ليومين فقط ستعود موسكو إلى صدارة مسرح التسوية الشرق أوسطية وتستضيف وزراء خارجية ما يزيد على عشرة بلدان سيشاركون في اجتماعات لجنة التوجيه ستيرينغ كوميتي المحركة للمحادثات المتعددة. ومن المنتظر ان تصل اليوم الأحد وغداً الاثنين وفود تمثل الولاياتالمتحدة، بوصفها الراعية الثانية أو بالأحرى الأولى لعملية السلام، وأوروبا يمثلها وفدان، وكندا واليابان والنروج. ويتوقع ان تشارك من دول الجوار المملكة العربية السعودية وتونس. وسيحضر إلى موسكو وزراء خارجية مصر والأردن وإسرائيل والسيد فيصل الحسيني، مسؤول ملف القدس، ممثلاً عن الفلسطينيين، فيما ترك غياب السوريين واللبنانيين مرارة شديدة لدى الروس. وكانت وكالة "انترفاكس" سربت حديثاً لمسؤول في وزارة الخارجية الروسية تضمن لوماً غير مألوف لدمشق بسبب "إصرارها على الرفض". وكانت موسكو تأمل ان يؤدي بدء المفاوضات في شيبردزتاون إلى اسقاط "التابو" السوري على المتعددة. ويبدو ان تصريحات المسؤول الروسي أثارت انزعاجاً قوياً في دمشق، مما دفع نائب وزير الخارجية فاسيلي سريدين إلى الادلاء بتصريح "علني" يؤكد فيه نية بلاده تزويد دمشق أسلحة لضمان "الكفاية الدفاعية". وقال ل"الحياة" ديبلوماسي روسي إن هذا التصريح لا يعني فقط أن السوريين سيحصلون على معدات عسكرية، بل إنه يشكل أيضاً "ورقة دعم" لهم في المفاوضات. إلا أن أقوال سريدين في ما يبدو لم "تليّن" موقف دمشق التي سيترك غيابها فراغاً في المتعددة. لكن خبراء في شؤون الشرق الأوسط لا يتوقعون أي "اختراقات" في المحادثات التي تجرى يومي الاثنين والثلثاء. وذكر ديبلوماسي عربي رفيع المستوى تحدثت إليه "الحياة"، ان الأطراف العربية المشاركة تطمح إلى حد أدنى من التنسيق للتوصل إلى "نتائج مقبولة". وتابع ان محادثات موسكو ستتركز على وضع "تصورات عامة" في شأن ملفات المتعددة ومنها الرقابة على الأمن والتسلح ومشكلة اللاجئين والمياه والبيئة والتعاون الاقليمي. وينتظر ان يسعى الأميركيون إلى اقناع عدد من الدول العربية بالمساهمة في "تمويل السلام"، وفي حال رصد مبالغ لهذا الغرض، يتوقع أن تتولى الاشراف على انفاقها لجنة عمل كندية - يابانية، ولا يستبعد ان تحصل إسرائيل على "حصة" من هذه الأموال. ولكن لماذا بذلت موسكو المنشغلة بالحرب الشيشانية ومشاكلها السياسية الداخلية هذا الجهد للدعوة إلى المفاوضات المتعددة؟ أحد المسؤولين الروس قال ل"الحياة" إن فكرة عقد الاجتماع في العاصمة الروسية ليست جديدة. وذكر انها "كادت تصبح واقعاً" عام 1996، إلا أن انتخاب بنيامين نتانياهو لرئاسة الحكومة الإسرائيلية عطل المحادثات. وزاد ان الكرملين يهدف إلى "تحسين صورته" دولياً والظهور كطرف صانع للسلام. وعلى الصعيد الاقليمي، فإن روسيا ترى ان المفاوضات المتعددة يمكن ان "تؤثر ايجابياً في دفع المسارات الثنائية" وتهيئ جواً أفضل في العلاقات بين الراعيين، مما سيسهم في تسريع عملية التسوية. وواضح ان الأميركيين لم يمانعوا، بل ربما باركوا، عقد اجتماع موسكو، لأنهم يريدون لروسيا دوراً محدداً بالتأكيد في حال تعثر المفاوضات على المسارين السوري والفلسطيني. وأعرب نائب وزير الخارجية الروسي فاسيلي سريدين عن الأمل في تقريب وجهات نظر الأطراف المتفاوضة. وتوقع ان يغدو لقاء موسكو "انطلاقة ... ومنبراً لتبادل الآراء بين اللاعبين الأساسيين على ساحة الشرق الأوسط".