اصدر العاهل المغربي الملك محمد السادس عفوا لفائدة عشرات الآلاف من المسجونين في عدد من المؤسسات الاصلاحية في البلاد، في خطوة ينظر الى انها تحمل دلالات انسانية كبيرة من شأنها أن تطبع بداية حكم الملك الجديد بكثير من مشاعر التعاطف والدعم الشعبيين. أفاد بيان لوزير العدل المغربي السيد عمر عزيمان اول من امس بثه التلفزيون المغربي ان الملك محمد السادس أصدر لمناسبة جلوسه على العرش المغربي عفواً يشمل 46212 سجينا سيتم الافراج الفوري عن 7988 منهم بينما سيتم تخفيف العقوبة من شهرين الى ثلاثة سنوات عن 38224 سجيناً آخر. ولم يربط البيان الرسمي بين حالات العفو والانتماء السياسي، اكتفى بتحديد المشمولين بالعفو في مواصفات لها علاقة بالاوضاع الصحية والسلوكية. وقال وزير العدل المغربي إن القرار يأتي مراعاة ل"أوضاع المشمولين بالعفو وصلاحا لأحوالهم، وان الالتفاتة الخاصة تهم المرضى والمعاقين والمسنين والحوامل والمرضعات والشبان الذين توفقوا في اصلاح احوالهم"، في إشارة الى حسن السيرة والسلوك. لكن مصادر مطلعة لم تستبعد ان يكون قرار العفو شمل ايضا معتقلين سياسيين على رغم تأكيد المجلس الاستشاري لحقوق الانسان ان المغرب لم يعد فيه سجناء رأي وان المعتقلين الذين يعتبرون انفسهم من هذه الفئة "تورطوا مباشرة في اعمال قتل واستخدام السلاح ولاينطبق عليهم بالتالي المعيار السياسي". الا ان الملاحظ ان قرار العفو صدر عن وزارة العدل بدل المجلس الاستشاري لحقوق الانسان المكلف عادة بمثل هذه المهمة، مما يعطي الانطباع بأن العفو قد يكون شمل ايضا معتقلين كانت تنظيمات اسلامية تطالب بالافراج عنهم. لكن مصادر مستقلة اكدت ان العفو شمل عشرات الاجانب ومعتقلين من تنظيمات سياسية. واعتبرت نجلة زعيم حركة "العدل والاحسان" المحظورة السيدة نادية ياسين في اتصال امس مع "الحياة" ان قرار العفو "قرار شجاع وخطوة نحو التقرب من الشعب"، لكنها عبرت عن الامل في ان يستفيد المشمولون بالعفو من امكانات الدمج داخل المجتمع. وقالت ان العفو الصادر عن الملك محمد بن الحسن يرمي الى "تحريك المغرب نحو سياسة اصلاحية". لكنها قالت انها لا تملك تفاصيل عن امكان شمول العفو معتقلين ينتمون الى "العدل والاحسان". واعتبر "حزب العدالة والتنمية" الاسلامي الاتجاه ان قرار العفو "ايجابي في اتجاه الانفتاح السياسي والحقوقي الذي تعيشه البلاد". وقال النائب عن الحزب مصطفى انه يؤيد "اي عفو يمكن ان يحصل عليه معتقلون"، وأضاف ان الملك محمد السادس "سيقوم بمبادرات عدة نعتقد أن هذه احداها"، معرباً عن الامل في ان يكون بين المشمولين بالعفو "معتقلون ينتسبون الى حزبه وعددهم 36 معتقلاً". وفي سؤال عن مدى انطباق المعايير التي حددها المجلس الاستشاري والتي تستثني المتورطين في أعمال قتل، قال الرميد ان بين المعتقلين من حزبه "من له علاقة بالسلاح من دون استخدامه"، وأضاف ان الامر يتعلق ب"مجموعتين لهما علاقة باحداث الجزائر واشخاص تورطوا بالفعل في عمليات قتل"، بيد انه اضاف انه رغم ذلك "ننظر لهؤلاء من منظور الجهات الحقوقية على انهم معتقلون لأسباب سياسية". وتجمع امس أقارب وعائلات المعتقلين المشمولين بالعفو امام السجون في لقاءات تهتف بحياة العاهل المغربي. وشوهدت عشرات النساء الحوامل ونساء يرافقهم اطفال صغار وشبان يخرجون من سجن عكاشة في الدار البيضاء والزكي في سلا في اجواء امتزج فيها التأثر بالفرح.