السجل العقاري "RER"شريك مستقبل العقار في القمة العالمية للبروبتك 2025    بيان خليجي: تفعيل آليات الدفاع المشترك وقدرات الردع    ولي العهد يبعث برقية شكر لأمير دولة قطر    ديربي منتظر في الغربية.. انطلاق ثاني جولات دوري يلو غدًا    يوسف اكشتيتشيك يتحدث عن مشكلة تواجهه قبل لقاء الدحيل    رئيس الوزراء السوداني يغادر المدينة المنورة    نائب وزير الخارجية يتسلّم نسخة من أوراق اعتماد سفير دولة الإمارات لدى المملكة    «الشؤون الإسلامية» توقّع عقودًا لصيانة وتشغيل 1,392 مسجدًا وجامعًا خلال الربع الثالث لعام 2025م    نائب أمير تبوك يستقبل مدير عام فرع الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمنطقة    مانجا للإنتاج تفوز بجائزة المؤسسات الثقافية الربحية ضمن الجوائز الثقافية الوطنية لعام 2025    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضًا عند مستوى (10427) نقطة    وزير الطاقة: السعودية تبني أول محطة للطاقة النووية للأغراض السلمية    معرض الصقور والصيد السعودي الدولي 2025 الأكبر من نوعه في العالم    انطلاق شهر اللغة العربية في إيطاليا    وزير المالية يفتتح أعمال مؤتمر موني 20/20 الشرق الأوسط بالرياض    الجمعية السعودية الخيرية لمرض الزهايمر تشارك في الملتقى السنوي للهيئة العامة للولاية على أموال القاصرين    "الموارد البشرية" تُعلن انتهاء فترة تطبيق قرار حظر العمل تحت أشعة الشمس    الأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل رئيسًا للاتحاد العربي    القيادة تهنئ رئيس جمهورية كوستاريكا بذكرى استقلال بلاده    فرص عقارية مميزة شمال الرياض بمزاد عبق الرياض العلني الهجين    جدة تستضيف مؤتمر ومعرض المكتبات المتخصصة 2025 غدًا    السعودية تختتم مشاركتها في الجامبوري العالمي بإندونيسيا    وفد من ديوان المظالم يشارك في المؤتمر الدولي الثاني للتدريب القضائي    سفيرة المملكة لدى الولايات المتحدة تزور الملحقية العسكرية السعودية في واشنطن    خرق مسيّرة أجواء رومانيا هو "استفزاز" أوكراني    مؤتمر حائل لأمراض القلب : منصة علمية لتعزيز التقدم الطبي في أمراض القلب .    "غراء عظمي".. ابتكار صيني لعلاج الكسور في 3 دقائق    من جاكرتا.. أضواء الخير وتكامل الصحية يختتمان رحلة عطاء ملهمة    الوفد الكشفي السعودي يزور الحديقة النباتية في بوجور ضمن فعاليات الجامبوري العالمي    أمانة القصيم تنجز مشروع مضمار بطول 800 متر في الظاهرية    النفط يحافظ على مكاسبه    الطائف تمثل المملكة في «شبكة المدن المبدعة» ب«ليوبليانا»    «استمرارية 25».. للإبداع والتجلي في فنون الوسائط الجديدة    جلوي بن عبدالعزيز: المهرجانات الصيفية تصنع روح المنافسة    المفتي يستقبل مدير عام الدفاع المدني    الزميل سعود العتيبي في ذمة الله    أمير الشمالية يستقبل قائد لواء الملك عبدالله الآلي بالحرس الوطني    فسوحات كيميائية لتمكين الصناعيين    هددت بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي.. إيران ترد على مجموعة السبع وتحذر من آلية الزناد    في انطلاقة دوري أبطال آسيا للنخبة.. الأهلي يستهل حملة الدفاع عن اللقب بمواجهة ناساف    رباعية الأخدود والفتح جرس إنذار.. هشاشة الدفاع تؤرق «لوران بلان»    «حين يكتب الحب».. فيلم في الطريق    هروب عريس قبل ساعات من زواجه    تعطل «حضوري» يؤثر على التوثيق الإلكتروني    المفتي يستعرض جهود وأعمال الدفاع المدني    مفتي عام المملكة يستقبل مدير عام الدفاع المدني    إسرائيل تصعد عملياتها في القطاع.. قصف مكثف