سعود بن بندر يطلع على جهود الأمر بالمعروف بالشرقية    الشيخ عبدالعزيز بن نوح يشكر القيادة على تعازيها في وفاة والده    فيصل بن خالد يُدشّن استراتيجية إمارة الشمالية    بحث مبادرة رصد واستشراف المهارات لأسواق العمل الخليجي    رفع مستوى الوعي البيئي في المدارس    مباحثات برلمانية بين المملكة والجبل الأسود    اتفاق غزة متوقف على آليات التنفيذ    رئيس الوزراء الفلسطيني: لن نترك غزة ل«حالة الفراغ»    تسخير التقنية والذكاء الاصطناعي في أعمال الدفاع المدني    متحدث الداخلية يؤكد أهمية تكامل الجهود الإعلامية بمنظومة الحج    مدير الأمن العام: أمن وسلامة ضيوف الرحمن ركيزة أساسية    الغامدي يصدر قراره بتمديد تكليف العتيبي مديراً لإدارة الخدمات المشتركة    ندوة (الإرجاف وسبل مواجهته)، في نسختها الثالثة    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالفيحاء في جدة يجري استبدال مفصل ركبة بتقنية الروبوت الجراحي    تعزيز مكانة محمية الملك عبدالعزيز البيئية والسياحية    أخيراً «صفقة غزة» ترى النور.. والتنفيذ «الأحد»    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال11 لمساعدة الشعب السوري    في ختام الجولة ال 15 من دوري روشن.. صراع الهلال والاتحاد يتواصل باستضافتهما الفتح والرائد    وزير الخارجية ورئيس وزراء سنغافورة يبحثان تعزيز العلاقات    «البلاد» ترصد أسرع 20 هدفًا في تاريخ الدوري السعودي    "الداخلية" تستخدم الذكاء الاصطناعي في خدمات الحج.. المملكة نموذج عالمي في تسخير التقنية لخدمة الإنسانية    تدشين جمعية التنمية الزراعية بالمدينة المنورة    مؤتمر التعدين يشهد 4 إعلانات إستراتيجية تعزز مكانة السعودية في القطاع    إتاحة خدمة الدفع Google Pay    مركز الملك سلمان يواصل إغاثته للشعب السوري    آل باعبدالله وآل باجميل يحتفلون بعقد قران عبدالرحمن    الفنان عبدالله رشاد يحتفل بزفاف أسرار وإياد    3000 موقع جديد في سجل التراث العمراني    هيئة المتاحف تحتضن معرض «مانجا هوكوساي»    الإعلامي إبراهيم موسى يحصل على دبلوم إدارة الأعمال    أمير الشرقية يرأس اجتماع أمناء قبس للقرآن والسنة والخطابة    أمير القصيم يؤكد على السلامة المرورية    إطلاق كائنات فطرية    الشتاء.. نكهة خاصة    الذكاء الاصطناعي يتنبأ بمكونات الوجبة المثالية    لا تنمية دون تصنيع!    إنطلاق فعاليات معرض مبادرتي "دن وأكسجين"    كشف الحساب السعودي من أجل فلسطين... والحقيقة    وللشامتين الحجر!    ابتكاراً لضيوف الرحمن    أيام قبل وصول ترمب!    صلاح للأهلي    الخلود يخطف انتصاراً ثميناً أمام الأهلي في دوري روشن للمحترفين    نائب وزير الخارجية يلتقي وزير خارجية تركيا ونائبه    المملكة ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في غزة    مفوض الإفتاء بمنطقة جازان" الإبلاغ عن مروجي الأفكار الهدامه والمخدرات السامه واجبٌ وطني"    سفاح كولومبي لهجوم الذئاب    هدنة مشروطة تحت الاختبار في غزة    معالي الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالقصيم    دوري روشن: الخلود يسقط الاهلي بهدف دون رد    إطلاق "معجم مصطلحات الحاج والمعتمر".    الامير سعود بن نهار يلتقي وزير التنمية الاجتماعية لجمهورية سنغافورة    انطلاق فعاليات معرض دن وأكسجين    إستراتيجية بيئية وسياحية بمحمية المؤسس    عسير: القبض على مخالفين لتهريبهما 11 كيلوجراماً من الحشيش    24 عملية زراعة أعضاء تنهي معاناة 24 مريضاً بالفشل العضوي    إثراء السجل الوطني للتراث العمراني ب 3202 موقع جديد    الآثار المدمرة بسبب تعاطي المخدرات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنان واسرائيل واتفاقات جنيف
نشر في الحياة يوم 13 - 08 - 1999

لم يجرؤ الأمين العام للأمم المتحدة على اضافة اسم فلسطين الى قائمة البلدان التي لم تحترم فيها اتفاقات جنيف. كان الرجل يتحدث في احتفال اقيم في جنيف، امس، لمناسبة مرور خمسين عاماً على اقرار تلك الاتفاقات. ومثل هذا الاحتفال يدل مرة اخرى على ان المجتمع الدولي يفضل احياء الذكريات والتباهي بانجازات انسانية يفترض انها بالغة الأهمية - حضارياً، الا ان اهتمامه بتنفيذ الاتفاقات وتجسيد تلك الانجازات يبقى مسألة أخرى.
