وزير الخارجية يتلقى اتصالًا هاتفيًا من وزير الخارجية الإيراني    "التخصصي" بالمدينة المنورة يتوّج بجائزة مجلس الضمان الصحي للتميّز في برامج الترميز الطبي والفوترة    جامعة الأمير سلطان تطلق أول برنامج بكالوريوس في "اللغة والإعلام" لتهيئة قادة المستقبل في الإعلام الرقمي    نائب أمير منطقة مكة المكرمة يشرّف غدًا حفل تخرج الدفعة ال 73 لجامعة أمّ القرى    استشهاد 18 فلسطينيًا    "البحر الأحمر الدولية" تكشف عن مستعمرة مرجانية عمرها 800 عام    الذهب يهبط بأكثر من 1%    الصين تطلق بنجاح قمرًا اصطناعيًا جديدًا لنقل البيانات    1000 معملٍ لتطوير الابتكار والتميز النوعي في السعودية    بتوجيه من ولي العهد.. إطلاق اسم "مطلب النفيسة" على أحد شوارع الرياض    السعودية تمتلك تجارب رائدة في تعزيز ممارسات الصيد    اكسر حواجز الواقع و اصفع الفشل بالإصرار    محادثات القاهرة تتعثر.. ولا ضوء في نهاية النفق.. الاحتلال يصعد في غزة ويطارد حماس عبر «مناطق عازلة»    دمشق ل"قسد": وحدة سوريا خط أحمر    أمير القصيم: الخريجون ثروة الوطن الحقيقية لتحقيق التنمية    هنأت رؤساء توغو وسيراليون وجنوب أفريقيا.. القيادة تعزي الرئيس الإيراني في ضحايا الانفجار    عبر السد بثلاثية مقابل هدفين.. كاواساكي يواجه النصر في نصف نهائي النخبة الآسيوية    "الانضباط" تجدد رفض احتجاج الوحدة ضد النصر    مدير الجوازات يستعرض خطة أعمال موسم الحج    صقر في القفص الذهبي    أبناء زين العابدين يكرمون كشافة شباب مكة    المملكة.. طموح لا يعرف المستحيل    تنفذها الإدارة العامة للتوجيه والإرشاد بوزارة الداخلية.. أمير الرياض: الحملة الوطنية.. "الولاء والانتماء" تعزز الأمن وتحصن الشباب    معرض"ذاكرة الطين" للتشكيلية فاطمة النمر    تعاون بين هيئة الصحفيين و"ثقافة وفنون جدة"    كيف تحل مشاكلك الزوجيه ؟    أكدت أنه يتفق والمصلحة المطلوبة شرعًا.." كبار العلماء": لا يجوز الذهاب للحج دون أخذ تصريح    كبار العلماء: لا يجوز الحج من دون تصريح    وزير الاقتصاد: المملكة الأولى عربيا في الأداء الإحصائي    الملك وولي العهد يُعزيان الرئيس الإيراني في ضحايا انفجار ميناء رجائي    مؤشر نسبة العاملين من ذوي الإعاقة يقترب من تحقيق مستهدف رؤية 2030    «هيئة الشورى» تعقد اجتماعها الثامن    ولي عهد لوكسمبورج يشكر المملكة لدعمها مبادرة «رسل السلام»    حل 40 ألف قضية أسرية قبل وصولها للمحاكم    وفاة عميد أسرة آل أبوهليل    ورش ومحاضرات توعوية ضمن فعاليات أسبوع البيئة بالجوف    رؤية 2030 تقفز بحجم الاقتصاد الرقمي إلى 495 مليار دولار    أمير الشرقية يبحث تطورات ومستجدات البيئة الاستثمارية    فيصل بن مشعل يكرم الفائزين في بطولة القصيم لجمال الخيل العربية الأصيلة    جلوي بن مساعد يهنئ جامعة نجران    صناعة الحوار    تشكيليات يرسمن أصالة الأحساء    ليلة استثنائية    أخضر الشابات يترقب قرعة تصفيات كأس آسيا تحت 20 عاماً    النصر والعلا إلى نهائي الدوري الممتاز لكرة قدم الصالات    مقتل شخصين في ضربات أميركية على صنعاء    ملتقى «توطين وظيفة مرشد حافلة» لخدمة ضيوف الرحمن    «جمعية تجهيز» تُخصص رقماً مجانياً للتواصل    Adobe تطلق نموذج Al للصور    محمد بن ناصر: رياضة المشي لها دورها في الوقاية من الأمراض وتعزيز الصحة    طلاء سحري يقتل البكتيريا والفيروسات    ارتفاع حرارة الأطفال بلا سبب    الميتفورمين يخفف آلام التهاب مفاصل الركبة    2 مليار إيرادات تطبيقات نقل الركاب    مواعيد مباريات نصف نهائي دوري أبطال أسيا    ولي العهد يوجه بإطلاق اسم الدكتور مطلب النفيسة على أحد شوارع الرياض    أمير جازان يستقبل مدير فرع هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالمنطقة    حسين الشيخ نائبا للرئيس الفلسطيني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ذاكرة القرن العشرين - 12 تموز يوليو 1941 : تشرشل وستالين : من العداء الى التحالف الوثيق
نشر في الحياة يوم 12 - 07 - 1999

لم تكن هناك، عبر المساحة الأوروبية الواسعة، امتان متعاديتان، في النصف الأول من قرننا العشرين هذا، عداء بريطانيا للاتحاد السوفياتي والعكس بالعكس. اذ طوال ربع قرن من الزمن، بعد قيام الثورة البولشفية، تجابهت لندن وموسكو في حرب ايديولوجية، وصراع اقتصادي، وتبادلتا التجسس على بعضهما البعض، ووصل التوتر، في احيان كثيرة، حدوداً تنذر بالحرب بالبلدين، لولا ان البعد الجغرافي حال دون ذلك.
