لم يطلعوا كالنبت الفطري في جزيرة قاحلة، ومع هذا فإن ظهورهم خلال النصف الاول من سنوات الستين كان اشارة لا تخطئ الى ولادة عصور جديدة، والى واقع ان جيل الابناء قرر اخيراً ان يمسك مصائره بيديه بعدما ظلت المصائر طويلاً في ايدي جيل الآباء. من هنا القول بأن ثورة رباعي "البيتلز" لم تكن، في انطلاقتها البريطانية من ليفربول والعالمية من ميونيخ، مجرد ثورة في الموسيقى والغناء، بل كانت ثورة ايضاً في السياسة والمجتمع والاخلاق. يقيناً ان افراد الرباعي انفسهم: رينغو، وبول، وجورج، وجون لم يكونوا حين انطلقوا واعين بالثورة التي اطلقوها. كانوا يكتبون ويلحنون ويغنون على هواهم وكانوا يسرّحون شعرهم على هواهم ايضاً. لكن ذلك "الهوى" لاقى هوى في نفوس شبيبة العالم كله، وكانت تلك الثورة التي انتجت موسيقى جديدة وفنوناً جديدة، ولكنها ساهمت كذلك في انتاج ثورة وثورات طلابية عديدة امتدت لتشمل العقود التالية، وكانت النتيجة ان حقق جيل الابناء واحدة من اعظم الثورات التغييرية في تاريخ البشرية.