185 مليارا للمستشفيات والصناعات الطبية في 2030    10 أعوام واعدة للسياحة العلاجية والاستشفائية بدول الخليج    بعد سحب البرلمان الإيراني الثقة عن همتي.. وسائل إعلام إيرانية تؤكد استقالة ظريف    قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم قبة الصخرة بالمسجد الأقصى    قطر تدين بشدة قرار حكومة الاحتلال بوقف إدخال المساعدات إلى غزة    دعم سعودي لقطاع التعليم في اليمن    نيوم والجندل يهددان الصفا والعين    وزير الخارجية ونظيره الجزائري يبحثان التطورات بالمنطقة    محمد العامر إلى رحمة الله    وفاة جدّة عبدالعزيز البراك    أُسرتا كيال والسليمان تتلقيان التعازي في فقيدهما    استدامة وأثر لمعالجة التشوه البصري    الدفاع المدني يكثف الجهود بالحرمين الشريفين    3500 قطعة أثرية تحت المجهر    جزر فرسان عبادات وعادات    وزير الشؤون الإسلامية يعتمد أسماء الفائزات على جائزة الملك سلمان لحفظ القرآن في دورتها ال 26    أمير الرياض يكرّم الفائزين بجائزة الملك سلمان لحفظ القرآن الكريم    ضيوف برنامج خادم الحرمين يزورون مقبرة شهداء أحد ومسجد قباء    الصميدي يتبرع لوالدته بجزء من كبده وينهي معاناتها مع المرض    أمير تبوك يستقبل المهنئين بشهر رمضان المبارك    سواريز: فخور بأداء اللاعبين    بلدية محافظة الشماسية تضيء شوارعها ابتهاجاً بالشهر الفضيل    برشلونة يعزز صدارته لليغا ويثأر لصوفيا    250 زيارة رقابية مشتركة بين الامانه وهيئة الغذاء والدواء على محلات العطارة    حرس الحدود بمنطقة جازان يقبض على (5) مخالفين    رئيس الوزراء البريطاني: أوروبا ستواصل دعم أوكرانيا عسكرياً    المنتدى السعودي للإعلام 4    الذهب يسجل أسوأ أسبوع في ثلاثة أشهر مع قوة الدولار    «تداول»: 4.3 % ملكية المستثمر الأجنبي من القيمة السوقية للأسهم    مشروع الأمير محمد بن سلمان لتطوير المساجد يعيد بناء مسجد القبلي على الطراز النجدي    سعود بن نايف يطّلع على إنجازات القطاع الشرقي الصحي    أمير الرياض يستقبل المفتي العام ومحافظ الخرج ورئيس المحكمة    أمير تبوك يستقبل المهنئين بشهر رمضان المبارك    الجهات الحكومية بمكة تبدأ تفعيل خططها لشهر رمضان    أمير تبوك يستقبل المهنئين بشهر رمضان المبارك    «سكن» وبنك التنمية يوقّعان اتفاقية لتوفير 5000 وحدة سكنية    أمير القصيم ينوه بدعم القيادة للمنظومة الصحية    للعام الرابع على التوالي.. مستشفى الدكتور سليمان فقيه بجدة أفضل مستشفى خاص بالمملكة    نقل لاعب الزمالك السابق «إبراهيم شيكا» إلى المستشفى بعد تدهور حالته الصحية    Mate XT الهاتف الأول القابل للطي الثلاثي    جوازات مطار الملك عبدالعزيز تستقبل رحلات ضيوف الرحمن القادمين للعمرة    استشهاد 4 فلسطينيين في قطاع غزة    "الصناعة" تُعالج 755 طلبًا للإعفاء الجمركي خلال يناير    فتح التقديم على 10,494 وظيفة تعليمية في جميع إدارات التعليم    أخصائية تغذية تحذّر من تناول المكملات الغذائية في رمضان    مصر ترفض تشكيل حكومة سودانية موازية    ببداية الفصل الثالث ..1700 مدرسة بالطائف تستقبل أكثر من ربع مليون طالب وطالبة    النادي السعودي في بيرث يحتفي بيوم التأسيس    سبقه بوقاش والسومة.. إيفان توني يدخل التاريخ ب"هاتريك" الهلال    الملك سلمان موجهاً كلمة للمواطنين والمقيمين والمسلمين بمناسبة حلول رمضان: خدمة الحرمين وقاصديهما نهج دأب عليه ملوك المملكة    التعادل السلبي يخيم على لقاء الفيحاء والوحدة    محمد بن فهد.. أمير التنمية والأعمال الإنسانية    طائرة الهلال تحلق بالصدارة    "الثقافة" تنظم فعاليات ثقافية في موسم رمضان    3 مسارات لحافلات النقل الترددي بالمدينة    ثلاثية توني    "جيل الطيبين " ما الذي يغذي المصطلح؟    أمير منطقة مكة يهنئ القيادة الرشيدة بمناسبة شهر رمضان المبارك.    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المقدوني غليغوروف : آخر رعيل تيتو
نشر في الحياة يوم 27 - 06 - 1999

عند الحديث عن الجمهوريات الست التي كانت تشكل يوغوسلافيا السابقة، فإنه يشار دائماً الى مقدونيا بأنها الوحيدة التي لم تشهد أراضيها "اتون الصراع المسلح والحرب" على رغم التنوع العرقي فيها ومجاورتها لصربيا، وان ذلك يعود الى حكمة رئيسها كيرو غليغوروف الذي ادرك ان مشكلة بلغراد الرئيسية مع جمهوريته تنحصر في معدات الجيش اليوغوسلافي الموجودة في الأراضي المقدونية، فأبلغ الرئيس سلوبودان ميلوشيفيتش ان خيار سكوبيا هو "السلامة في مقابل التخلي عن الأسلحة".
