طرأت مجموعة من التحولات الاقتصادية والاجتماعية على المجتمع المصري بدءاً من العقد السابع من هذا القرن تجسدت في تحول السياسات العامة للدولة والتوجهات الرئيسية الحاكمة لدورها ونشاطها، الى الاقتصاد الرأسمالي والتوجه الليبرالي والانفتاح على العالم الخارجي. ففي عام 1974 بدأت الدولة تخفف تدريجاً من الاعباء والادوار التي كانت تلتزم بها وتزامن ذلك مع الانتعاش النسبي للقطاع الخاص وتطبيق القانون الرقم 43/74 الخاص بالانفتاح الاقتصادي. وفي الثمانينات بدأ تطبيق سياسات الاصلاح المالي والاقتصادي والتحول نحو القطاع الخاص أو ما يسمى بالتخصيص. وفي التسعينات اتجهت خطوات وإجراءات الدولة نحو دعم القطاع الخاص والعمل على ايجاد كيانات اقتصادية جديدة تمثلت في ظهور جمعيات لرجال الاعمال والصناعة في القاهرة والمدن الصناعية الجديدة في السادس من اكتوبر والعاشر من رمضان والسادات والعبور وبدر والمحافظات المختلفة، كما ظهرت جمعيات لسيدات الاعمال في القاهرة وعدد من المحافظات بلغ عددها سبع جمعيات حتى الآن وزادت مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد القومي الى اكثر من 70 في المئة من الاستثمارات السنوية في الخطة الجديدة 99/2000، وبلغت مساهمته في اجمالي الناتج المحلي اكثر من 75 في المئة لتحقق بذلك ما يقرب من 200 بليون جنيه. ونتيجة لما سبق يطرق القطاع الخاص حالياً باب المصارف والمطارات والتأمين والاتصالات والنقل البحري والكهرباء بنسب متفاوتة، فضلاً عن مساهمته الاساسية في اقامة المشاريع العملاقة مثل توشكى وشرق بورسعيد وخليج السويس والعوينات وكلها مشاريع صناعية - زراعية تهدف في الاساس الى ايجاد مجتمعات جديدة وفرص عمل مختلفة ما يعني الانتقال من وادي الدلتا الضيق الى آفاق ارحب. وتبلغ الكلفة المبدئية المتوقعة لتلك المشاريع نحو 200 بليون جنيه يستأثر القطاع الخاص بالنسبة الاكبر منها أو نحو 150 بليوناً. ويستأثر القطاع المذكور بالنسبة الاكبر في غالبية المجالات والانشطة في البلاد، وذلك حسب خطة سنة 99/2000، اذ تقدر استثماراته في انشطة المقاولات المختلفة بنحو 7،1 بليون جنيه، تمثل نحو 85 في المئة من مجموع الاستثمارات في القطاع. اما بالنسبة للأنشطة الزراعية واستصلاح الاراضي والمزارع الداجنة والحيوانية قدر لها في 99/2000 استثمارات بنحو 9.6 بليون جنيه يسهم في تمويلها وتنفيذها القطاع الخاص بما يعادل 3،91 في المئة وبقيمة قدرها 3،2 بليون جنيه. ويبلغ حجم الاستثمارات التي يوجهها القطاع الخاص الى السياحة بنحو 6،4 بليون جنيه تمثل ما يقرب من 40 في المئة من استثمارات مجموعة الخدمات الانتاجية وما يزيد على 96 في المئة من مجموع الاستثمارات المخصصة للمشاريع السياحية خلال العام. ويأتي في المرتبة التالية قطاع النقل والاتصالات بوزن نسبي قدره 51 في المئة، اذ تقدر استثمارات القطاع الخاص في المجال خلال سنة 99/2000 بنحو 9،5 بليون جنيه تمثل نحو 4،62 في المئة من الاستثمارات القومية في انشطته والتي تقدر بنحو 5،9 بليون جنيه. وتم اخيرا تحويل هيئة المواصلات السلكية واللاسلكية الى اشراف القطاع الخاص وتعديل مسماها الى شركة، فضلا عما اتيح للقطاع الخاص من مجالات يمكن ان يستثمر فيها مدخرات تمثله في مشاريع الطرق والمطارات والخدمات الجوية. وبالنسبة الى استثمارات قطاع الاسكان والمباني العقارية ستصل الاستثمارات الى نحو 3،9 بليون