لندن، طهران - "الحياة"، أ ف ب، رويترز - كانت جامعة طهران أمس مسرحاً لاعتداءات عنيفة من جانب المتشددين من "الحرس الثوري" و"أنصار حزب الله" على طلاب تظاهروا احتجاجاً على اغلاق صحيفة "سلام" الناطقة باسم التيار الاصلاحي الذي يتزعمه الرئيس محمد خاتمي. ولم تتدخل الشرطة إلا لاعتقال مئات من الطلاب الذين سقط في صفوفهم قتيل وعشرات الجرحى على الاقل. وفي مكان غير بعيد عن مسرح الاعتداءات، كان رئيس مجلس الرقابة على الدستور آية الله جنتي المقرب من مرشد الجمهورية على خامنئي يخطب، مؤيداً القيود على الصحافة في ايران، ومؤكداً ان حرية التعبير يجب ان لا تستخدم في "التآمر" على النظام. وافادت وكالة انباء الجمهورية الاسلامية الايرانية الرسمية ان مواجهات عنيفة دارت في جامعة طهران، ليل الخميس وصباح امس الجمعة ثم تجددت مساءً، بين قوى الامن وطلاب تظاهروا احتجاجاً على اغلاق صحيفة "سلام" الاصلاحية. لكن تقارير محايدة افادت ان الطلاب كانوا عرضة لهجوم بالعصي وقنابل الغاز شنّه متشددون من "الحرس الثوري" و"أنصار حزب الله"، تدخلت الشرطة على اثره لاعتقال مئات منهم. وانطلقت تظاهرات الطلاب من كلية الهندسة في الجامعة حيث كان عدد غير محدد منهم بدأ بالتظاهر منذ مساء اول من امس ، وتدخل المتشددون صباح امس لتفريق المتظاهرين فيما ضربت الشرطة طوقاً أمنياً حول الحرم الجامعي. وأفاد شهود ان الاعتداءات أسفرت عن سقوط ما لا يقل عن قتيل وعشرات من الجرحى في صفوف الطلاب الذين اعتقلت الشرطة مئات منهم. واستخدم المتشددون العصي وقنابل الغاز المسيل للدموع خلال مطاردة الطلاب الذين لجأوا الى اماكن اقامتهم في الحرم الجامعي. واضاف الشهود ان الشرطة لم تتدخل إلا لاعتقال الطلاب واقتصر دورها على ضرب طوق أمني حول الجامعة. وافاد صحافي ايراني لمراسل فرانس برس ان المباني الجامعية بدت امس كأنها خرجت من معركة، إذ احرق العديد من غرف السكن الخاصة بالطلاب وتناثر الزجاج المحطم على الارض وتوزعت السيارات والدراجات النارية المدمرة امام المباني. واضاف ان "عدداً الطلاب كانوا نائمين ولم يتمكنوا إلا من اخذ بعض الامتعة قبل الفرار"، وان "بعض الغرف كان محروقاً تماماً ومدمراً". وأعلنت حركة "مجاهدين خلق" المعارضة المسلحة ان اكثر من ألف طالب اصيبوا بجروح. وقالت في بيان إن الوحدات الخاصة التابعة ل"الحرس الثوري" اعتقلت اكثر من ألف طالب في حرم امير أباد وهو احد المواقع في جامعة طهران. وأوضحت ان طالباً باكستانياً وآخر طاجيكياً كانا في عداد الجرحى. وكشف البيان ان "13 ألف طالب كانوا داخل الحرم الجامعي عندما هاجمهم عناصر الحرس الثوري وانصار حزب الله". ونقلت حركة "مجاهدين خلق" عن شهود انه "تم القاء طلاب من نوافذ الطبقتين الثانية والثالثة وقد يكون قتل سبعة او ثمانية منهم". صراع على خلفية الانتخابات وعكس ذلك تجدد الصراع بين الاصلاحيين الذين يعلقون آمالهم على خاتمي والمحافظين المتشددين الذين يلتفون حول مرشد الجمهورية على خامنئي، خصوصاً أن الانتخابات النيابية