لمناسبة اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب، وتحت شعار "نحو مجتمع فلسطيني خال من التعذيب"، نظم في غزة مؤتمر صحافي خلص الى نتيجة مفادها ان اسرائيل لا تزال تمارس التعذيب تحت غطاء قضائي وقانوني من المحكمة العليا. أكد مدير المركز الفلسطيني لحقوق الانسان المحامي راجي الصوراني ان المركز يلح دوماً على ضرورة معاقبة مقترفي جرائم التعذيب بحق المعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال الاسرائيلي. ودعا الى جهد متكامل ومنسق بين السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير ومنظمات حقوق الانسان الفلسطينية بهدف القيام بحملة من هذا النوع لتوفير الجهد والوقت المبذولين. وأضاف خلال مؤتمر صحافي نظمه برنامج غزة للصحة النفسية في مقر نقابة الصحافيين في غزة أمس، ان هناك امكانات للمتابعة يمكن أن تتم على أكثر من مستوى مثل "ملاحقة أفراد اقترفوا جرائم التعذيب ودول أيضاً". وأورد مثالاً على ذلك المؤتمر الذي عُقد في جنيف في سويسرا في أيار مايو الماضي تحت عنوان "ماذا بعد بينوشيه"، وطُرحت خلاله اسماء مثل رئيس الوزراء الاسرائيلي المنتخب ايهود باراك ورئيس الحكومة السابق شمعون بيريز وزعيم ليكود الموقت ارييل شارون. وأكد ان الدولة العبرية هي الوحيدة في العالم التي شرّعت التعذيب وأضفت عليه غطاء قضائياً وقانونياً عندما أقرت المحكمة العليا قبل سنوات جواز استخدام محققي أجهزة الأمن الداخلية شاباك، التعذيب مع المعتقلين الفلسطينيين بهدف انتزاع اعترافات منهم. وأشاد بالدول العربية التي لا تشرّع التعذيب. وأشار مدير برنامج غزة للصحة النفسية، سكرتير عام شبكة منظمات مساندة ضحايا التعذيب في الشرق الأوسط الدكتور اياد السراج، الى توفر معلومات أكيدة لدى منظمات حقوق الانسان، عن "ممارسة السلطة الفلسطينية التعذيب الذي أدى الى وفاة بعض المعتقلين في سجونها". ولاحظ السراج انخفاض عدد الشكاوى ضد التعذيب ما يعني انه طرأ "تحسن ملحوظ" مما أدى أيضاً الى انخفاض عدد القتلى أثناء التعذيب. لكنه أشار أيضاً الى نقل أحد المعتقلين الى المستشفى وهو في حال غيبوبة نتيجة تعذيبه الشهر الماضي. وانتقد السراج عدم تعاون الأجهزة الأمنية، خصوصاً جهاز الاستخبارات العسكرية الذي يرأسه العميد موسى عرفات، مع منظمات حقوق الانسان في ما يتعلق بشكاوى انتهاكات حقوق الانسان. وطالب السلطة الوطنية بتبني تشريع لحقوق الانسان يحرّم التعذيب. وكان المركز الفلسطيني لحقوق الانسان أعد تشريعاً في هذا الصدد قبل أكثر من عام، وذلك في ضوء عدم مصادقة عرفات على القانون الأساسي الدستور الموقت الذي يمنع التعذيب أيضاً. وعرض وزير شؤون الأسرى هشام عبدالرازق وسائل التعذيب التي يستخدمها محققو "شاباك" مع المعتقلين الفلسطينيين في مراحلها المختلفة. وأكد ان التعذيب كان أشد وأقصى في بدايات الاحتلال خصوصاً بعد احتلال الضفة وغزة عام 1967، على الرغم من أن الدولة العبرية مارست التعذيب بحق الأسرى العرب والفلسطينيين قبل عام 67. وأشار الى أن الاسرائيليين مارسوا القتل العمد، وأن عدداً من المعتقلين الفلسطينيين الذين تعرضوا للتعذيب أصيب بشلل فيما أصيب بعضهم الآخر بأمراض نفسية. واعتبر مقرر لجنة حقوق الانسان في المجلس التشريعي الفلسطيني الدكتور حسن خريشه الدولة العبرية "صاحبة تاريخ أسود في تعذيب شعبنا"، مؤكداً ان الأطباء الاسرائيليين "مارسوا التعذيب أيضاً بحق أسرانا سواء خلال الكشف الطبي الأول للمعتقل أو أثناء فترة اعتقاله". وأكد خريشه أن المادة 16 من القانون الأساسي الفلسطيني "تحرم التعذيب وتمنعه". واستدرك: "لكن للأسف التعذيب يُمارس عندنا من اخوة اعتقلوا في السابق سنوات طويلة في سجون الاحتلال"، مطالباً السلطة "بغربلة الأجهزة الأمنية، وتوثيق مجرمي الحرب الاسرائيليين"، والعمل على صوغ "تشريعات قوية ضد التعذيب". وأكد مسؤول حقوق الانسان في مكتب ممثل مفوض الأممالمتحدة السامي لحقوق الانسان في غزة مازن شقورة انه لا يجوز لأي دولة في العالم بمن فيها اسرائيل التذرع بظروف خاصة لممارسة التعذيب، وأشار الى ان في ظل حال الطوارئ لا يجوز ممارسة التعذيب. وأوضح ان المواد الخاصة بالتعذيب تعتبر من القواعد الآمرة في القانون الدولي، مشيراً الى أن اسرائيل بررت استخدامها التعذيب ضد المعتقلين الفلسطينيين في تقريرها الذي قدمته للجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة العام الماضي، قائلة انه "لحماية الأمن الوطني وحماية أشخاص آخرين". يذكر ان الأممالمتحدة أقرت يوم 26 حزيران يونيو من كل عام الذي تصادف أول من أمس، يوما لمساندة ضحايا التعذيب حول العالم.