جنيه، اذ ينفذ القطاع الخاص 99 من المئة من جملتها تمثل نحو 85 في المئة من اجمالي استثمارات قطاعات الخدمات الاجتماعية. ويهدف قطاع المرافق الذي كان تنفيذ مشاريعه مقصورا على الجهاز الحكومي حاليا الى المشاركة الخاصة بانشاء اول خط لمياه الشرب من نهر النيل عند المعادي - طريق القطامية ليغذي المنطقة الصناعية شمال خليج السويس بنظام "بي. او. تي" على النحو الذي يجري عليه العمل في محطات توليد الكهرباء. وتبلغ مساحة هذه المنطقة نحو 80 مليون متر مربع تستغلها اربع شركات استثمارية كبرى تتولى تنفيذ المرافق الداخلية. ونظراً الى تنامي دور القطاع الخاص في النشاط التنموي واتساع قدراته الاستثمارية في مجالات الاقتصاد المختلفة تهيأت الظروف المناسبة والمناخ الصحي لاستثمار مدخراته وتعظيمها ما انعكس على تصاعد مساهمته في تحقيق كل من الانتاج واجمالي الناتج المحلي، إذ بلغت مساهمته في تحقيق الانتاج نحو 8،68 في المئة في عام 96/97، وارتفعت الى نحو 7،72 في المئة في عام 98/99، ومن المتوقع ان يصل نصيبه عام 99/2000 الى نحو 9،73 في المئة. ويختلف الوزن النسبي لمساهمات القطاع الخاص في تحقيق الانتاج من قطاعات الاقتصاد القومي حسب التوجه الاستثماري لقراراته والتي تتم في ضوء السياسات العامة للتنمية والتي تضع في مقدم اولوياتها مضاعفة الصادرات السلعية من خلال تعظيم القدرة التنافسية للسلع المنتجة وتحسين خدمات الصادرات من اجل خفض النفقات. وفي مقدم هذه الاولويات ايضا تعزيز التبادل التجاري خصوصا مع دول المنطقة سواء المنطقة العربية او الافريقية من خلال الاسواق المشتركة والمناطق الحرة وإزالة الحواجز الجمركية خصوصا بعد انضمام مصر الى السوق المشتركة لدول شرق وجنوب افريقيا "الكوميسا"، والمتوقع ان يبلغ حجم تجارتها مع مصر بليون دولار خلال عام الخطة. ويتوقع ان يسهم القطاع الخاص في تحقيق 8،72 في المئة من قيمة الانتاج بقيمة قدرها نحو 1،353 بليون جنيه محققا نموا يبلغ معدله 3،8 في المئة عن انتاجه المتوقع عام 98/99 والمقدرة قيمته بنحو 326 بليون جنيه بحيث ينمو انتاج المجموعة السلعية بمعدل 1،9 في المئة لترتفع قيمته بنحو 1،18 بليون جنيه، وينمو انتاج الخدمات الانتاجية بمعدل 9،7 في المئة عن مستواها المتوقع عام 98/99 ويشكل نحو 3،7 بليون جنيه. وينمو انتاج الخدمات الاجتماعية بمعدل 9،4 في المئة بقيمة قدرها 7،1 بليون جنيه. وبالنسبة الى مساهمة القطاع الخاص في اجمالي الناتج المحلي الاجمالي يقدر ان يسهم القطاع الخاص سنة 99/2000 بتحقيق ما يعادل 7،74 في المئة من اجمالي الناتج المحلي البالغ قدره 6،286 بليون جنيه وتقدر تلك المساهمة بنحو 9،213 بليون جنيه من استثماراته المتراكمة على مدى الأعوام السابقة وبزيادة قدرها 3،15 بليون على الناتج المتوقع ان يحققه خلال عام 98/99 وبمعدل نمو 7،7 في المئة. ومن المقدر ان يتحقق 5،53 في المئة من جملة ناتجة من القطاعات السلعية بما قيمته نحو 4،114 بليون جنيه، ومحققاً نمواً فيها تقدر نسبته بنحو 1،8 في المئة. وستسهم الخدمات الانتاجية سنة 99/2000 بقيمة قدرها 4،72 بليون جنيه تشكل نحو 9،23 في المئة من جملة ناتج القطاع الخاص بزيادة قدرها 3،5 بليون جنيه عن ناتجها المتوقع عام 98/99 المقدر بنحو 1،67 بليون جنيه، بينما يشارك بناتجه من الخدمات الاجتماعية بما يعادل نحو 7،12 في المئة من جملة الناتج المقدر له 1،27 