كثرة من اللبنانيين يظنون ان رئيس الجمهورية اميل لحود سمّى نجله الاكبر "اميل" تيمناً باسمه، لكن الواقع انه سماه، كما سمّاه ابوه، تيمناً بعمه الراحل اميل لحود الذي كان اول رجل في العائلة يدخل البرلمان والحكومة وكان محامياً وشاعراً من اطرف الشعراء اللبنانيين. ولا يزال لبنانيون كثر يحفظون ابياتاً من شعره. هذا ما رواه لحود الابن ل"الحياة" اضافة الى علاقته بابيه وامه واخيه وحوادث طريفة حدثت بينهما تنم عن صرامة الاب قائد الجيش ل9 اعوام والآن رئيساً للبلاد. كان اميل في السادسة عشرة من عمره حين حطم الرقم القياسي اللبناني في سباق الخمسين متراً سباحة، مسجلاً رقماً قياسياً قاطعاً الحوض ب25 ثانية في حين كان الرقم القياسي 26 ثانية. وفي السباق التالي راهنه ابوه، وكان قائداً للجيش، على قطع الحوض ب24 ثانية على ان يسمح له بقيادة السيارة، فقال اميل الابن في نفسه، وهو يعرف عقلية ابيه الذي لا يسمح له بالقيادة قبل بلوغه ال18 عاماً، "ساحقق الرقم واقود السيارة". جاء وقت السباق ووقف قائد الجيش مع مرافقه مثل الحكام قرب الحوض مراقباً الساعة. طار اميل فوق الماء وحقق رقماً حطّم به الرقم القياسي العربي للناشئين ب 24 ثانية و97 في المئة. خرج من الحوض فابلغه رئيس الاتحاد بانجازه. التفت الى ابيه فاذا به يركض، يمشي سريعاً مع العقيد مصطفى حمدان، فراح يركض وراءهما قائلاً "بدي المفاتيح الآن"، فرد عليه "بكرا، بكرا..". قابله في اليوم التالي وذكره بالوعد فقال له: "انا وعدتك بذلك ولن اكذب عليك. السيارة لك. هذه المفاتيح وتقودها حين تبلغ الثامنة عشرة". وانتظر اميل مكافأته عاماً ونصف العام حتى نال رخصة السوق... وقاد السيارة. فأبوه من النوع الذي لا يظهر عواطفه، ومزاياه فيها من حياته العسكرية قساوة في تحليل الامور. وتعوّد الابن ان يقرأ في عينيه. اما الام السيدة اندريه، فهي تتفهم اكثر وسموحة اكثر من الاب كثيراً وترى الى الامور بسهولة اكبر. "هذا المزيج يعطى افضل تربية ممكنة"، يقول اميل. حين تعرف الام ان الوالد قسى على ابنائه، في قضية ما، تتدخل لتلطف الاجواء مفسرة لهم رأيه في الموضوع وتترجم الامور في شكل اسهل، يستدرك اميل موضحاً "هذا حين كنا صغاراً". اهم صفة اخذها عن ابيه هي ان يكون بشوشاً ومرحاً في الوقت اللازم وان يكون جدياً وصارماً في الوقت اللازم فعلاً لا قولاً. ويؤكد ذلك قائلاً: "انتم الناس ترونه كيف يكون حين يتحدث جاداً عابساً ترجف الارض لعبسته، ويشعر الناس انه اب لهذا الوطن حين يكون ضاحكاً". اميل لم ينم في القصر الجمهوري الا ليلة واحدة، والسبب انه كان في مأذونية وكان في بعبدا، وتوقع صباح اليوم التالي ازدحام سير ففضل المبيت في القصر ليصل الى المدرسة الحربية صباحاً في دقيقتين على ان يصل في ساعة من النادي العسكري الى الفياضية. واميل مثل ابيه لا هواية لديه الا السباحة والغطس واحياناً يغطسان معاً. ومَنْ اكثر مهارة في السباحة؟ يجيب "انا الامهر، لكن لا اعتقد ان في لبنان رجلاً في عمره 63 عاماً ينافسه في السباحة". واحب الاصحاب عند اميل هم الذين تعرف اليهم قبل سنوات طويلة في ايام السباحة حتى اصبحوا اخوة له. اما علاقته بأخيه رالف الذي يصغره بعامين فقامت على منافسة غير مباشرة ساعدتهما على رفع مستويهما في تفاهم كامل اذ علمهما والدهما انهما ليسا اخوين بالاسم فقط بل بالتعاون والمحبة والتقدم. ويقول: "اعتبر انا ورالف ان صهرنا الياس ميشال المر اخاً لنا اذ وجدناه قربنا حين كنا حدثين نكبر متكلين عليه". الاب علم الابن صغيراً القانون وكيفية اعطاء الحق والابتعاد عن الخطأ وقال له "افعل ما تشاء لكن عليك اتباع هذه القوانين". واصبح الرئيس لا يعرف الرئيس عن ابنه الا ما يخبره به هو. هذا ما يسير عليه الابن الذي لا يقيم مع والديه في قصر الرئاسة في بعبدا، بل يقيم مع اخيه رالف في سكن الرئيس في "النادي العسكري"، قرب عمله اذ اسس بعد تخرجه في التسويق شركة اعلانات، وتابع دروسه حتى نال جدارة في العلوم السياسية. لا ينكر اميل الابن المصداقية التي وفّرها له والده والسمعة الطيبة بين الناس، لكنه يرفض ان يعتمد على الارث الذي سيتركه له معتبراً ان كل شخص يصل بقوّته وبتعبه وعرق جبينه اياً يكن والده، ويقول: "منْ يثبت كفاءته يبقى ويستمر ومنْ يفشل يكون حظه قليلاً". واميل بدا واثقاً من نفسه راضياً عنها لما انجزه حتى الآن، معتبراً انه يؤدي واجبه في شكل جيد ويطمح الى تحقيق المزيد ضارباً مثلاً بحرياً اذ قال "لا يمكن السابح ان يتقدم طالما يسبح وحيداً بل يجب دائما ليتقدم ان يسبقه احد يسحبه وراءه".