كأس الخليج تحت 23 عاماً ..لاعب الأخضر"العليوة"يحصل على جائزة أفضل لاعب .. و"حامد يوسف" أفضل حارس    الأهلي يجدد عقد "ميندي" حتى موسم 2028    اكتشافات أثرية    روسيا: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا «لا تبشّر بالخير»    عثمان ديمبلي يفوز بجائزة أفضل لاعب لعام 2025 «The BEST»    اليماحي: تصويت 164 دولة بالأمم المتحدة يؤكد حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره    مركز أكسفورد للدراسات الإسلامية يحتفي بمرور أربعين عامًا على تأسيسه    العاصمة الرياض تنضم لشبكة اليونسكو لمدن التعلُم العالمية    انطلاق التصفيات النهائية لمسابقة جائزة الجميح لحفظ القرآن الكريم في دورتها السابعة عشر    ولي العهد يتلقى رسالة خطية من رئيسة تنزانيا    4658 حالة إسعافية بالجوف    منتدى الحدود الشمالية للاستثمار.. حين تتحول الجغرافيا إلى فرص تنموية    أمير جازان يستقبل القنصل العام لجمهورية السودان    مؤتمر أبشر.. الابتكار والتحول الرقمي    مشكاة يشارك في جناح الطفل بمعرض جدة للكتاب 2025    زيلينسكي: مقترحات إنهاء الحرب في أوكرانيا قد تُعرض على روسيا خلال أيام    الأمان المجتمعي يبدأ من الحوار    الإيمان يولد من المحبة لا من الخوف    اخطب لابنتك ولا تخطب لولدك    عبد العزيز بن سعد يطلع على خطط هيئة تطوير حائل    السعودية تدين مصادقة الاحتلال على بناء 19 مستوطنة في الضفة    القادسية يستنجد بخبير أيرلندي    غزة: وفاة رضيع بعمر أسبوعين نتيجة البرد الشديد    تعليم الطائف يؤكد أهمية الشراكات في تطوير الأداء التعليمي وتحقيق الاستدامة    نائب أمير المنطقة الشرقية يطلع على برامج وجهود جمعية هداية للدعوة والإرشاد    أمير حائل يستقبل رئيس كتابة العدل بالمنطقة    أبها يحافظ على الصدارة.. وسباق الهدافين يشتعل بين سيلا سو و نوانكو    تجمع القصيم الصحي ينال الاعتماد البرامجي للتخصص الدقيق في طب العناية الحرجة للكبار    زين السعودية تطلق باقة صنع في السعودية لدعم التحول الرقمي للقطاع الصناعي    الخميس تنتهي مدة تسجيل 59.161 قطعة عقارية في منطقتي الرياض ومكة المكرمة    أمير جازان يستقبل مدير عام حرس الحدود    القحطاني: المقاطع المتداولة عن غرق مواقع في الرياض غير صحيحة ولا تعكس واقع الحالة المطرية    سعود بن طلال يكرّم الفائزين بجائزة الأحساء للتميّز    تركيا تقول إنها أسقطت طائرة مسيرة غير خاضعة للرقابة    مؤشر الدولار ينخفض بنسبة 0.2 بالمئة    أصدقاء البيئة تنفذ زراعة 300 شجرة بالكلية التقنية دعمًا لمبادرة التشجير الوطني    السكتيوي: بالانضباط التكتيكي هزمنا الإمارات    المطر في الشرق والغرب    نجاح ترميم مجرى الدمع بالمنظار    «جوارديولا».. رقم تاريخي في الدوري الإنجليزي    موجز    قطع شرايين الإمداد الإنساني.. «الدعم السريع» يعمق الأزمة بالتصعيد في كردفان    لبنان عالق بين التفاوض واستمرار التصعيد العسكري    شراكات في صناعة السينما بمهرجان البحر الأحمر    اختتمت مشاركتها في المعرض بمدينة ميلانو الإيطالية.. السعودية تبهر زوار «أرتيجانو آن فييرا» بعمقها الحضاري    ضمن أعمال منتدى تحالف الحضارات.. مناقشات دولية في الرياض تعزز الحوار بين الثقافات    وزارة الخارجية تعرب عن تعازي المملكة ومواساتها للمملكة المغربية جرّاء الفيضانات في مدينة آسفي    أمير منطقة الرياض يوجه الجهات المعنية بسرعة رفع تقارير نتائج الحالة المطرية    38 مليون عملية إلكترونية عبر «أبشر» خلال شهر    إغلاق موقع مخبوزات مخالف في جدة    انطلاق تمرين مواجهة الكوارث البحرية الخميس    القيادة تعزّي ملك المغرب في ضحايا فيضانات مدينة آسفي    دواء مناعي يعالج التهاب مفاصل الركبة    علامة مبكرة لتطور السكري الأول    أسعار تطعيم القطط مبالغة وفوضى بلا تنظيم    نائب أمير الشرقية يستقبل مجلس «مبرة دار الخير»    دور إدارة المنح في الأوقاف    «الحياة الفطرية» تطلق مبادرة تصحيح أوضاع الكائنات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تهليلة عشتار ومناحاتها على تموز أصل القداس الموسيقي والأوبرا
نشر في الحياة يوم 09 - 06 - 1999

لا شك في ان الابداعات الراقية في مجال الموسيقى بمثابة دلالة ناجزة على التطور الحضاري للمجتمعات، لأن رسالتها لا تكتمل الا بتكامل العلاقة بين المبدع والمتلقي.
