إن كان المغرب سجل بعض التأخر النسبي في حملته الدعائية لاستضافة نهائيات مونديال 2006، قياساً بانكلترا والمانيا وجنوب افريقيا، فإنه دخل منذ اشهر سباقاً رهيباً ضد الزمن لتدارك هذا التأخير، ولو انه يبدو في العمق غير ذي مفعول، لاعتبار اساسي، هو ان المغرب احترم الجدولة الزمنية المحددة من الفيفا لتقديم الترشيحات ثم تأكيدها بعد ذلك بالتزامات وتعهدات مبصوم عليها. وفتح المغرب واجهات كثيرة وورشات للحوار، للإقناع وكذلك لإغناء ملفه الترشيحي الذي بدا مختلفاً عن الملفين السابقين. والإختلاف هنا، هو في نوعية وخصوصية الظرف، فالمغرب لم ينطلق في ترشيحه هذه المرة، سوى من خيار يبدو انه الأقرب الى فكر الاتحاد الدولي، ألا وهو إعمال مبدأ التناوب في استضافة كأس العالم، ومنح القارة الإفريقية فرصة تنظيم هذا الحدث الكوني، بعد ان تكون آسياً قد نظمته عام 2002. الا ان ما يجعل الصورة الآن مشوشة هو ترشيح المغرب وجنوب افريقيا معاً. ولعل المنطلق الدولي في بداية الأمر كان يرتكز على ترشيح وحيد لجنوب افريقيا، الا ان دخول المغرب دائرة السباق، احتراماً لخصوصيات تاريخية، اربك كل الحسابات، فقد كان هو اول من أراد تكسير الثنائية الأورو - أميركية في استضافة المونديال، وقاد من اجل ذلك حملتين، الأولى خسرها امام الولاياتالمتحدة والثانية امام فرنسا. ولا يبدو انه على استعداد للتنازل عن حق يراه مشروعاً، إن حصل فعلاً الاتفاق على منح القارة الافريقية حق الترشيح. اختلاف ملف الترشيح المغربي عن الملفين السابقين، يكمن على الخصوص فيما انجزه المغرب على مستويات اقتصادية كثيرة من وثبات عملاقة، يواكبها مناخ سياسي صحي، واستقرار على جميع المستويات. الا ان ما ظل يشكل الثغرة الكبيرة في ملف المغرب، هو قصور البنيات التحتية من ملاعب وتجهيزات رياضية. فعلى أرض الواقع لا يملك المغرب سوى 4 ملاعب هي الاخرى في حاجة الى استكمال وتحديث، في حين تظل الحاجة ماسة الى 6 ملاعب. وقد عهدت الحكومة المغربية الى مختلف القطاعات المتصلة بالتجهيز والإعمار الى الانكباب فوراً على هذا الموضوع لمعالجة النقص، وأقامت وزارة الشباب والرياضة مباراة لأفضل التصاميم الهندسية لهذه الملاعب الستة. وفعلاً تم انتقاء الأفضل. ولأن الملك محمد السادس، يدعم مسعى المغرب لتنظيم نهائيات كأس العالم لعام 2006، لأنه يرى فيه تحدياً جديداً لكسب رهان التنمية الشاملة، فقد أعطى اوامره لوزيري الاقتصاد والمالية، والشباب والرياضة لتحديث البنيات الرياضية والفندقية، ما يعني ان المغرب قيادة وحكومة، يجعل من ترشيحه مناسبة لتسريع وتيرة التنمية في مجالين يكسبانه عطف العالم وتقديره، وهما المجال السياسي والمجال الرياضي. وادريس بنهيمة المندوب السامي لترشيح المغرب لمونديال 2006 اكد في برنامج "حوار" الذي تبثه القناة الاولى للتلفزة المغربية شهرياً، ان المغرب حريص على أناقة ملفه، وحريص اكثر على ان يقوم هذا الملف على اعتبارات ملموسة، وأعاد التذكير بما يتيحه المغرب من خلال موقعه الجغرافي الاستراتيجي، ومن خلال تقاليده العريقة في كرم الضيافة ومن خلال تراكم تجاربه في مجال تنظيم كبريات التظاهرات، ومن خلال حرصه على اشاعة ثقافة السلام، من فرص ذهبية لإنجاح اول كأس عالمية تقام على ارض افريقية. وسيكون على المغرب من الآن وحتى تموز يوليو المقبل، تاريخ الاعلان عن البلد المستضيف لمونديال 2006، ان يبذل جهوداً كبيرة لاقناع صناع القرار بثقل ملفه وجاذبيته وعمقه، خاصة ان كثيرين منهم انجذبوا في وقت سابق لجنوب افريقيا.