ولكن في الثاني عشر من تموز 1941، كان لا بد من وضع حد لذلك كله. ففي زمن كانت الحرب العالمية فيه تتحول من عدوان نازي صارخ على دول اوروبا الغربية، واحتلال الماني للدول المجاورة في أوروبا الوسطى والجنوبية، الى صراع عالمي دموي تدعى للمشاركة فيه الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي سواء بسواء، كان لا بد للجليد في العلاقات بين موسكو ولندن ان يذوب، وكان لا بد لستالين وتشرشل ان ينسيا حال الحذر المتبادلة بينهما. وهكذا، قضي الأمر في ذلك اليوم وتم التوقيع على ميثاق بين البلدين اختصره صحافي من أبناء تلك المرحلة، متحدثاً عن نوازع ستالين وقال ان هذا الاخير "يفضل، بالطبع، ان يكون صديقاً لتشرشل، على ان يهزمه هتلر". وكان هذا الكلام لا يخلو من الصحة، لأن هتلر كان في ذلك الحين بدأ يوسع هجومه ليشمل الأراضي السوفياتية، وقد عزم على ازالة البولشفية من الوجود. صحيح ان تشرشل كان يداعبه الحلم نفسه، لكنه لم يكن ليريد له ان يتحقق على يدي هتلر.
وعلى هذا النحو حدث في ذلك اليوم ان وقّع كل من السير ستافورد كريبس، السفير البريطاني في موسكو، وفياتشسلاف مولوتوف، وزير الخارجية السوفياتية، على وثيقة تقيم بين "الامتين رباطاً وثيقاً". كانت الوثيقة تتحدث عن قيام نوع معمق من الدعم الشامل المتبادل والتعاون الكلي بين موسكو ولندن في المجالات كافة، ل"التخلص من هتلر".
نذكر ان التوقيع جرى خلال احتفال شوهد خلاله ستالين، الذي اصرّ على الحضور، وهو يدخن غليونه بكل هدوء، بل ان ابتسامته اتسعت حين راح ينظر بتأمل عميق في الشريط الأزرق الذي لفت به نسختا الوثيقة وقد ختم بالشمع الأحمر.
لا شك ان ستالين، على رغم المخاطر المحدقة ببلده من جراء الهجوم الألماني العنيف، كان في تلك اللحظة يشعر بكثير من الاطمئنان والانتصار ايضاً، ولا شك انه في تلك اللحظة نفسها تذكر كيف ان تلك القاعة - في الكرملين - التي تشهد اليوم تقاربه مع عدوه الايديولوجي الأكبر ونستون تشرشل، كانت هي التي شهدت قبل عامين فقط، حفلة مشابهة، لكنها كانت - في ذلك الحين - حفلة بطلاها مولوتوف نفسه، في الجانب السوفياتي و... نون رينبتروب، وزير الخارجية الالمانية الذي كان يمثل هتلر في التوقيع على معاهدة مشابهة بين المانيا والاتحاد السوفياتي. وكان العدو المشترك يومها.. بريطانيا العظمى، حليفة اليوم.
بيد ان ستالين وتشرشل الصورة لم يكونا ليأبها في لحظة توقيع المعاهدة بين بلديهما الآن بمثل تلك التفاصيل. فالماضي صار ماضياً و... بسرعة. وهكذا فضلا معاً ان ينسيا ان المعاهدة التي وقّعت قبل عامين كانت هي التي سمحت لألمانيا بأن تحتل بولندا وتضمها الى اراضيها، ما ادى الى وقوع الحرب بين المانيا وبريطانيا. وعلى رغم هذا النسيان المشترك، لم يفت ونستون تشرشل في تلك المناسبة ان يصرّ على ضرورة ان يكون ثمة ما يجبر الشريكين الجديدين على ان يقوم كل منهما باستشارة شريكه قبل اي تعهد او تفاوض للوصول الى هدنة او صلح او سلام مع العدو. وفي المناسبة ذكّر السفير البريطاني محدثيه كيف ان بريطانيا اعتادت، دائماً، ان تحافظ على كلامها وتعهداتها، وان ونستون تشرشل قال انه اذا ما حدث لبلد ما، ومهما كان شأن هذا البلد وتوجهاته، ان اعلن الحرب على هتلر، ستكون بريطانيا العظمى حليفته الموثوقة. ولتعزيز هذا الكلام، وتطوير العلاقة بين البلدين، تقرر خلال تلك الجلسة ان تستعد، منذ اليوم التالي، مجموعة من العسكريين السوفيات، للسفر الى لندن البحث في تطورات الوضع العسكري، وفي احتياجات موسكو العسكرية في ضوء تطور صراعها العسكري مع برلين، وأيضاً في كيفية "الضغط المشترك" المطلوب ممارسته، الآن، على واشنطن لتوريطها في ذلك كله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.