يحتاج تجار في لبنان الى نحو شهر للحكم على نتائج شهر التسوّق والسياحة الذي انطلق في الاول من آب اغسطس الجاري، وبالتالي لمعرفة مدى انعكاسه على تفعيل الحركة التجارية بعد ركود طال، وبعدما دقّ القطاع التجاري ناقوس الخطر. إلا أن آخرين رأوا أن بوسعهم الحكم على النتائج منذ الايام الاولى لانطلاق المهرجان الذي يستمر حتى 15 ايلول سبتمبر المقبل، فاعتبروا انّ الموسم السنة الجارية افضل من العام الماضي. الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي يعيشه المواطن اللبناني دفعه الى الاحجام عن شراء الاّ ما هو ضروري من الحاجات، ما انعكس ركوداً على الاسواق التجارية. ووجد التجار شهر التسوّق، اي شهر الحسومات، فسحة امل لتحريك العجلة وترغيب المستهلك في شراء ما يريده باسعار معقولة. غير أن هذا الرأي لا يوافق عليه البعض الذين يعتبرون ان هذا التوقيت لا يناسب وكانوا يفضّلون ان ينطلق الموسم من بدايته الطبيعية والتقليدية وهي الاول من تموز يوليو، لأنّ المستهلك يرغب في الاستفادة من الحسومات بداية الصيف لا منتصفه. ولاحظ تجار حضوراً خجولاً للسياح في لبنان لم يتعدّ نسبة ال20 في المئة من اجمالي المتسوقين. ولاستكمال مواصفات شهر التسوق وتوفيرالحوافز لجذب المشترين، نظّم عدد من جمعيات التجار في بعض الاسواق مهرجانات محلية ونشاطات ترفيهية وجوائز قيّمة من سحوبات على قسائم شرائية. وقامت "الحياة" بجولة على الاسواق واستطلعت ارآء عدد من اصحاب المحال التجارية حول الحركة، فقال صاحب محل احذية ازدحم فعلاً انّ "المبيعات جيّدة جداً. والموسم افضل من الموسم العام الماضي، سيما ان نشاطنا استمر اشهراً عدة. فيما لم نعمل هذه السنة الاّ خلال شهر واحد وهو آب". واكدت موظفة في محل للاولاد ان "المبيعات جيدة، مع العلم ان الحسومات تتفاوت بين 20 و30 في المئة". وقال موظف في احد المراكز التجارية الكبيرة ان"الحركة نشطة، والاسعار مقبولة". فيما قال احد المتسوقين "لم نأتِ لكي نشتري بل لنتفرج. اذ ليس في مقدورنا فتح الباب للتبضع ولو كانت الاسعار محسومة". واتصلت "الحياة" برؤساء جمعيات التجار في معظم المناطق اللبنانية فتفاوتت آراؤهم بين متفائل بالموسم ومتشائم. فمنهم من اعتبر ان الحركة انتعشت وآخرون فضلوا الانتظار الى نهاية الموسم. ولكن ما يجمع هؤلاء ازمة التيار الكهربائي سيما ان شهر التسوق يحتاج الى كل فترة الدوام، لافساح الوقت الكافي للتبضع امام المتسوقين. ويبدو ان سوقي الزلقا ومار الياس التجاريتين هما الاكثر حيوية وازدحاماً نظراً الى النشاطات الترفيهية والخدمات الاضافية التي نظّمتها جمعيتا التجار فيهما، فضلاً عن الخفوضات التي حوّلت الاسعار الى معقولة بحسب ما قال عدد من اصحاب المحال. واكّد رئيس جمعية تجار الزلقا فيليب سمراني ان "الحركة جيدة جداً والمبيعات نشطة وهي افضل من العام الماضي". واعتبر ان "التوقيت جيد" مؤكداً حدوث "نسبة تحسن كبيرة". واشار الى ان "الجمعية بالتعاون مع المؤسسات تنظّم سحوبات على جوائز قيمة وفورية واخرى يتم سحبها في نهاية مهرجان التسوق". ووصف رئيس جمعية تجار مار الياس السيد عدنان فاكهاني الحركة التجارية ب "الممتازة، بعد الجمود الطويل الذي شهدته السوق. والناس ينتظرون شهر الحسومات ليشتروا ما يحتاجون اليه، فضلاً عن ان التجار يريدون التخلّص من المخزون". واعتبر ان "الاسعار معقولة جداً". وعن السياح، قال فاكهاني ان "عددهم قليل ويشكلون نسبة 15 في المئة