انتشرت في الرياض الكثير من المتاجر التي تحمل اسماء الصحف السعودية وبعض المطبوعات والمحطات الاذاعية والتلفزيونية العربية. وليس هذا فحسب، بل ان اصحاب هذه المحال استولوا على الشعارات الخاصة بهذه الوسائل الاعلامية، الاسم، نفسه، الشعار نفسه، الخط نفسه، حتى ان المواطن يحسّ ان هذه المحال، ماهي الا وكيل اعلاني لهذه المؤسسات الاعلامية، او على أ قل تقدير مكاتب تمثيل، لكنه يفاجأ وهو يدخل المحل الذي وضعت عليه لوحة كتب عليها "الحياة" بالخط نفسه والشعار الذي يفترض ان يكون حكراً على جريدة "الحياة" وهو يبيع "الآيس كريم" وكان يعتقد انه في جريدة "الحياة".. في شارع آخر من شوارع الرياض تصادفك لوحه كتب عليها بخط واضح وكبير: LBC واذا كنت من عشاق "هيفاء" ومتابعي برنامج "الليلة ليلتك" فلا بد ان تتوقف امام المحل خاصة اذا كنت دون الخامسة والعشرين من العمر على أمل ان تحصل على توقيع من احدى حسناوات ال LBC لكنك وما ان تدلف إلى المحل، حتى تكتشف انك في صالون حلاقة، تتذكر انك قرأت الاسم جيداً، وسرعان ما تغادر المحل.. تقف في الخارج.. تتاكد من اللوحة، فتجد تحتها كلمة "حلاق" بخط صغير في الزاوية اليمنى للوحة، وتقرأها من جديد "حلاق LBC"، فتفقد الامل في الحصول على توقيع "هيفاء".. تترك شارع الامير بندر بن عبدالعزيز المؤدي الى استاد الملك فهد شرق الرياض وتتجه الى الغرب وانت تحاول نسيان ما حدث، في شارع عبادة بن الصامت، فيتجدد املك في الحصول على توقيع، ولكن ليس توقيع هيفاء هذه المرة فأنت امام MBC. تتوقف، تعيد الكلام الذي ستقوله بينك وبين نفسك، وعند المدخل يصادفك رجل يحمل طفلاً لم يتجاوز الثالثة من عمره وهو يبكي، تتذكر ان حسناوات MBC لطيفات في التعامل، اذن لماذا يبكي هذا الطفل؟! تتراجع قليلاً تعيد قراءة اللوحة التي رفعت عند المكان فتجدها أنها: حلاق MBC قسم خاص بالاطفال.. مثل هذه الاسماء لم تكن منتشرة في السعودية سابقاً، ولكن مع تزايد المطبوعات التي تهتم بالشعر الشعبي المجلات الشعبية وتزايد الطلب على هذه المجلات، ابتكر اصحاب المحال الصغيرة طريقة لاستغلال "جماهيرية" هذه المجلات، من خلال اطلاق اسماء تلك المجلات على محالهم، وانتشرت حوانيت الفول والطعمية والكبدة التي تحمل اسماء المطبوعات، واصبحت مع الوقت ترى محلاً لاصلاح اطارات السيارة، يحمل اسم وشعار جريدة يومية، ومحلاً - آخر - لتغيير الزيوت يحمل اسم وشعار مجلة اسبوعية. وبعد ان انتهت اسماء المطبوعات العربية، اصبحت ترى محلاً للخياطة الرجالية يحمل اسم "خياط الادباء" او متجراً صغيراً لبيع مواد البناء كتب على لوحته "متجر الشعراء". وقد لا تصدق ان هناك دكان بدائياً صغيراً لبيع الدجاج البلدي، اسمه "امبر اطور الدجاج"... على ان الامر لم يعد يقتصر على المتاجر والمحال الصغيرة، فهناك مراكز تجارية كبيرة، بدأت تنتهج الاسلوب نفسهم، كما في مدينة "الخبر" حيث اطلق اسم جريدة "الحياة" على مجمع تجاري ضخم.. كان اصحاب المجلات الشعبية وما زالوا يفتخرون بالمحال التي تحمل اسماء مطبوعاتهم بالخط نفسه والشعار وهذا ليس غريباً على مجلات تسعى للانتشار. ولكن ما الذي يجعل مؤسسات اعلامية كبيرة ترضى بالأمر؟ والسؤال الاهم هو: لماذا يحدث هذا؟! على ان كل الاجابات التي حصلنا عليها لم تكن مقنعة، فبعض اصحاب هذه المحال يعزون تسميتهم لمتاجرهم على اسم "مطبوعة" تبعاً لحبهم لهذه المطبوعة، والبعض الآخر اعترف ضمناً بانه اختار الاسم لجذب المزيد من الزبائن... سرقة اسماء المطبوعات او بلهجة اقل حدة اقتباس اسماء وشعارات المطبوعات والمؤسسات الاعلامية امر آخذ في الانتشار، وقد يكون وراء ذلك مرونة النظم والقوانين التجارية في السعودية. أحد اصحاب المطاعم السريعة، والذي يحمل مطعمه اسم صحيفة سعودية، قال ان اختياره للاسم جاء لانه أي صاحب المطعم يعمل محرراً متعاوناً مع الجريدة التي اختار اسمها لمطعمه..! وربما أدرك اصحاب هذه المحال الصغيرة قبل غير هم، انّ لا بدّ مع التطور التكنولوجي المتسارع، من ان تتحول جميع وسائل الاعلام الى مطاعم لبيع "الفلافل" و "الفول" و "البيض المسلوق" وسواها.