واذا كان العرب عموماً في حال حضارية لا يحسدون عليها في الزمن الراهن فمن الطبيعي ان تنضب ابداعاتنا، خصوصاً على مستوى التأليف والابتكار. ولكن هذا لا يعني انه ليست لنا انجازاتنا واسهاماتنا في الابجدية الموسيقية العالمية، التي ما زالت قائمة منذ ايامنا الزاهية حتى خواتيم الألفية الثانية.
الباحث الرصين علي الشوك في كتابه الجديد "الموسيقى بين الشرق والغرب" يقدم بانوراما للمرحلة الوسيطة لنشأة الموسيقى التي كانت اشكالاً تعبيرية لظواهر الفرح والحزن عند الانسان القديم، ويرصد مراحل تطورها حتى اخذت شكلها الحديث، فناً له اصوله وقواعده.
يقع الكتاب في ثلاثة اقسام: في الاول يتناول "ظاهرتي التهليلة والولولة كانعكاس لحالتي الفرح والحزن عند الانسان وكيف تطورت هاتان الظاهرتان الموسيقيتان البدائيتان الى موسيقى القداس الذي يعتبر واحداً من اهم الاشكال في الموسيقى الغربية".
اما في الثاني فيتابع الباحث "اصداء هذه الهتافات من ايام سومر وبابل وتأثيرها في الطقوس الموسيقية اليونانية.
ويكرس القسم الثالث للعلاقة بين التهليلة البابلية وهللويا القداس في موسيقى الكنيسة المسيحية. بالاضافة الى الموسيقى العربية القديمة وتفاعلها مع موسيقى الشعوب الاخرى وتأثيرها في الموسيقى الغربية. هذا فضلاً عن مجموعة من المقالات عن "سرقات الموسيقية عندنا وعندهم" والاتجاهات الجديدة في الموسيقى العالمية.
في مجال تأصيل الموسيقى الجنائزية يدحض الباحث نظرية هوغو لايختنتريت في كتابه "الموسيقى والحضارة" الذي يتحدث فيه عن الموسيقي اليوناني لينوس زاعماً انه "مبتدع الموسيقى الجنائزية المنتحبة ومخترع الكنارة Lyre ذات الأوتار الثلاثة وسيد الغناء الشعبي". فيقول الشوك ان المصادر الاغريقية نفسها تذكر ان المسافرين اليونانيين الى سورية كانوا يسمعون صرخات تفجع عالية في موسم حصاد القمح يطلقها الحاصدون مرددين كلمة ايلينوس في مناحاتهم على إلة القمح القتيل الذي يتصورونه يلقى مصرعه تحت وقع المناجل في اثناء الحصاد، وهي من المعتقدات القديمة التي ترقى في جذورها الى العصر الحجري الحديث، ثم نسج اليونانيون من هذه الاخبار قصة عن بطل موسيقي موهوم دعوه لينوس اشتقوا اسمه من المناحة الفينيقية "ايلانو" Ailanu التي تعني "ويل لنا". وهي تشبه الى حد بعيد صرخة الفجيعة التي تطلقها الندابات السوريات في سورية هذه الايام وهي "ويلي علينا" ومثلها صرخة النائحات العراقيات "أويلي، أويلي".
ويشير الباحث الى ان هنري جورج فارمر ينقل ن ديو دورس الصقلي قوله: "ان لينوس هو الذي اجترح الشعر والموسيقى اليونانيين وان اسطورة لينوس في اليونان المعروف بالاغنية المقترنة باسمه إن هي الا اسطورة تموز من وادي الرافدين".
