قرأت في "الحياة" عدد يوم الاثنين 19 تموز يوليو 99، ص 22، مقالاً عنوانه "هل أسهم نشاط الاستخبارات في تجديد الأدب العالمي؟!" كتبته فاطمة المحسن لندن. وتتصدر المقال صورة للريحاني وتحتها تعليق مرتبط بعنوان المقال: "أمين الريحاني: هل شملته تبعة السياسة؟". الغريب في الامر ان صاحبة المقال وقعت في مغالطات تاريخية علمية يعززها العنوان مما يوحي باستنتاجات تسيء الى سمعة الريحاني وتشوّه صورته ومكانته الادبية والفكرية في دنيا العرب. ونسوق في هذا الاطار الملاحظات التالية: أولاً: ان المقال الذي يتناول كتاباً يعالج علاقة المثقفين بالاستخبارات الاميركية بعد الحرب العالمية الثانية يزج فجأة اسماء الاعلام في عصر النهضة وبينهم أمين الريحاني من دون اي تبرير او رابط منطقي. ونذكر هنا ان وفاة الريحاني كانت عام 1940. ثانياً: يوحي المقال بأن جماعة من المثقفين العرب قد انخرطوا عن سابق تصميم وقناعة بالدعم السياسي الاميركي. ونعلم انه في معظم تلك الحالات كان هؤلاء بريئين كلياً من مثل هذا التورط. وعكس هذا الانخراط هو الصحيح اذ كانت الولاياتالمتحدة تبحث عن اصوات المعارضة في اماكن مختلفة من العالم لدعمها باسم الحرية وضد الاتحاد السوفياتي آنذاك. ثالثاً: المقال يسعى الى التشكيك برموز الثقافة العربية المعاصرة، وبينهم الريحاني وجبران. ألا يحق للقارئ في مثل هذه الحال ان يدير اصابع الاتهام نحو من يكتب هذه المقالات بتهمة النيل من كبار المفكرين العرب ومحاولة تشويه صورتهم ومكانتهم لدى الجمهور العربي؟ رابعاً: الا تدري صاحبة المقال، بأن هذا النوع من الكتابات غير المسؤولة تشكل مادة صالحة لأن تدرج بلغة القانون تحت باب "القدح والذم واساءة السمعة" وبالتالي امكان احالتها الى القضاء بتهمة التعرض لسمعة الآخرين من دون الاستناد الى ادلة ثبوتية. خامساً وأخيراً: أيعقل ان ترضى جريدة "الحياة" بنشر ما يمكن ان يمس بسمعة الريحاني ومكانته الفكرية والأدبية في العالم العربي وقد تبنت "الحياة" شعاره منذ تأسيسها وحتى منتصف السبعينات وهو "قل كلمتك وامشِ". * كاتب لبناني.