كشفت مصادر عراقية موثوق بها في عمان ان كل الأوامر التي كان يصدرها نائب رئيس مجلس قيادة الثورة العراقي عزت الدوري، الموجود في النمسا للعلاج، وبصفته قائداً للمنطقة الشمالية، تحمل الآن توقيع قصي النجل الأصغر للرئيس صدام حسين. وقالت المصادر ان قصي باشر إصدار أوامره منذ الخميس الماضي بوصفه "قائداً للمنطقة الشمالية نائباً للقائد العام للقوات المسلحة". علم من مصادر عراقية ان "تمارين تعبوية" ضخمة شهدتها منطقة جبال حمرين الفاصلة بين شمال العراق ووسطه واشتركت فيها مجموعات من تشكيلات مدرعة ومشاة ومدفعية تابعة للحرس الجمهوري. وذكرت المصادر ان المنطقة ذاتها شهدت دخول وحدات من الدفاع الجوي مكونة من قطع مدفعية وصواريخ مضادة للطائرات. الى ذلك، كانت الحال الصحية لعزت الدوري التي ساءت في الفترة الأخيرة بعد إصابته بالسرطان، أثارت مجموعة من التساؤلات عن دوره في بنية نظام الرئيس صدام حسين. وظل هذا الدور "هامشياً" على رغم صفة "النائب" التي حملها الى حين إشرافه ومجموعة من اعضاء القيادة القطرية لحزب البعث الحاكم ومجلس قيادة الثورة على إعادة سلطة الرئيس صدام حسين الى مناطق في شمال العراق وجنوبه، بعد الانتفاضة هناك عقب حرب الخليج الثانية. ومنح صدام نائبه عزت الدوري رتبة "فريق أول ركن" ونائب القائد العام للقوات المسلحة، بعد إشرافه وحسين كامل على دخول مدينة كركوك في بداية الحملة لاستعادة مدن شمال العراق الكردية من سيطرة الاحزاب الكردية، التي دخلت اليها بعد السليمانية واربيل ودهوك. وعلى رغم هذه "النتيجة الكاسحة" ظل الدوري يتحرك ضمن مجال التنظيم الحزبي وإدارة بعض الندوات الزراعية، مع احتفاظه برتبته العسكرية، وكان يمثل القائد العام في مناسبات مثل عيد الجيش. وخضع الدوري لعملية قلب مفتوح في بغداد أوائل العام الماضي، وتعود علاقته بالقطاع الزراعي الى بداية حكم البعث في 1968 حين أصبح رئيساً ل"المجلس الزراعي الأعلى" الذي كان يرسم السياسة الزراعية للعراق، واعتبر تعيينه في ذلك المنصب "مكافأة" له اثر عمليات قام بها، أدت الى التخلص من مجموعة مناوئه لسلطة أحمد حسن البكر - صدام حسين. وبحكم صلاحيات واسعة منحت له في "المجلس الزراعي الأعلى" كان الدوري يستدعي أصحاب الأراضي الزراعية ويساومهم من أجل التنازل عنها لمصلحة المجلس. وكان يصدر قرارات بمصادرتها باعتبارها ذات "نفع عام" في حال اخفق في المساومة، علماً ان تلك الأراضي التي تضم أفضل المناطق الزراعية في العراق كانت تسجل بأسماء اعضاء مجلس قيادة الثورة ومعاوني صدام. الخط الأول ورأت مصادر عراقية موثوق بها ان ابتعاد الدوري عن الخط الأول في السلطة، خصوصاً ما يتعلق بالمواجهات مع الاممالمتحدة، والعلاقات الخارجية للعراق "لا يعني ابتعاداً عن احداث كبيرة" ساهم فيها، ومهدت للقضاء على القوى المعارضة لسلطة انقلاب 17 تموز يوليو 1968، لافتة الى دوره كرئيس محكمة خاصة ضمت طه الجزراوي نائب رئيس الجمهورية وعلي رضا وناظم كزار أعدم الأخير بعد اشتراكه في محاولة لاسقاط خط البكر - صدام عام 1972. وكانت تلك المحكمة أصدرت احكاماً بإعدام عسكريين ومدنيين عراقيين بتهمة التآمر لقلب نظام الحكم، وتولى الدوري شخصياً تنفيذ حكم الاعدام في أحد الضباط جابر حسن حداد. في الوقت ذاته كان عزت ابراهيم الدوري مسؤولاً عن عمليات التحقيق التي تمتزج بعمليات التعذيب الجسدي، والتي طاولت رئيس الوزراء السابق عبدالرحمن البزاز، والقائد الناصري فؤاد الركابي، والحاكم العسكري العام بعد انقلاب 8 شباط فبراير 1963 رشيد مصلح التكريتي وغيرهم. وشغل الدوري منصب وزير الداخلية فترة طويلة وسماه صدام نائباً لرئيس مجلس قيادة الثورة بعد اشرافه المباشر على محاكمة من اتهمهم صدام بالتآمر ضد توليه منصب رئيس الجمهورية في 1979، والحكم على 42 منهم بالإعدام وفي مقدمهم غانم عبدالجليل وعدنان حسين الحمداني ومحمد عايش، اعضاء القيادة القطرية لحزب البعث. وعولج الدوري قبل سنتين في النمسا ايضاً، في المستشفى ذاته الذي نقل إليه، من مرض السرطان. وترجح المصادر العراقية ان يكون صدام استفاد من خدمات نائبه عزت الدوري بالطريقة التي يرغب في توجيهه نحوها، من دون ان يجعله قادراً على التمتع بنفوذ خاص، كما هي الحال مع عدد من معاونيه والقريبين اليه، امثال حسين كامل. وتشير الى ان صدام جعل نائبه على رأس مجموعات مختارة من الأمن الخاص والحرس الجمهوري الخاص، ظلت خلال الشهور العشرة الماضية تقوم بعملها كقوة طوارئ تتصدى لاحتمال حدوث "تمرد عسكري". وكان عزت الدوري تعرض ، بحسب رواية رسمية عراقية لمحاولة اغتيال في كربلاء خلال تشرين الثاني نوفمبر 1998، مما اعتبرته المعارضة "خديعة" و"غطاء" لاعتقالات واسعة طاولت "الشباب المسلم" من أبناء المدينة.