كوفي انان رجل ضمير، وهذه مهنته او بالأحرى مهمته الأولى والرئيسية في المنصب الذي يشغله. وهو يعرف تماماً عما يتكلم لكنه يعرف أيضاً ما عليه ان يغفل ويتناسى. لو ذكر اسرائيل كدولة صاحبة سمعة مزمنة في انتهاك الاتفاقات، بل في احتقار اتفاقات جنيف تحديداً، لكان كمن يبحث عن المتاعب ليس مع الدولة المعنية فحسب وانما خصوصاً مع الولايات المتحدة التي نذرت نفسها لتغطية جرائم اسرائيل ومنع ادانتها.
ولكن المناسبة كانت تستحق من أنان اشارة، للتاريخ، الى ان "الانسانية" التي تباكى عليها مع سائر المحتفلين عانت كثيراً على هذه الأرض العربية. ألم توضع "اتفاقات جنيف" من اجل حماية المدنيين، ولا سيما الأسرى منهم؟ ألم يكن الشعب الفلسطيني طوال نصف القرن الذي مضى اسيراً تحت الاحتلال الاسرائيلي؟ ألم تدمر البيوت والأرزاق وتمحى القرى والبلدات من الوجود، ألم تكن هناك مجازر مبرمجة وعمليات قتل جماعي واعتقالات وتعذيب وإذلال وضرب للاقتصاد ونهب لمصادر العيش ونفي وابعاد ورفض لحق العودة واحتيال على العدالة؟ كل ذلك معروف ومثبت، كل ذلك بدأ غداة الحرب العالمية الثانية على ايدي الذين تلقوا خلال تلك الحرب ظلماً كبيراً على أيدي النازيين، فتحولوا الى ورثة امناء للنازية.
وكان الأمر يستحق من الأمين العام للأمم المتحدة، بصفته هذه تحديداً، ان يتمايز عن قذارات الكواليس السياسية والضغوط الديبلوماسية فلا يجاري الاميركيين والاسرائيليين - وحتى السويسريين - الذين عملوا بجد لحمل الفلسطينيين على قبول تأجيل المؤتمر الدولي الذي كانت اقترحته الجمعية العامة للأمم المتحدة للنظر في تطبيقات اتفاقات جنيف في فلسطين/ اسرائيل. اذ ان كوفي انان اكد بحق، أمس، ان تلك الاتفاقات "لم تفقد شيئاً من مضمونها"، وكان من الأفضل ان يشدد على ان التزام الاتفاقات أو بالأحرى عدم التزامها - كما في حال اسرائيل - جعل "المضمون" مجرد حبر على ورق.
تكلم انان عن "جلادين وضحايا" في كل نزاع، وتذكر البوسنة ورواندا وكمبوديا وكوسوفو وسيراليون. والواقع ان الجلاّدين الاسرائيليين سبقوا سائر الجلاّدين وفاقوهم شهرة، بل اعطوهم النموذج ولم يكونوا احياناً بعيدين عن تدريب بعضهم. الجلاّدون الآخرون انشئت محاكم خاصة لمحاكمتهم، أو كلفت لجان دولية للتحقيق في ممارساتهم، او اتخذت قرارات دولية لنبذهم وعدم التعامل معهم. اما الجلادون الاسرائيليون فيستقبلون في كل العواصم ويحاطون بالترحيب والاحترام، وفي امكانهم ان يصبحوا رؤساء حكومات او وزراء او قضاة على رغم سجلاتهم المعروفة في الارهاب المبكر الذي كان سبباً مباشراً لنشوء ما يسميه الصهيونيون الاميركيون والاسرائيليون "ارهاباً عربياً" أو اسلامياً.
سيبقى كوفي انان رجل ضمير، وهو لا يستطيع ان يكون الا كذلك، وإلا يصبح مجرد موظف ينطق بما تقول به اوراقه وبيروقراطيته. لكنه عندما زار اسرائيل لم ينس اعلان اعتزازه بالغاء القرار الذي يعتبر الصهيونية عنصرية، بل ذهب الى حد اعتبار ان المنظمة الدولية لم تحسن معاملة اسرائيل. وفي جنيف، امس، ظل مخلصاً لتلك الاعتبارات والمشاعر، مساهماً بدوره في "احترام" استثناء اسرائيل من اطاعة القانون الدولي. هذا يعني الاعتراف لاسرائيل بأن أفضل ما فعلته منذ نشوئها هو احتقارها القرارات الدولية وعدم التفكير، مجرد التفكير، في التزامها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.