ونزوح جماعي من غزة    مسيرات الدعم السريع تستهدف مواقع حيوية    جهود متواصلة لتعزيز الرعاية العاجلة.. تدريب 434 ألفاً على الإسعافات الأولية    «الغذاء»: 24 ألف بلاغ عن أعراض«الأدوية»    بدء تقديم لقاح الإنفلونزا الموسمية    الجيش اللبناني يتسلّم دفعة من أسلحة المخيمات الفلسطينية    ميقاتي يواجه تحقيقاً قضائياً في فرنسا    من المسارح البريئة يدق ناقوس الخطر    كلمات ولي العهد تسطر بمداد من مسك    نائب أمير الشرقية يعزي أسرة الزامل    مثقفون وإعلاميون يحتفون بالسريحي وبروايته الجداوية    خطاب يستحضر التاريخ: السعودية ونهضة عالمية برؤية 2030    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فن الطبقات في الأدب العربي وتطوره منذ أوائل القرن الثاني الهجري
نشر في الحياة يوم 08 - 09 - 1999

يعد نظام الطبقات الذي اتبعه كثير من المؤلفين المسلمين تقسيماً إسلامياً أصيلاً، قد يبدو أقدم تقسيم زمني وجد في التفكير التاريخي الإسلامي. ولم يكن هذا التقسيم نتيجة مؤثرات خارجية، وانما جاء نتيجة طبيعية لفكرة ترتيب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم التابعين التي تطورت في أوائل القرن الثاني الهجري بالارتباط بنقد علم الحديث للإسناد المعروف بعلم الجرح والتعديل. ويؤيد ذلك حديث أورده البخاري نصه: "خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم". ويظهر هذا المفهوم بوضوح في كتب الإمام ابن حبان البستي المتوفي سنة 354 ه/965م حيث قسم الرواة في كتابيه "الثقات" و"مشاهير علماء الامصار" الى ثلاث طبقات هم: الصحابة والتابعون وأتباع التابعين، فصارت الطبقة هنا تعني جيلاً.
واخترع المحدثون التنظيم على الطبقات لخدمة دراسة الحديث النبوي الشريف ومعرفة إسناد الحديث ونقده، فهو الذي يؤدي الى معرفة إذا ما كان الحديث متصلاً أو ما في السند من إرسال أو انقطاع أو عضل أو تدليس أو اتفاق في الاسماء مع اختلاف في الطبقة.
وأول الكتب التي وصلت إلينا في هذا الفن كتاب "الطبقات الكبرى" لمحمد بن سعد كاتب الواقدي المتوفي سنة 230 ه/845م، وكتاب "الطبقات" لخليفة بن خياط المتوفي سنة 240 ه/854م. ويمثل هذان الكتابان تطوراً مهماً في الكتابة التاريخية وإن كانا يوضحان لنا أنها لم تزل مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بعلم الحديث، خصوصاً وأن موادهما جمعت في المقام الأول بغرض نقد الحديث.
ولكن كتاب ابن سعد سبقته مؤلفات أخرى لم تصل إلينا مثل "طبقات أهل العلم والجهل" لواصل بن عطاء المتوفي سنة 131 ه/ 748م، و"طبقات الفقهاء والمُحدثين" و"كتاب مَنْ روى عن النبي وأصحابه" كلاهما للهيثم بن عدي المتوفي سنة 207ه/823م، و"الطبقات" للواقدي.
وتأثر بهذا النوع من التأليف نقاد الأدب، فكتب محمد بن سلام الجمحي المتوفي سنة 232 ه/846م كتابه "طبقات فحول الشعراء"، ولكنه لم يقصد المعنى الذي يتبادر الى الأذهان، وإنما عني بلفظ "طبقة" "المذهب" و"المنهج" خصوصاً وأن من المعاني المختلفة لكلمة "طبقة" في لسان العرب "الأحوال والمذاهب" أي أنه قسّم الشعراء في كتابه عشرة مذاهب أو عشرة مناهج من مذاهب الشعر ومناهجه. مقدمة محمود محمد شاكر لطبقات ابن سلام.
وهكذا كانت بواكير التأليف في فن الطبقات والتراجم كتب طبقات علماء الحديث، ثم أخذت في الظهور كتب طبقات الفقهاء والشعراء والكتاب والوزراء والاطباء والحكماء والفلاسفة، وهو نوع من التوثيق لا يملكه دارسو أي ثقافة أخرى، فتوفر لنا هذه الكتب أسماء أشخاص وتفاصيل عن خلفياتهم وثقافتهم وسيرتهم العلمية، وهو أمر بالغ الأهمية ولا يرقى إليه الشك.
