تأهل منتخب تونس للشباب الى الدور الثاني لتصفيات ألعاب سيدني 2000 اثر فوزه "الصعب" على السنغال 2-1، وبقيت قلوب التوانسة معلقة إلى لقاء داكار اثر تعادلهم في سوسة الذهاب 1-1. وسجل أهداف منتخب تونس الثلاثة لاعب الترجي الرياضي واكتشاف موسم 99 في تونس "اللؤلؤة السوداء" علي الزيتوني الذي لم يتجاوز ال 18 سوى ببضعة أشهر. وينحدر الزيتوني من محافظة قابس، واحة الجنوب التونسي، وبالتحديد من قرية وذرف التي يعرف أهلها بمحافظتهم الشديدة على أصالتهم وبجودة صنعهم للسجاد التونسي المرقوم الزاهي الألوان. وعموماً فإن أهالي قابس يميلون إلى العمل والمثابرة في صمت وبعيداً عن الأضواء، والزيتوني الابن هو "الشبل الصغير" للحكم الدولي في كرة اليد أحمد الزيتوني. بدأ مسيرته مع الكرة في الشبيبة الرياضية بوذرف حيث لم يتجاوز مشواره من الناشئين الى الشباب الى الكبار الخمس سنوات ليصبح في المرحلة الثانية من مسابقة 1999 الهداف الاول الحائز على البطولة للترجي بطل الدوري والكأس. وتجمع بين وذرف والترجي علاقات شراكة حقيقية على مستوى تبادل اللاعبين وإن كان في اتجاه واحد: الشمال، فمن وذرف صعد طارق ثابت القيمة الثابتة في وسط منتخب تونس وعياد الحمروني نجم الترجي في عقد التسعينات والذي عاش تجربة احتراف قصيرة مع النصر السعودي لم تكن جد موفقة. ويشتكي طارق ثابت دائماً من أوجاع عديدة واصابات متلاحقة، كما أن الحمروني عرف أزمة صعبة حقيقية على مستوى جهازه التنفسي. ولعل السؤال الذي يطرح: لماذا هذا الكم الهائل من الاصابات للاعبي وذرف والبنية الجسدية الهشة، هل هي تعبير واقعي لبنائهم الجسماني أم، كما يقول طارق ثابت، تعبير لا واع لحسر اندماج أهالي ولاعبي وذرف "المحافظين" في أجواء الانفتاح بالعاصمة. ويتمتع علي الزيتوني بامكانات بدنية جيدة، وبذكاء حاد في التقوقع في مراكز التهديف، والأهم من ذلك طموح لا حدود له لابن الجنوب من أجل مكان في الشمس: الشمال، الترجي، منتخب الأواسط وانطلاقة مع الكبار في منتخب تونس. وفي طريقه نحو العاصمة من قابس لا بد من المرور على عصامة الزيتون والرئة الاقتصادية لتونس، صفاقس، وتتميز المدينة بوجود طبقة متوسطة كبيرة تتمتع بالرفاه وتسعى لتحقيق أحلامها عبر العمل أو... كرة القدم. وفي طريق المطار في أحيائه الأكثر شعبية نشأ حاتم الطرابلسي في أسرة متواضعة لم تحلم يوماً بأن الشهرة والمال والرفاهية يمكن أن تأتي من "كرة مدورة"، ويشغل حاتم مركز ظهير أيمن في النادي الصفاقسي، ويتميز بسرعته الكبيرة وتفاهمه مع مهاجمي النادي، خصوصاً نجم صفاقس اسكندر السويح، وان كان حاتم لم يبرز في مونديال فرنسا 98 كبقية زملائه، فهو اليوم قائد منتخب تونس نحو سيدني. ويعشق حاتم البحر وقضاء أوقات فراغه في الصيف على شاطئ الشفار المتنفس الوحيد لأهالي المدينة التي دفعت "فاتورة" الثمن غالية من أجل التنمية وأتى التلوث على الأخضر واليابس على صحة سكانها. ويبدو ان هذا الثمن تدفعه كذلك الضاحية الجنوبية لتونس العاصمة بن عروس. وسميت هذه المدينة الصناعية كذلك على اسم ولي صالح سيدي بن عروس ومنها بدأ عماد المهذبي في مداعبة الكرة مع نادي المدينة قبل أن ينتقل إلى جوهرة الساحل سوسة. وفي الحقيقة فإن هذا الانتقال لم يكن سهلاً، فزملاءزبير بيه، لم يؤمنوا يوماً بامكانات هذا اللاعب الاسمر، فقد كان المدرب السابق دوس سانتوس يصفه بأنه "لاعب ذكي، وقادر على حركات فنية افتقدناها في الملاعب منذ زمن بعيد..." إلى أن جاءت مباراة الحقيقة التي جمعت النجم الساحلي وشبيبة القيروان ليسجل عمار هدفي الفوز ويصبح برازيلي النجم كما يحلو للجمهور أن يناديه، ويحتل مكان زبير بيه صانعاً للالعاب اثر مغادرة هذا الأخير نحو الدوري الألماني، وعماد هو شقيق "تيغانا" تونس توفيق المهذبي لاعب الملعب التونسي ومنتخب تونس والمدافع الصلب. ويعتقد سكوليو، مدرب المنتخب، ان عماد هو مستقبل هجوم تونس، لو تخلص من "الخوف" والرهبة فقط، ولا يعرف المجتمع التونسي تفرقة بين الألوان سوى ألوان الأندية، بل أن الاسمر هو وجه خير وبركة وفأل الصباح السعيد. وعرفت ملاعب تونس لاعبين سمراً من طراز رفيع امثال محي الدين مبيطة الجوهرة السوداء التونسية أو بيليه العرب لاعب الأولمبي للنقل، وكان تميز مبيطة في السابق بطوله الفارع ونحافته وكذلك المهذبي والطرابلسي والزيتوني. ويمتاز راضي الجعايدي، القادم من قابس نحو الترجي، الذي لم يتجاوز ال25 سنة بلياقة بدنية عالية ويتجاوز طوله 90.1 م وكذلك بسرعته الفائقة، والأهم من ذلك، قدرته على الجمع بين صلابة المدافع ونجاعة المهاجم، وعرف راضي تتويجات عدة مع الترجي ويحلم برفع كأس افريقيا للأمم 2000 والمشاركة في كأس العالم 2002، ويبدو ان ذلك ليس بعزيز على الرباعي الأسود، جيل الشباب لكرة القدم في تونس.