بدأت تقترب ويتوقع اجراؤها في شباط فبراير المقبل. وفي هذا الاطار، أيد رئيس مجلس الرقابة على الدستور آية الله جنتي وهو قريب من خامنئي في خطبة ألقاها خلال صلاة الجمعة في جامعة طهران، القيود المفروضة والحملة التي تشن على الصحافة في بلاده، مؤكداً أن حرية التعبير يجب ان لا تستخدم في "التآمر" على النظام الاسلامي. وقال جنتي ان "حرية التعبير والكتابة قائمة، لكن ليس حرية التآمر. الحرية لا تعني امكان التهجم على قيمنا". وأشاد بمشروع قانون الصحافة المعدّل الذي اقر مجلس الشورى بتأييد من المحافظين، خطوطه العريضة الاربعاء. ويشدد المشروع الرقابة على الصحافة. ولم يفت جنتي خلال شكره مجلس الشورى على تبنيه هذا القرار، ان يشير الى "مؤامرات الدول الاجنبية التي بذلت كل شيء لافشاله" وخص بالذكر "اسرائيل والولايات المتحدة وفرنسا". وينص التعديل القانوني على تعزيز دور المحاكم الثورية في محاكمات الصحافة ومنع اي منظمة لا يعترف بها النظام من الوصول الى الصحف ومضاعفة المسؤولية الشخصية للصحافيين. ولا يزال يفترض في البرلمان مناقشة تفاصيل هذا النص الذي لقي انتقادات شديدة من جانب الصحافة الاصلاحية والرئيس خاتمي بسبب ما يشكله من انتقاص لحرية التعبير. "سلام" تستعد للعودة وتزامن التصويت على مشروع القانون الاربعاء، مع اغلاق صحيفة "سلام" المقربة من خاتمي بعد اتهامها بنشر وثيقة "سرية للغاية" تظهر ان اجهزة الاستخبارات الايرانية هي التي اقترحت العام الماضي تشديد قانون الصحافة. ورغم ذلك، استعد الصحافيون في "سلام" لاستئناف اصدارها اليوم معربين عن املهم في تراجع محكمة رجال الدين عن قرار اغلاقها بعدما ذكرت وكالة الانباء الايرانية ان وزارة الاستخبارات سحبت مساء اول من امس الدعوى التي تقدمت بها ضد الصحيفة، تفادياً لحصول تطورات تحريضية حول هذه القضية، حسبما افاد بيان للوزارة. وأوضحت الوكالة ان سحب الدعوى يهدف ايضاً الى "منع حصول توتر لا طائل منه في المناخ السياسي في ايران" كما يهدف الى "تعزيز سياسة الحكومة في ما يتعلق بالتقدم السياسي وحرية الصحافة". وكانت الصحيفة نشرت الثلثاء اجزاء من رسالة لمسؤول رفيع سابق في وزارة الاستخبارات طلب فيها فرض مزيد من القيود على الصحافة، على غرار تلك التي اقرها مجلس الشورى فى خطوطها العريضة اول من امس بمبادرة من التيار المحافظ. وقالت الوكالة ان وزارة الاستخبارات رفعت شكوى ضد نشر مقتطفات من هذه الوثيقة المعتبرة "سرية للغاية" بعدما "وضعت لها عنواناً مزيفاً وشطبت القسمين الاول والاخير منها بهدف توتير الرأي العام". وبرر تعاطي محكمة رجال الدين الخاصة مع الصحيفة، بكون مديرها آية الله محمد خوئينيا من رجال الدين. وكان خوئينيا احد الراديكاليين الذين نظموا عملية احتجاز الرهائن فى السفارة الاميركية في بداية الثورة الايرانية لكنه انضم الى التيار المعتدل للرئيس خاتمي واصبح احد مستشاريه اضافة الى انه عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام وهي اعلى هيئة تحكيم فى البلاد