عندما خسر الهلال السعودي أمام الأهلي المصري 1-2 في نصف نهائي كأس الأندية العربية الأبطال في القاهرة عام 1996، ألقت الصحافة السعودية مسؤولية الهزيمة على الحكم الدولي السوري الشهير جمال الشريف، بدعوى قيامه بطرد اثنين من لاعبي الهلال، وتناسى الجميع تفوق الأهلي الفني والبدني والخططي. مرت الأعوام وخسر منتخب مصر أمام نظيره السعودي 1-5 في الدور الأول لبطولة القارات في المكسيك عام 1999، وألقت الصحافة المصرية مسؤولية الهزيمة على الحكم الدولي الباراغواني اوبالدو اكينو، بدعوى قيامه بطرد ثلاثة من لاعبي مصر، وتناسى الجميع أيضاً تفوق المنتخب السعودي فنياً وبدنياً وخططياً. وفي كل مرة أشاد الطرف الفائز بالحكم. هذا هو حال الصحافة العربية مع التحكيم. الفائز يراه ممتازاً، والخاسر يعتبره فاسداً وظالماً. ولا يعترف المهزوم أبداً بأخطائه، ولكنه يبحث دائماً عن شماعة، ويجدها في الحكم، ويخترع له الأخطاء. والحقيقة المؤكدة أن الحكم بشر، وأنه معرض للخطأ، ولكنه لا يتعمد يوماً الخطأ، ولا يتسبب أبداً في فوز فريق ضعيف على فريق قوي. والمتابعة العادلة لقرارات الحكم البارغواني اوبالدو اكينو في مباراة السعودية ومصر تكشف حجم عدالة وكفاءة هذا الحكم الشجاع الذي احتسب خمس ركلات جزاء في مباراة كولومبيا والارجنتين في كوبا اميركا. القرار الأول للحكم اكينو كان انذار نواف التمياط لاعب السعودية لتعمده الخشونة في واقعة يمكن لكثير من الحكام الاكتفاء باحتساب الخطأ. القرار الثاني للحكم كان طرد عبد الستار صبري لاعب مصر لتعمده ضرب صالح الداود بالكوع في صدره، ولم ير اكينو الواقعة، واخبره بها المساعد، ولم يتردد في طرده. القرار الثالث كان انذار حازم إمام للاعتراض بشكل صارخ على قرار عادي باحتساب خطأ ضده، ولم يكن هناك أي داع للاعتراض. القرار الرابع كان انذاراً ثانياً لحازم إمام لارتكابه مخالفة خشنة مثل التي ارتكبها نواف التمياط، وكان الطرد الثاني لمصر. القرار الخامس انذار وليد صلاح الدين للاعتراض على قراره. القرار السادس طرد سمير كمونة لتعمده الايذاء واعاقة ابراهيم السويد المنطلق وحده، وهنا كان الطرد سليماً ولكن اكينو وقع في خطأ قانوني لأنه استأنف اللعب بركلة حرة مباشرة للسعودية، وكان واجباً استئناف الكرة باسقاط من مكان وجودها عند حدوث المخالفة، لأن كمونة ضرب السويد خارج حدود الملعب، وهي مخالفة تستوجب العقوبة والاسقاط. القرار السابع كان احتساب ركلة جزاء لمصر لمخالفة من محمد شلية ضد وليد صلاح الدين في منطقة الجزاء. القرار الثامن كان انذار عبدالله الشيحان للخشونة. بصراحة... قرارات الحكم بالانذارات والطرد وركلة الجزاء كانت صحيحة وشجاعة. ولا علاقة لها بنتيجة المباراة التي استحقها السعوديون تماماً. اتركوا الحكام، وابحثوا عن الأخطاء. وحاسبوا انفسكم أولاً.