يُختصر فكر سعيد عقل "المتهم" بحبه "الزائد من اللزوم" للبنان، ببيت شعر من قصيدة "رُدَّني الى بلادي" التي غنتها فيروز ولحنها الاخوان رحباني. يقول في هذا البيت عن بلاده "نهرها، ككف من أحببتُ، خيِّرٌ وصادِ". فالخير والكرم، وإن كانت تجود بهما الطبيعة، وفي لبنان، هما بالنسبة اليه فضيلتان انسانيتان، فكيف إذا أعطتهما يد حبيب؟ من هنا يكون الشاعر سعيد عقل هو نفسه الإنسان سعيد عقل، الخيِّر والكريم، عندما يحيي جائزته التي كانت حدثاً ثقافياً خلال الستينات والنصف الاول من السبعينات، ومنحت لكبار في مجالي الأدب والفنون، لكن الحرب في لبنان أوقفتها. وما أوحى لسعيد عقل بإحياء جائزته التي كانت شهرية وقيمتها ألف ليرة، هذه الحادثة: أهداه شاعر ديواناً، فتصفحه سريعاً ووقع نظره فيه على "بيت غير غير"، فمد يدَه الى جيبه وقال له: معي مليون ليرة خذها كرمى لهذا السطر. فأجابه الشاعر: كل عمري لم أجد في جيبي أكثر من 300 ألف ليرة، وهذه أول مرة يتجمع لدي مليون. وعليه خطرت لسعيد عقل فكرة جائزة المليون ليرة نحو 750 دولاراً، يمنحها أسبوعياً خصوصاً لصحافي، يعجبه في مقالته سطر جميل، سمّاه "السطر الملك"... وإلا لسطر في ديوان او كتاب او لرسم صغير او منحوتة صغيرة، او لعمل يفرض نفسه في حينه، ويكون مفاجئاً. ويستعير سعيد عقل من أمه لجائزته الحالية وصفاً في جائزته السابقة، إنها "متواضعة لا تليق بك يا سعيد"، ليَعِد بأخرى كبيرة "تخض الدنيا" ستعلن بعد شهرين. ويقول، في تعليله للجائزة، "ان الله يحبني، انا ابن الثمانية والثمانين، لأنه قيض لي ان استمر في التعليم الجامعي، وفي الكتابة في صحيفة يومية كبيرة "السفير"، وأن تتسابق دور النشر على طباعة مؤلفاتي، وفي المجالات الثلاثة أعلِّم ما أريد وأكتب ما أريد". وسيكون لسعيد عقل كل أسبوع، بدءاً من المقبل 11/4/2000، موعد في نقابة الصحافة اللبنانية، مع الصحافة لتقديم الفائز بجائزته، ليشجع بذلك على "كتابة الكلمات الملكات". وكان إعلان الجائزة تم في نقابة الصحافة، في حضور النقيب محمد البعلبكي ومستشار رئيس الحكومة السيد محمد علي موسى والمدير العام لوزارة الثقافة محمد ماضي، وجمع من المثقفين والاعلاميين. وإذ أشاد البعلبكي وموسى بخطوة عقل هذه، أبدى ماضي استعداد الوزارة "للتنسيق معه" في شأنها. ولم يخلُ مؤتمر عقل من الكلام على لبنان و"عظمة بعض أبنائه"، وكان مناسبة ايضاً للتعريف بآخر ما أصدره: ديوانان بالعامية اللبنانية وبالحرف اللاتيني وهما "القدّاس الحبري" وملحمة "عشتريم" التي تتغنى، في 3200 بيت، بالملكة الفينيقية التي حكمت صيدا، زمن أرتحششتا، وآثرت عندما آل اليها الحكم، ولم يعد من مجال لمواجهة منتصرة، ان تجعل الصيداويين، "يموتون بشرف لأنني لم أعد قادرة على أن أجعلهم يعيشون بشرف"، اضافة الى ديوان شعر بالفرنسية عنوانه "حكم فينيقية" يدور على "11 شخصية لبنانية تاريخية و7 مدن لبنانية عظيمة".