فقط". ورأى ان "الحركة السنة الجارية افضل من العام الماضي" مشدّداً على "ضرورة تثبيت تواريخ مهرجانات التسوق بحيث يحدد صيفاً من اول آب حتى منتصف ايلول وشتاء خلال شهري شباط فبراير وآذار مارس". وافاد ان "غالبية جمعيات التجار اختارت هذا التوقيت". وفي حين شهدت منطقة زحلة حركة كثيفة، استمرت شبه حال جمود في طرابلس. وقال رئيس جمعية التجار في زحلة السيد ايلي شلهوب انها "تطورت بنسبة تفاوتت بين 60 و70 في المئة عن الاشهر السابقة". واشار الى ان "عدد السياح قليل ويشكلون نسبة واحد الى 2 في المئة من اجمالي عدد الزبائن". واعتبر ان "الحركة التجارية في هذا الموسم افضل من العام الماضي سيما انها تواكب فصل الصيف الذي يعتبر من الاشهر النشطة ويعتمد عليها اكثر من كانون الثاني يناير وشباط". اما رئيس جمعية تجار طرابلس السيد عصمت هلال فاعتبر ان "الحركة لم تسجّل تحسناً الاّ بنسبة عشرة في المئة". وقال ان "سوق طرابلس لا يقصدها الاّ ابناؤها، فلا مغتربين ولا اخوان عرباً". وفيما رأى رئيس جمعية تجار فرن الشباك السيد سمير نعمة ان "توقيت مهرجان التسوق في اول آب سيئ"، ورئيس جمعية تجار فردان السيد ريمون نحاس ان "التوقيت في الربيع افضل"، قال المستشار في جمعية تجار الاشرفية السيد سهيل متني "لا يمكن البحث في هذا الموضوع الآن او معرفة نتائج هذا التوقيت الا ّبعد 15 ايلول تاريخ انتهاء شهر التسوق. اذ سنناقش هذا الامر لنخرج بتقويم عنه". وبرر نعمة تحفظه بالقول "لا يجوز الخلط بين حسومات الاوكازيون الذي يبدأ في تموز، وهو بداية فصل الصيف حيث يقبل الناس على شراء حاجاتهم منذ بداية الموسم. وكان من الاجدى البدء بالاوكازيون في موعده الطبيعي واستكماله بشهر التسوق والسياحة". ولم ينفِ تحرك السوق بعد ركود وقال "لكن الوضع في العام الماضي كان افضل، اذ لم يشهد حدثاً امنياً كما حصل السنة الجارية، وما زاد الطين بلة الاعتداء الاسرائيلي الذي انعكس سلباً على الوضع الاقتصادي والسياحي" مشيراً الى ان "عدد السياح خجول، وكنا نتوقع عدداً اكبر". وقال متني ان "الحركة تحسنت، ومن المبكر معرفة معدل هذا التحسن. اذ يستلزم مدة لا تقل عن اسبوعين". اما الحركة في سوق فردان، وحسب نحاس، "فلا تزال راكدة" معتبراً ان "الحركة كانت افضل العام الماضي". وعزا السبب الى "سفر اللبنانيين او وجودهم في مناطق الجبل فضلاً عن ان عدد السياح قليل". وقال "على رغم كل ذلك نشطت الحركة بعض الشيء". وفيما تشابهت الاسواق في اوضاعها وتوافقت ارآء رؤساء جمعياتها على حركة السوق وتوقيت التسوق، اختلف وضع سوق برج حمود كلياً، وهو المعروف بازدحامه، فخلا من الزبون الغريب عن اهل المنطقة، وهو يعاني هذا الوضع منذ امد طويل بسبب الاشغال في الطرق والحفريات الناجمة عنها. وسبب ذلك "قطع" ارزاق بعض التجار واضطر بعضهم الآخر الى اقفال محاله. "ولذا فان نصيب هذه السوق من شهر التسوق منعدم"، واضاف رئيس جمعية التجار في سوق برج حمود السيد بول ايانيان يقول: "لا حركة في هذه السوق منذ مدة طويلة جداً. ولم تكفنا الحفريات حتى أتت الروائح الكريهة المنبعثة من نهر بيروت لتقضي على ما تبقى من السوق". وتابع يقول: "كل هذه العوامل جعل من سوق برج حمود معزولة لا يزورها الاّ سكانها". واعطى انطباعه العام عن الحركة فقال "سجلت بعض التحسن وبلغت نسبته نحو 30 في المئة". واشار الى ان "عدد السياح لا يشكل سوى 20 في المئة من اجمالي الزبائن، فالغالبية من اللبنانيين".