شهدت قضية إختفاء المعارض المغربي المهدي بن بركة قبل حوالى 35 عاماً في باريس تطوراً جديدًا أمس تمثّل بالمذكرة القضائية الدولية التي أصدرها القاضي الفرنسي جان باتيست بارلوس، للحصول من السلطات المغربية على معلومات عن أربعة فرنسيين متورطين في خطف بن بركة واختفائه. وتأتي خطوة بارلوس هذه، في أعقاب القرار الذي اتخذته السلطات الفرنسية في أوائل كانون الثانييناير الحالي، برفع جزئي للسرية عن الملفات المتعلقة بالقضية، التي لا يزال الغموض يلّف العديد من جوانبها. وتهدف المذكّرة كشف مصير الفرنسيين، جورج بوشيسيش وجان باليس وجوليان لوني وبيار دوباي، المعروفين بإنتمائهم الى أوساط الجريمة والذين كان القضاء الفرنسي دانهم في 1961 وصدرت بحقهم أحكاما بالسجن المؤبّد. ويُعتقدأن الأربعة غادروا الأراضي الفرنسية غداة خطف بن بركة أثناء وجوده في مطعم "ليب"، وسط باريس، في 1965، وتوجّهوا بفضل جوازات سفر مزوّرة الى المغرب حيث أقاموا بحماية أجهزة الأمن المغربية خمس سنوات، من ثم اعتقلوا وتمت تصفيتهم. ويعتقد أيضا أن بن بركة احتجز في منزل بوشيسيش في منطقة ايسون ضاحية باريس حيث استجوبه الجنرال المغربي محمد اوفقير ومعاونه أحمد دليمي، قبل اختفائه. الى ذلك، ذكرت مجلة "باري ماتش" الفرنسية في عددها أمس أن بن بركة، الذي لم يعثر له على أثر منذ اختطافه، دفن في قطعة الأرض التي شيّد عليها جامع ايفري في 1984 في منطقة ايسون حيث كان يقع منزل بوشيسيش. وفيما نفى عميد المسجد خليل ميرون أي علم له بوجود رفاة بن بركة في مكان تشييد الجامع، قال بشير بن بركة النجل الاكبر للمعارض المغربي ل"الحياة" ان المعلومات التي أوردتها "باري - ماتش" ليست مستبعدة وأن لدى القضاء الفرنسي الإمكانات اللازمة للتحقّق منها. وأضاف أن تحديد مكان وجود رفاة والده سيكون مصدر ارتياح له ولأسرته التي تسعى منذ 35 سنة للحصول على معلومات في هذا الشأن وللكشف عن ملابسات عملية الخطف التي تعرّض لها بالتعاون بين الاستخبارات المغربية والفرنسية. ووصف المذكرة القضائية الصادرة عن القاضي بارلوس بأنها عنصر ايجابي، معرباً عن إعتقاده بأن السلطات الغربية ستتلقاها بإيجابية، بما يشكّل تعبيراً جديداً عن التغيير الذي شهده المغرب بتولّي الملك محمد السادس للعرش، ورغبة في إغلاق الملفات العالقة منذ سنوات. وعن دواعي اكتفاء السلطات الفرنسية برفع جزئي للسرية، عن الملفات المتعلقة بقضية والده، أجاب البشير بن بركة انه بدوره لا يتفهم هذا القرار، وأن التبريرات التي أوردت في هذا الشأن تحدّثت عن عدم رغبة في الكشف عن الجوانب الخاصة بحياة بعض الأشخاص، وبسوء سير عمل بعض الاجهزة الفرنسية.