بليون جنيه وبمعدل نمو قدره 5،5 في المئة. ويمثل القطاع الخاص الزبون الرئيسي للقطاع المصرفي لجهة الايداع والائتمان وبالتالي فإن نجاح القطاع المصرفي مرهون بنجاح القطاع الخاص. وبلغت ودائع القطاع الخاص 86،35 بليون جنيه، للاستثمار في مجالات التنمية المختلفة. ويتضمن رصيد الايداع 08،129 بليون جنيه ودائع عائلية وهي في النهاية ودائع للقطاع الخاص وهذا يعني ان لهذا القطاع فائضاً كبيراً في موازنة الايداع والائتمان بينما تراجعت حصة القطاع العام في الايداع والاستثمار 32،17 بليون ايداع و13،29 بليون استثمار. ورغم الاستثمارات الهائلة التي يقوم بها القطاع الخاص الا انه لا يحمل الاقتصاد الوطني اية اعباء خارجية ورصيده من الدين الخارجي لا يتجاوز 200 مليون جنيه عام 96/97 وارتفعت الى 440 مليوناً عام 97/98، علما ان القروض التي حصلت عليها شركتا التليفون المحمول "موبينيل" و"مصرفون" لا تمثل قروضا على شركات مصرية بل على شركات اجنبية تساهم في هذه الشركات. ويرى الخبراء ان القطاع الخاص المصري قطاع رأسمالي يتعامل في مشاريع استثمارية بأنشطة مختلفة ويعتمد اساسا على قروض البنوك، اذ تمثل موارده الذاتية نسبة ضئيلة من إجمالي التحويل. وتؤكد الاحصاءات ان القطاع الخاص استأثر بالجانب الأكبر من الائتمان المقدم من البنوك، اذ حصل على 6،13 بليون جنيه خلال النصف الاول من العام المالي 98/1999 لتصل مديونيته تجاه البنوك الى 126 بليون جنيه تمثل 53 في المئة من الائتمان المحلي. وتعتمد الحكومة المصرية على القطاع الخاص لانجاز خطة طموح لتعظيم الصادرات المصرية والوصول بها الى 10 بلايين دولار سنويا سنة 2001 مقابل 1،5 بليون دولار حالياً. ويولي القطاع الخاص هذه القضية اهتماماً بالغاً عن طريق تبني البرامج والاهداف التي من شأنها تحفيز الجهود في قطاعات الدولة ومجتمع الاعمال. ومن المسؤوليات الملقاة على عاتق القطاع الخاص حيال عملية تنمية الصادرات الاهتمام والالتزام بالمواصفات التي تشترطها الدول المستوردة، وايضا الاهتمام بأساليب التعبئة والتغليف والحفظ، ومن المفيد التعرف على ما يقوم به المنافسون الذين احتلوا مكانات وأوضاعا تنافسية متقدمة في الاسواق العالمية لجهة الالتزام بالجودة والاستفادة من تجاربهم الناجحة في هذه الاسواق. وفي اطار اهتمام الدولة بالقطاع الخاص وتشجيعه صدر خلال عام واحد 1998 13 قانونا تهدف الى استكمال البنية القانونية الاساسية التي تسمح للقطاع الخاص بمزيد من التحرر والدخول في مجالات كانت حكرا على القطاع العام ومنها القانون رقم 1 لسنة 98 في شأن تعديل بعض احكام القانون رقم 12 لسنة 64 لإنشاء المؤسسة العامة للنقل البحري. واجاز القانون للأشخاص الطبيعيين والمعنويين مزاولة اعمال النقل البحري والقانون رقم 3 لسنة 98 بتعديل احكام قانون الشركات المساهمة وشركات التوصية، القانون رقم 5 بتعديل بعض احكام الضرائب على الدخل، قانون تحويل الهيئة القومية للاتصالات الى شركة مساهمة مصرية، وقانون رقم 22 باضافة مادة الى قانون الموانئ يجيز لمجلس الوزراء منح التزامات المرافق الى المستثمرين المصريين والاجانب لانشاء موانئ وادارتها واستغلالها، وقانون المناقصات الجديد الرقم 155 لسنة 98 بتنظيم مساهمة القطاع الخاص في رأس مال البنوك العامة وقانون الرقم 161 لسنة 98 في شأن حماية الاقتصاد القومي من الدعم والاغراق من الزيادة المتاحة من الواردات.