قدم الرئيس الأميركي بيل كلينتون في خطاب حال الاتحاد الذي القاه امس، وهو الثامن والأخير في عهده، روزنامة عمل طموحة على صعيد سياسته الداخلية والخارجية للسنة الأخيرة من ولايته، وهي روزنامة تتوافق في شكل مناسب مع المواقف المعلنة لنائبه آل غور. وبدا ان الأخير الذي جلس قرب كلينتون وهو يلقي خطابه الطويل الذي بثه التلفزيون، المستفيد الأساسي من بلاغة الخطاب على رغم ان صاحبه اصبح العام الماضي اول رئىس اميركي منذ اكثر من قرن يواجه محاكمة في الكونغرس لاقالته بسبب العلاقة التي اقامها مع مونيكا لوينسكي الموظفة المتدربة في البيت الابيض، تلك الغمامة التي خيّمت على خطابه العام الماضي امام مجلسي الكونغرس. وانتهز كلينتون فرصته الاخيرة تحت الاضواء وفي مركز اهتمام الامة للتفاخر بما حققه خلال السنوات السبع في منصبه. وتصدر الازدهار المذهل الذي تتمتع به غالبية الأميركيين والاقتصاد المتين للولايات المتحدة لائحة الانجازات التي عبّر عن اعتزازه بها. وأبرز القسم الخاص بانجازات السياسة الخارجية في خطابه، تحقيق السلام في ايرلندا الشمالية وعملية حلف الاطلسي في كوسوفو ورعاية كلينتون عملية السلام بين العرب واسرائيل. وتعهد الرئيس مواصلة الكفاح من اجل سلام شامل في الشرق الاوسط، والتوصل الى تسوية على المسارين السوري والفلسطيني. وفي الوقت الذي اُستقبل الكثير من اقتراحات كلينتون الخاصة ببرامج الانفاق، بسخرية لدى معظم السياسيين والمعلقين الجمهوريين، فان النجاح الأكيد الذي حققه والاتجاه الوسطي لهذه البرامج يجعلان عرقلتها من قبل الجمهوريين صعبة جداً خلال السنة المقبلة. فلا يمكن أي سياسي اميركي أن يعارض تأمين تمويل كافٍ لضمان مستقبل صندوق الضمان الاجتماعي، أو فكرة تأمين الرعاية الصحية، خصوصاً مع توقع ارتفاع متوسط الاعمال لدى الاميركيين بسرعة خلال العقد المقبل. معروف ان احدى المسائل المركزية في الجدل السياسي الدائر وسط الديموقراطيين والجمهوريين وبين المعسكرين، تتمحور حول مصير فائض الموازنة الفيديرالية الذي يقدر بألفي بليون دولار على مدى السنين العشر المقبلة. وينوي كلينتون وآل غور أن يستخدما هذه الأموال لدعم الدخل التقاعدي في اطار نظام الضمان الاجتماعي، وتوسيع الرعاية الصحية وتحسينها وتمكين الأميركيين ذوي الدخل المتدني والمتوسط من دخول الجامعة. ويسعى مرشحو الحزب الجمهوري مثل جورج دبليو. بوش، الذي يتصدر لائحة المتنافسين على الفوز بتعيين الحزب، ليكون مرشحه الرئاسي في مواجهة آل غور او السناتور بيل برادلي في الانتخابات المتوقعة في تشرين الثاني نوفمبر المقبل، الى توظيف فائض الموازنة لتمويل خفض هائل في الضرائب يقدر بنحو 500 بليون دولار على مدى عشر سنين. لكن كلينتون حذر في خطابه، من دون الاشارة الى بوش بالاسم، من ان مثل هذه الاقتراحات خطر ولا يمكن تحمل اعبائه.