اهتمت الأوساط السياسية الجزائرية بقرار "الجيش الاسلامي للانقاذ"، اول من امس الاثنين، تجميد عملية حل تنظيمه المسلح "موقتاً"، بعدما بدأها منتصف الشهر الماضي. ولم يصدر اي رد فعل حكومي على هذا القرار، خصوصاً انه جاء رداً على خطاب الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة يوم الجمعة الماضي، الذي "تجاهل" فيه توقعات تنظيم مدني مزراق، وأعلن انه لا يحمل لكل الجماعات المسلحة بما فيها تنظيم "جيش الانقاذ" الا قانون الوئام المدني. وكان بوتفليقة تعهد، خلال حملته الانتخابية، ان يعطي الهدنة التي اعلنها "جيش الانقاذ" شرعية سياسية قانونية، غير ان نص "قانون الوئام" لم يرض تنظيم مدني مزراق الذي اعلن رفضه له، قبل ان تعمد الرئاسة الى اضافة مادة قانونية جديدة تؤكد بوضوح عدم تطبيق احكام قانون الوئام "الا عند الاقتضاء، على الاشخاص المنتمين الى المنظمات التي قررت بصفة تلقائية وارادية محضة انهاء اعمال العنف ووضعت نفسها تحت تصرف الدولة كلياً". وهذا ما يعني استثناء "جيش الانقاذ" من الاجراءات التي ينص عليها قانون الوئام. وكانت قيادة تنظيم مزراق سرّحت 250 عنصراً في الاسبوع الاول من شهر رمضان غير ان سوء التعامل معهم، حسب تصريح عضو قيادي في التنظيم ل"الحياة" الاسبوع الماضي، دفعهم الى تجميد العملية التي كان مقرراً ان تشهد كل اسبوع التحاق عناصر من التنظيم بذويهم في اطار مسعى شامل لتفكيك التنظيم. وأوضح بيان اصدره رابح كبير، مسؤول الهيئة التنفيذية للجبهة الاسلامية للانقاذ في الخارج، ان قرار التجميد جاء رداً على حرمان 200 عنصر من التنظيم عادوا الى ذويهم مطلع رمضان من "حقوقهم المدنية"، واعتبر ذلك خطوة ل"التملص من بنود الاتفاق، بين جيش الانقاذ وقيادة الأمن العسكري في 11 تموز يوليو 1997. وعلمت "الحياة" ان ممثلاً عن الجيش الجزائري برتبة لواء زار صباح امس مقر القيادة العامة ل"جيش الانقاذ" في اعالي تكسانة ولاية جيجل. ولم تعلن هوية اللواء الذي تحادث مع مزراق لأكثر من اربع ساعات، لكن الأكيد ان الحديث تناول القرار الذي اعلنه قائد "جيش الانقاذ". في الاطار نفسه اوضح عبدالقادر بوخمخم، احد شيوخ "الانقاذ"، انه يتوقع تسوية للمشاكل العالقة بين قيادة التنظيم والمؤسسة العسكرية "خلال الأيام القليلة المقبلة"، مشيراً الى ان موعد انتهاء تطبيق قانون الوئام في 13 كانون الثاني يناير الجاري "لا يشكل عائقاً امام جيش الانقاذ". وذكّر بأن العلاقة بين الطرفين "شهدت في السابق مشاكل وتمت تسوية بمرور الوقت". وشرح بوخمخم، وهو مؤيد لقانون الوئام ول"هدنة" الانقاذ، عناصر المشكلة في تصريح الى "الحياة" وقال: "بعد حصول اتفاق على عدم تطبيق احكام قانون الوئام على عناصر التنظيم اكدت السلطة لجماعة مدني مزراق ان القانون يلحظ عدم متابعتهم قضائياً بصفة تلقائية، الامر الذي لم يرضِ قيادات التنظيم الذين طلبوا اصدار عفو رئاسي يخصهم من دون سواهم، وهو طلب تم قبوله وارجئ تحقيقه الى ما بعد انتهاء العمل بقانون الوئام". راجع حديثه ص 6 الى ذلك تثير مصادر قريبة من "جيش الانقاذ" مخاوف جدية من ان تعمد السلطات الأمنية في بعض الولايات الى استدراج عناصر التنظيم الى تجاوز قرار قيادتهم والعودة الى ذويهم. وكانت عودة 350 عنصراً من كتيبة "الهدى" و"النور" التابعة للجماعة الاسلامية المسلحة، في ايلول سبتمبر الماضي، الى ذويهم في اطار قانون الوئام المدني، رغم رفض قيادة جيش الانقاذ هذا القرار، دفعت مدني مزراق الى تنفيذ حكم الاعدام في حق احد الأمراء الأربعة الذين احتجزهم لضمان عدم نزولهم من الجبل. ويذكر بعض التقارير الاعلامية ان عناصر عدد من الكتائب التابعة للجماعة الاسلامية المسلحة عادوا الى ذويهم دون استشارة مدني مزراق. وترجح بعض الأوساط ان يؤثر التحاق عدد كبير من العناصر بذويهم في اطار قانون الوئام المدني 1500 عنصر منذ 13 تموز/ يوليو الماضي في القدرة التفاوضية لمزراق امام السلطات العسكرية، الأمر الذي قد يكون دفعه الى اتخاذ قرار صعب لوقف تفكيك التنظيم المسلح قبل اسبوع فقط من انتهاء المهلة الرسمية لتطبيق قانون الوئام المدني، والبقاء في وضعية الهدنة في انتظار معطيات جديدة.