنح مصر أيضاً تسهيلات عدة للصادرات في مختلف المجالات. ففي القطاع الزراعي تتجه نحو 50 في المئة من صادرات الخضر والفاكهة إلى الاتحاد الأوروبي وتتمثل في البطاطا والبصل الطازج والجاف والخضراوات الطازجة والجافة والموالح والرز والفواكه. وأكد أن هناك امكانات تصديرية يمكن تطويرها لمنتجات نجحت في أسواق اخرى مثل الطماطم والخضراوات المجمدة والبصل والرز والمنتجات الزراعية المصنعة ويتمتع البصل المجفف والخضراوات المجمدة والمجففة والزهور بعائد مجزٍ في السوق الأوروبية. وبالنسبة الى حماية حقوق الملكية الفكرية أشار بيومي إلى أن مشروع الاتفاق لا يتضمن أية أعباء على مصر تتخطى التزاماتها في اتفاق الحماية المعقودة في اطار "الغات" وأمكن الابقاء على الفترة الانتقالية لاتفاق حماية حقوق الملكية المرتبطة بالتجارة.