قبل "متروبوليس" ندر لفيلم سينمائي ان حير متفرجيه مقدار الحيرة التي حيرهم اياها هذا الفيلم بغموض موضوعه، من ناحية، وبوضوحه من ناحية ثانية. وكان الوضوح أكبر لدرجة انه حين حاول فريتز لانغ، لاحقاً، وبعد ان فر من براثن النازيين لاجئاً الى عدة دول اوروبية قبل الاستقرار في الولاياتالمتحدة، ان ينكر ان لفيلمه سمة النازية لم يصدقه احد، ولم يعتبروه في حقيقة أمره، من المضطهدين من قبل النازيين بسبب ذلك الفيلم على الأقل. فهو عندهم انما خشي عواقب الغوص في اللعبة اكثر واكثر. اذ من المعروف ان فريتز لانغ، الذي يعتبر اليوم واحداً من أكبر صانعي السينما في تاريخها، هرب من المانيا بعد ان استدعاه وزير الدعاية الهتلري غوبلز لتحقيق أفلام تمجد هتلر والايديولوجية النازية. وكان غوبلز في حقيقة الأمر يستند في ابداء رغبة حكومته بالتعاون مع لانغ، تحديداً على السمعة التي اكتسبها فيلم "متروبوليس" في ذلك الحين باعتباره فيلماً ينطلق من ايديولوجية "المصالحة" النازية، كرد على ايديولوجية الصراع الطبقي الشيوعية. بصرف النظر عن بعده الايديولوجي الغامض - الواضح، منذ العرض العالمي الأول لفيلم "متروبوليس" يوم 9 كانون الثاني 1927 اعتبر هذا الفيلم، من ناحية اسلوبه الفني وحبكته المستقبلية، واحداً من أهم الأفلام في تاريخ السينما الصامتة. يروي "متروبوليس" حكاية عالم مستقبلي تتحكم به الآلات والناس الآليون تحت سيطرة رأس المال والعلم الذي يسانده. ويحدث ذات مرة لابن صاحب المصنع المسيطر على ذلك العالم، ان يكتشف الفتاة الفقيرة الحسناء ماريا التي لا تتوقف عن تأليب العمال ضد رأس المال، وان كانت تنصحهم بين الحين والآخر بالتريث واتباع سبيل العقل. يغرم ابن صاحب المصنع بالفتاة. وهذا ما يكتشفه والده الرأسمالي الكبير الذي يلتجئ الى العالم روتوانغ لكي يفشل على الفتاة كما على الشاب خططهما للوصول الى مصالحة. لكن كل الخطط التي يرسمها العالم تفشل، على مذبح ارادة الحبيبين، وينتهي الفيلم بالمصالحة بين العمال ورأس المال، مصلحة يكون العالم ضحيتها.