يطرح المخرج السينمائي الشاب "أحمد رشوان" في فيلمه التسجيلي الثاني "جوه البشر" إمكان الانتصار على الخوف والإحباط بالغناء. ذلك عندما يقدم - على مدى 18 دقيقة - نموذجاً لكورال من أطفال من الصعيد خرجوا من بيوتهم المشيدة بالطمي والاخشاب ليغنوا أمام العالم ما سبق أن غناه سيد درويش والشيخ إمام "وهما صاحبا الموسيقى التصويرية لأحداث مصر السياسية والاجتماعية خلال القرن المنصرم". تنقل رشوان بكاميرته الصريحة الى درجة الفزع بين مفردات البيئة التي انطلق منها صوت الاطفال، تباطأ عند رصد التركيبة النفسية لهؤلاء الاطفال علاقتهم بالموسيقى وطموحاتهم الشخصية في هذا المجال. وبإيقاع أسرع رصد المفردات الموجودة في إطار الصورة العامة للأطفال البنادق، رجال الأمن، زحام القاهرة، البيوت الفقيرة، الآلات الموسيقية البسيطة والقليلة. وكان حريصاً على أن يكون المونتاج متوازياً بين الاثنين، فكان يربط بين صوت غناء الأطفال وبين لهوهم وسط المزارع والماشية وسيارات الأمن المركزي، ليصبح كل شيء داخل الصورة مغنىً. استخدم "رشوان" اسلوباً سينمائياً بسيطاً يليق برقة الفكرة، وكان موفقاًَ في اختيار العمود الفقري لأحداث الفيلم والذي تمثل في شفافية الراهبة التي كانت تدرب الكورال وتختار أفراده بعناية بعد اقتناع أهاليهم بالموافقة على احتراف ابنائهم الغناء والسفر مع الكورال حول العالم، ورغم أن أصحاب الفضل في نجاح هذا الكورال كثيرون إلا أن رشوان اختار "برؤيته السينمائية المتميزة - هذا الوجه كدلالة ذات معنى قوي على سمو ورقي ما ينجزه هذا الكورال وسط صخب هذه الأيام. رؤية متميزة ولغة سينمائية راقية كانت وراء اختيار هذا الفيلم ليمثل مصر في عدة مهرجانات دولية، وكانت وراء فوزه بجائزة لجنة التحكيم الخاصة في الدورة الأخيرة لمهرجان القاهرة للأفلام الروائية. والفيلم من إنتاج المركز القومي للسينما وأدار تصويره ممدوح قطب وسمير جبر، أما موسيقى الفيلم المتميزة فكانت لحسام فكري.