بسطت الميليشيات الموالية لأندونيسيا سيطرتها على العديد من البلدات في تيمور الشرقية حيث مارست أعمال عنف ونشرت الخوف في العاصمة ديلي الامر الذي دفع سكان تيمور الشرقية والاجانب الى النزوح فيما أجلى موظفو الاممالمتحدة عن بعض المناطق الأشد اضطراباً. جاكارتا، ديلي، سيدني - دبا، أ ف ب - قال مسؤولون في الأممالمتحدة أمس الجمعة إن القوات شبه العسكرية يساندها مسؤولون في الحكومة المحلية، بسطت سيطرتها على الشوارع في البلدات الرئيسية كافة في المنطقة الغربية للاقليم، ومنها بلدات سواي وماليانا وباليبو وجلينو. وأضاف المسؤولون ان ما لا يقل عن أربعة من العاملين في الاممالمتحدة قتلوا على أيدي الميليشيات هذا الاسبوع ولا يزال ستة أشخاص في عداد المفقودين امس. وفرضت مجموعة من الغوغاء اول من أمس، حصاراً حول مجمع تابع للأمم المتحدة في ماليانا وتم إحراق منازل، كما أجبروا العاملين في الاممالمتحدة على مغادرة الموقع. وأدى انهيار القانون والنظام وفشل قوات الامن الاندونيسية في اتخاذ إجراءات صارمة ضد الميليشيات إلى حدوث نزوح جماعي ورحيل كل الصحافيين الاجانب والمحليين الذين كانوا يقومون بتغطية أنباء الاستفتاء الذي أجرى الاثنين الماضي بشأن تقرير المصير لتيمور الشرقية. وتشير أنباء إلى اعتزام إندونيسيا القيام بإجلاء جماعي إذا جاءت نتائج الاستفتاء لمصلحة استقلال تيمور الشرقية عن أندونيسيا، الأمر الذي قد يؤدي إلى اندلاع حرب أهلية شاملة. وقال وزير العدل الاندونيسي إنه يتوقع أن يلوذ بالفرار 200 ألف شخص، ما يمثل 25 في المئة تقريبا من سكان الاقليم، إذا جاءت نتيجة الاستفتاء لمصلحة الاستقلال بدلاً من الحكم الذاتي في ظل اندونيسيا. وذكرت وكالة الانباء الاندونيسية الرسمية أنتارا أن القائد العام للقوات المسلحة الاندونيسية الجنرال ويرانتو، قال إن وزير الخارجية على العطاس أبلغه أن نتائج الاستفتاء ستعلن اليوم السبت. وقال ان كتيبتين أخريين من القوات الاندونيسية جاهزتان للانتشار في تيمور الشرقية للعمل على إحلال النظام. وفي جاكارتا، نظم حوالي أربعين من الطلبة من تيمور الشرقية مسيرة احتجاج أمام وزارة تنسيق السياسة والامن. وطالبوا بانتشار قوات حفظ سلام تابعة للامم المتحدة على الفور. وأعدت استراليا قوات حفظ سلام دولية في الوقت الذي تتعالى الاصوات في العالم مطالبة بالتدخل في تيمور الشرقية للحيلولة دون وقوع المذابح التي يخشاها الكثيرون، في أعقاب إعلان نتيجة الاستفتاء والذي من المنتظر أن يسفر عن تأييد غالبية سكان الاقليم للاستقلال عن إندونيسيا. وكان الاقبال الهائل على الاقتراع الذي جرى الاثنين الماضي والذي شهد تدفق حوالي 99 في المئة من الناخبين المسجلين والبالغ عددهم 450 ألفاً، حدا بمسؤولي الحكومة الاندونيسية إلى الاذعان بأن المستعمرة البرتغالية السابقة سوف تختار مصيرها بنفسها بعد 24 عاماً من الحكم الاندونيسي. وكان ديفيد ويمهرست الناطق باسم بعثة الاممالمتحدة في تيمور الشرقية تعهد أن تستمر عمليات فرز الاصوات وأنه لن يجري أي خفض لوجود الاممالمتحدة بالاقليم. وقال ويمهرست لاذاعة "إي. بي.