ويؤكد الشوك ان اختراع القيثارة يعود في المقام الاول الى وادي الرافدين قبل ظهور اليونانيين على مسرح الحضارة بزمن طويل. وان تهليلة عشتار والموسيقى المرافقة لدى نزولها الى العالم السفلي بحثاً عن تموز وعودتها "هي اساس القداس الموسيقي وحتى الاوبرا". خصوصاً اذا علمنا ان اقدم نماذج هذه الاخيرة يروي قصة عيد الفصح التي لا تختلف في جوهرها عن صعود عشتار من العالم الاسفل. ولا يزال صدى تهليلة عشتار وولولتها يترجع في هللويا القداس وولولته.
اما الموسيقى العربية القديمة فيلاحظ الباحث انه على رغم وجود بعض الاشارات في الاساطير الى عراقة الموسيقى العربية، الا ان اقدم ذكر ورد في نص آشوري يرقى الى القرن السابع قبل الميلاد. وجاء فيه ان الاسرى العرب كانوا يغنّون اغاني الكدح ويعزفون على نحو آخذ بمجامع قلوب اسيادهم الآشوريين فكانوا يطلبون منهم ان يزيدوهم طرباً.
وبالطبع كان الغناء والموسيقى مهنة القيان.
وفي صدر الاسلام كان هناك سوق عكاظ ملتقى العرب الاول في الشعر والغناء والموسيقى. ويعتبر ابن مسجح توفي عام 715م المع موسيقي ظهر في تلك المرحلة وأبا الموسيقى العربية الكلاسيكية.
كذلك يعتبر كتاب الأغاني للأصفهاني سجل جامع للتراث الغنائي والشعري العربي من الجاهلية حتى ايام هارون الرشيد. ويتألف من واحد وعشرين مجلداً، وهو مكرّس لموضوع المئة صوت لحن التي طلب هارون الرشيد من ابراهيم الموصللي واسماعيل بن جامع وفليح بن ابي العوراء اختيارها من بين الذخيرة الهائلة من الالحان التي كانت رائجة في زمانه.
ومع ان الموسيقى العربية شهدت ذروة ازدهارها في العصر العباسي الاول الا ان هذا الفن واصل تألقه حتى في عصور الانحطاط السياسي وحظي بالاهتمام حتى في الاوساط الاكاديمية حيث اصبح احد فروع الرابوع الرياضي الحساب، والهندسة، والفلك، والموسيقى. وفي اثناء ذلك دخلت العالم العربي آلات موسيقية جديدة، وظهرت مؤلفات وابحاث نظرية بلغت في عددها زهاء مئتي مؤلف، كتبت بين القرنين التاسع والثالث عشر الميلاديين، من ابرزها وأقدمها "رسالة في خُبْر تأليف الالحان" للفيلسوف الكندي المتوفى حوالى 874 م ومخطوطتها في المتحف البريطاني. وهناك كتاب الفارابي الموسوم ب"كتاب الموسيقى الكبير" وهو اهم كتاب موسيقي اسلامي ظهر الى الوجود.
وكان الخوارزمي يسمي الاوكتاف اي الجواب بالعربية في كتابه "المفاتيح" المسافة التي بالكل، ويسمي النوطة العليا "صياح" والدنيا "سجاح". كما اشار الى الخامسات والرابعات التي تتطابق مع خامسات ورابعات السلم الغربي الحديث. ويقول خوليان ريبيرا ان هذه الطريقة التي ورد ذكرها في كتاب "المفاتيح" تؤكد النتائج التي توصل اليها لاند Land في دراسته عن الفارابي ان المسلمين استعملوا السلم الطبيعي Diatonic المستعمل حالياً في اوروبا.
وفي كتاب ابن سينا "الشفاء" فصل مهم جداً عن الموسيقى، يتطرق فيه مؤلفه الى ذكر ضرب من الزخرفة اللحنية للمرة الاولى هي بالتحديد:
عزف الاوكتاف اي النوطة الثامنة والخامسة او الرابعة في وقت معاً، مع النغمة الاساسية ويسمى ذلك تركيباً، وهو ما يقابل الاورغاتوم في الموسيقى الغربية.
باختصار شديد يمكن القول:
ان كتاب على الشوك تأسيسي في تاريخ تطور الموسيقى في الشرق والغرب. ويا حبذا لو وفى بوعده وانجز لنا ما يمكن ان نسميه الجزء الاول من هذا البحث ليصبح تاريخ نشأة الموسيقى ومراحل تطورها كاملاً بين يدي الاجيال العربية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.