لماذا يكون شخص ما بديلاً لممثل السينما حين يتطلب المشهد مواجهة المخاطر والأقدار الصعبة؟ لنتكلم، على سبيل المثال، عن جاكي شين، أشهر ممثل في أفلاك الأكشن الكراتيه والمغامرات. جاكي كان يقوم هو نفسه بالمشاهد الخطرة والتي قد يحمل بعضها الموت. لم يكن يملك بديلاً لمهنته لأنه ببساطة بدأ عمله في السينما كبديل. وفيلمه الأخير "ساعات الإزدحام" نجح في السينما لأنه كوميدي، ولأنه يقوم بمغامرات خطرة في الوقت نفسه. جاكي شن أصله من هونغ كونغ وعمره 44 عاماً وهو منذ 27 عاماً يمثل ويواجه المخاطر دون ان يكون له بديل دوبلير. والسبب بسيط: فجاكي شين مثل أول فيلم له واشتهر من خلاله وهو "قبضة المنتقم"، لكن النجم في الفيلم كان الممثل وبطل الكراتية المشهور بروس لي. في الفيلم ضربه بروس لي فوقع من مسافة 20 قدماً على ظهره فوق اسفلت الشارع. في ذلك الوقت كانت تلك المسافة رقماً قياسياً في مثل هذه السقطات من دون وسائل الأمان. منذ تلك الحادثة، اشتهر جاكي، الذي لم يبق من عظامه عظمة دون ان تكسر أو ترض. والمعروف ان احدى الحوادث تركت في رأسه ثقباً وضعت قطعة بلاستيك لغلقه. وقد كانت تلك الحادثة من الحوادث التي يمكن تجنبها. وبسبب كثرة الجروح والخدوش في جلده فإنه أصبح حين يجرح يكتفي بمسك الجرح ولصقه بشريط لاصق حتى يلتئم. في الوقت نفسه كان شين يخاف الاطباء ويرتعب من زرقة الإبرة. بالطبع كان هذا الممثل استثناء في انتقال "الدوبلير" الى ممثل رئيسي. فالدوبلير يبقى مجهولاً وغير معروف من قبل المشاهدين. وهو يحصل على جزء محدود من أرباح الممثل، وفي الوقت نفسه "يفدي" الممثل بحياته في بعض الحالات. وغير المخاطر التي يتعرض لها يواجه "الدوبلير" صعوبات اخرى كثيرة من قبيل ان عليه ان يحصل على شهادات كثيرة ويدرس جيداً ويمتلك خبرة واسعة. وقد تمتد دراسته الشاقة لمدة أربع سنوات يتخرج بعدها حاملاًَ شهادة تؤهله لتلقي المخاطر وتفاديها. ودراسة الدوبلير غالية الثمن تصل تكاليفها الى اكثر من 20 ألف جنيه استرليني. واكثر من ذلك على "الدوبلير" ان يختص في فرع أو أكثر من فروع المخاطر. ف"الدوبلير" في بريطانيا مثلاً عليه اكمال عدة شهادات ليشارك في اعمال "الدوبلير" في الأفلام التلفزيونية. وعليه ان يسجل في قائمة خاصة بالمهنة في اتحاد الفنانين. وفي بريطانيا وحدها يوجد 230 "دوبليرا" مسجلاً رسمياً. وإذا كان الحال هكذا لماذا اذن يتجه "الدوبلير" لمثل هذا العمل؟ ريك انكليش عمره 24 عاماً. هيأ نفسه منذ البداية ليكون "دوبليراً". قبل ذلك أكمل دراسة الكيمياء وتدرب في فرقة موسيقية لكي يكون مغنياً. غير انه منذ صباه كان يحلم باخراج المعارك ولذلك تدرب على "الكيغ بوكسنغ" التي تجمع بين الملاكمة والكراتية ثم اتجه لتعلم مهنة "الدوبلير". بطبيعة الحال فإن السؤال الأول الذي يمكن طرحه على ريك هو: ما الذي دفعك لكي تكون دوبليراً؟ - مذ كان عمري 7 سنوات كان برنامجي المفضل في التلفزيون هو "الولد الذي يسقط دائماً" ويمثله لي ميجرز. وحين اصبح عمري 11 سنة كنت مصراً على ان أكون دوبليراً. لكن حين ذهبت الى الثانوية نسيت الفكرة وبدأت اعزف على الغيتار، وظلت تلك هوايتي لمدة 7 سنوات. في ذلك الوقت بدأت أدرس الكراتية والكيغ بوكسنغ واللياقة البدنية. وحين وصلت الجامعة قررت ان أدرس وأتدرب على ان أكون "دوبليراً" واخرج المعارك التي حلمت بها. وبدأت أتلقى دروساً على المعارك الاصطناعية للافلام. صحيح أنني حصلت على شهادة جامعية في الكيمياء لكنني لم أكن أطمح الى العمل من التاسعة صباحاً حتى الخامسة عصراً. لم أحب ان أكون موظفاً. لو لم أصبح "دوبليراً" كنت أصبحت موسيقياً عازفاً على الغيتار. إذا أخذنا بعين الاعتبار الوقت الطويل والأموال المدفوعة لكي تكون "دوبليراً" فهل شعرت بالندم خلال تلك المدة على تكريس نفسك لمثل هذا العمل؟ - أبداً. لم أندم. وما أزال أسعى لكي أكون "دوبليراً". في هذه الفترة علي ان أبذل جهوداً في التدريب لأنني يجب أن أحصل على خمس شهادات. الأولى في المبارزة، والثانية في ألعاب السيرك والثالثة في قيادة الدراجات النارية والرابعة في الجمناستيك والخامسة في السباحة. انني أشعر بالندم ولأنني بدأت دراستي للدوبلير متأخراً. وأثناء حديثي مع عدد من أهل المهنة اكتشفت تذمرهم من التدريب الطويل فقط. لكنهم يحبون عملهم. طبعاً حين احصل على شهاداتي ستواجهني مشاكل تشبه مشاكل الممثلين مثل البحث عن عمل. لكن هذا لا يقلقني. أحاول الآن التركيز على تدريباتي ودراستي ثم يأتي العمل بعد ذلك. ما هي خططك بعد حصولك على الشهادات المطلوبة؟ - حين يحصل المرء على شهادته يبدأ العمل الحقيقي. بعد الشهادات سأتدرب على أشياء محددة في الافلام. سأركز على قيادة الدراجات النارية. عملي الرئيسي سيكون الأفلام السينمائية. العمل التلفزيوني جيد ايضاً لكن الافلام السينمائية أطول عمراً بتحولها الى فيديو واستمرار عرضها. هل لديك خطط للذهاب الى هوليوود؟ - في الحقيقة سأفكر في ذلك لاحقاً. أحب اميركا، لكنني اعتقد ان هناك كثيرين ممن يعملون فيها كدوبلير. المنافسة حادة هناك. اعرف ان هناك حاجة لممثلين بريطانيين في هوليوود. لكنني لا أعرف مثل هذه الحاجة في مجال عمل "الدوبلير". احب الجو هناك وأعرف ان قيمة النقود اكبر في هوليوود والنقود نفسها اكثر والحياة أرخى. اذن من المؤكد انني سأتجه الى العمل في اميركا في المستقبل. ألا تخاف التعرض لحادثة خطيرة؟ - لا أتصور أن عظماً لم يكسر أوير ض في جسمي. حوادث صغيرة هي جزء من هذا العمل ومن التدريب عليه. اتصور انني اخترت اخطر المهن واخطر الحقول: دوبلير في مجال الدراجات النارية. لكن حين يأتي المشهد اللازم تتم دراسة الظروف الأمنية له لتقليل نسبة الخطورة. الخطورة طبعاً تبقى، ولكن ينبغي ألا تفكر بها في اثناء عمل المشهد. الخطورة الوحيدة التي أفكر بها هي حين أطير أو أقود دراجة نارية في لندن.