ويعد كتاب "تاريخ بغداد" للخطيب البغدادي المتوفي سنة 463 ه/1071م أول كتاب تراجم جمع كل هذه الفروع معاً، على رغم اهتمامه في الأساس بالترجمة لرجال الحديث. أما أول كتاب حرص مؤلفه على الترجمة لمجموعات مختلفة من الشخصيات المهمة التي لعبت دوراً بارزاً في مختلف مجالات الانشطة العلمية في كل أنحاء العالم الإسلامي فهو كتاب "وفيات الأعيان" لابن خلكان المتوفي سنة 681 ه/1282م، وإن كنا نجد أساس هذا النوع من التراجم في النمط الجديد لكتابة الحوليات الذي بدأه أبو الفرج بن الجوزي المتوفي سنة 597 ه/1201م، عندما ألحق في نهاية ذكره للحوادث التاريخية في كل عام في كتابه "المنتظم" تراجم من مات في هذه السنة على اختلاف تخصصاتهم. واستمر هذا النوع من كتابة التراجم على النظام الحولي خصوصاً عند زكي الدين المنذري المتوفي سنة 656 ه/1258م في كتابه "التكملة لوفيات النقلة"، وعند شمس الدين الذهبي المتوفي سنة 748 ه/1347م في كتبه "تاريخ الإسلام" و"العبر في خبر من عبر" و"سير أعلام النبلاء". وابتداء من القرن الثامن الهجري / الرابع عشر الميلادي أخذ المؤلفون في ترتيب الوفيات على القرون وتخصيص مؤلفات لوفيات كل قرن مرتبة على حروف المعجم، كان اسبقهم أبو شامة المقدسي المتوفي سنة 665 ه / 1267م بكتابه "الذيل على الروضتين" أو "تراجم رجال القرنين السادس والسابع"، ثم تبعه ابن حجر العسقلاني المتوفي سنة 582 ه/1449م بكتابة "الدرر الكامنة في أعيان المئة الثامنة"، وشمس الدين السخاوي المتوفي سنة 902 ه/1497م بكتابه "الضوء اللامع لأهل القرن التاسع". وتوالت كتب التراجم على القرون بعد ذلك.
كان المؤهل الرئيسي لإدراج اسم شخص في كتب الطبقات والتراجم هو مدى إسهامه في أحد الأنشطة الثقافية أو الفكرية المختلفة للمجتمع الإسلامي. على أن من أكبر عيوب التنظيم على الطبقات صعوبة العثور على الترجمة لغير المتمرسين بهذا الفن تمرساً جيداً، فضلاً عن عدم وجود تقسيم موحد للطبقة عند المؤلفين. ولكن عندما توافرت للمؤلفين مادة كافية لضبط تاريخ المواليد والوفيات ازداد عدد المؤلفين الذين ينظمون كتبهم عن الرجال على الوفيات الوفيات لابن رافع السلامي وشذرات الذهب لابن العماد الحنبلي وإن اصبح الترتيب على حروف المعجم هو الأكثر شيوعاً مثل "الوافي بالوفيات" لخليل بن أيبك الصفدي المتوفي سنة 653 ه/1362م و"المنهل الصافي" لأبي المحاسن بن تغري بردي المتوفي سنة 874 ه/1469م، ومؤلفات ابن حجر والسخاوي السابق الإشارة إليها.
وفي فترة انتشار كتب "الطبقات"، شمل هذا النوع كل الفنون والعلوم الأطباء والحكماء والفقهاء والقراء والنحويون واللغويون والمفسرون والادباء والشعراء والصوفية. وإذا كان كتاب "الطبقات الكبرى" لابن سعد هو أول ما وصل الينا من هذا النوع من المشرق الإسلامي، فإن كتاب "طبقات الأطباء والحكماء" لابن جلجل الاندلسي المتوفي بعد سنة 377 ه/984م هو أول كتاب وصل إلينا في هذا الفن من المغرب الإسلامي.
وعادة ما تفيدنا هذه النوعية من الكتب في التعرف على بدايات كل فن أو علم منها وتطوره من خلال دراسة رجاله وما أضافوه لهذا العلم أو الفن. فكتب التراجم والطبقات هي السجل الحافل للأنشطة الثقافية والدينية والعلمية للأمة الإسلامية، بالإضافة إلى ما تمدنا به من معلومات عن الحياة الاقتصادية والاجتماعية من خلال العلاقات التي نستخرجها من مادة هذه التراجم.
وأحصى لنا حاجي خليفة في كتابه "كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون" اسماء الكتب المؤلفة في هذا الفن من عصره في أواسط القرن الثامن عشر الميلادي.
* كاتب وباحث مصري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.