سي" الاسترالية: "اننا نقوم بنشر المزيد من قوات الشرطة المدنية والمزيد من المراقبين العسكريين وبعدما يتم نشر كل الوافدين ويرحل من يتعين رحيلهم ، تستقر البعثة على حجم أكبر مما كانت عليه عند بدء تلك العملية". وتدهور الوضع الامني في تيمور الشرقية امس وسط تأكيدات ان شخصين آخرين من العاملين في الاممالمتحدة قتلا في بلدة ماليانا جنوب غربي تيمور الشرقية اول من امس، في أعمال العنف التي تقوم بها الميليشيات الموالية لاندونيسيا. وقال ويمهرست: "حقيقة الامر، أننا أمام وضع أمني خطير في تيمور الشرقية". وأضاف أن "العاملين المحليين الذين لقوا مصرعهم كانوا يقيمون بمنزل قريب للغاية من المجمع الذي نقيم فيه. ولا أحد يقيم بالمجمع الآن. فقد توجهوا جميعاً إلى قسم الشرطة". وأشعل رجال الميليشيات النيران في ما لا يقل عن 20 منزلاً في بلدة ماليانا في الوقت الذي تعرض فيه المجمع الذي يضم مكاتب بعثة الاممالمتحدة لحصار. وقام لواء من الشرطة الاندونيسية بتأمين مكتب الاممالمتحدة في وقت متأخر اول من أمس ، بعد إطلاق النار من أسلحة آلية لتفريق الميليشيات. ولم ترد أي أنباء عن حدوث إصابات أو وقوع ضحايا بين أفراد هذه الميليشيات. وأصبح خمسة آخرون من أبناء تيمور الشرقية العاملين مع الاممالمتحدة في عداد المفقودين وثمة مخاوف كبيرة على حياتهم. وأكد ويمهرست مصرع موظف محلي من العاملين مع بعثة الاممالمتحدة في بلدة أتساباي الجنوبية. وكان أفراد من الميليشيات قد قاموا باختطافه الاثنين الماضي مع زميل أخرله، في أعقاب وقوع صدامات عنيفة خارج البلدة التي تعرض فيها فرد ثالث من العاملين بالاممالمتحدة للطعن ولفظ أنفاسه الاخيرة إثر ذلك. وأشعل أفراد من الميليشيات النيران في ثلاثين منزلاً ليل الخميس - الجمعة بمنطقة ليكيكا التي تقع غربي الاقليم على بعد 35 كيلومتراً غرب العاصمة ديلي. وفي بلدة سواي الجنوبية الغربية، تجمع ما يقرب من 2400 شخص من الفارين خوفاً من أعمال العنف التي تقوم بها الميليشيات الموالية لاندونيسيا، في أرض تابعة لإحدى الكنائس المحلية التي أحاطت بها الميليشيات أيضا. ويواصل الغوغاء من الميليشيا عمليات البحث من منزل لآخر في بيكورا عن المشتبه في كونهم من أنصار الاستقلال. وبدأت اللجنة الانتخابية المستقلة التابعة للأمم المتحدة اجتماعها امس للاستماع للشكاوى التي تقدمت بها جماعة الجبهة المتحدة في تيمور الشرقية بشأن ما زعم أنه مخالفات شابت عملية الاقتراع. وصرح جامشيد ماركر المبعوث الخاص للامم المتحدة لتيمور الشرقية في أعقاب لقاءات رفيعة المستوى في جاكارتا بأنه لم يتم بعد اتخاذ قرار بشأن تقديم جدول نشر قوات حفظ سلام في تيمور الشرقية، لكنه أضاف أنه ثمة دلائل تشير إلى أن إندونيسيا ربما توافق على مثل هذا الاجراء. وقال وزير العدل الاندونيسي، وهو أحد أقرب المستشارين للرئيس الاندونيسي يوسف حبيبي، إن النشر المبكر لقوات حفظ سلام "ربما يكون بديلاً" للانتظار حتى تشرين الاول اكتوبر أو أوائل تشرين الثاني نوفمبر المقبلين، موعد مصادقة البرلمان الاندونيسي على نتيجة الاستفتاء.