لكن الرئيس غليغوروف رأى ايضاً ان تجنب مقدونيا "الشر" الآتي من جارتها الشمالية صربيا لم ينه معاناتها الخارجية والداخلية، اذ تأججت مشاكلها المتوارثة مع جاراتها الثلاث الأخرى بلغاريا الخلافات القومية واللغوية واليونان الإرث التاريخي للاسكندر الكبير والبانيا الأقلية الألبانية التي تشكل ربع السكان فطلب انتشار قوة سلام دولية تحت علم الأمم المتحدة لضمان الاستقرار في الأراضي المقدونية، وواظب على "مجاملة" الغرب الذي لا مناص من نيل رضاه في خضم "النظام العالمي الجديد" الى حد القبول ب"كل علاج ترتأيه أميركا وأوروبا" ومن ذلك التسمية الدولية لبلاده التي لا تزال قائمة وهي "جمهورية مقدونيا اليوغوسلافية السابقة" ارضاء لليونان "الحريصة على امتلاك كل إرث الاغريق" وذلك على حساب اسم "جمهورية مقدونيا" الذي يريد المقدونيون الاقتصار عليه محلياً وعالمياً. ويسود التقويم بأن مسلك الرئيس غليغوروف مستوحى من الخبرة السياسية المتراكمة التي كسبها من نهج نظام تيتو، الذي كان عنصراً بارزاً فيه منذ نشوئه وحتى انقراضه، وهو بذلك آخر من لا يزال في قمة السلطة من رعيل الفئة الحاكمة التي اختارها تيتو بنفسه، ولعل مقدونيا هي الجزء الوحيد من الاتحاد اليوغوسلافي السابق التي لم تحذف اسم تيتو من شوارعها ومدنها، ولم تأمر حكومتها رسمياً بسحب صوره وتماثيله من دوائرها الرسمية ومؤسساتها العامة حتى الآن.
ولد كيرو اسمه غليغوروف لقبه في 3/5/1917 في مدينة شتيب 120 كم جنوب شرقي العاصمة المقدونية سكوبيا من عائلة ريفية، واكمل دراسته الثانوية في سكوبيا، وتخرج من كلية الحقوق في بلغراد عام 1938 ليعود الى سكوبيا ويعمل موظفاً في مصرف أهلي.
ولأن كيرو كان منذ شبابه المبكر اختار الانتماء الى الحركة الوطنية الثورية التي كانت متمثلة انئذ في يوغوسلافيا بالتنظيمات الشيوعية، فقد انضم الى "قوات الانصار المناهضة للشيوعية" منذ انشأها تيتو عام 1941، وشارك في كفاحها ضمن حدود مقدونيا، محارباً ومسؤولاً مالياً حتى نهاية الحرب العالمية الثانية في 1945.
وبعد تشكيل جمهورية يوغوسلافيا الاشتراكية الاتحادية بزعامة تيتو، انتقل غليغوروف الى بلغراد وتسلم مسؤوليات حزبية وحكومية كبيرة، منها سكرتيرا خاصاً للرئيس تيتو ومساعد وزير الاقتصاد، ثم وزيراً للمالية من 1962 - 1967 ورئيساً لمعهد العلوم الاشتراكية في بلغراد، وفي 1974 أصبح عضواً في البرلمان اليوغوسلافي ورئيساً له، اضافة الى مناصب اقتصادية رفيعة.
وعندما بدأت رياح التغيير تجتاح يوغوسلافيا منذ 1989، عاد كيرو غليغوروف الى مقدونيا ليتصدر المسرح السياسي، حيث انتخب في 27/1/1991 رئيساً لجمهورية مقدونيا بالاقتراع العام في أول انتخابات متعددة الأحزاب، وأعيد انتخابه في تشرين الأول اكتوبر 1994 لمدة خمس سنوات تنتهي نهاية العام الجاري 1999 حيث قرر التقاعد والراحة، وبذلك تكون مقدونيا حصلت على استقلالها في عهد رئاسة غليغوروف بالوسائل السلمية وأصبحت عضواً في هيئة الأمم المتحدة في 3/4/1993.
ويعيش كيرو منذ 1940 مع زوجته نادا، ولهما ولد فلاديمير يقيم في النمسا منذ غادر بلغراد قبل خمس سنوات ويعمل موظفاً في المجالات الهندسية، وابنة دانكا كانت تعمل الى عهد قريب صحافية في جريدة بوربا في بلغراد وانتقلت أخيراً الى سكوبيا لتواصل عملها الصحافي في تلفزيون مقدونيا، ويعتبر كيرو غليغوروف في صف أكثر الزعماء السياسيين اليوغوسلاف السابقين نزاهة، فهو ظل يعيش على راتبه الشهري، ولا يعرف عنه أي استغلال لنفوذه في كسب مادي أو عقاري له أو لعائلته، وذلك اسوة بالرئيس الراحل تيتو الذي توفي من دون أن يخلف أي شيء مادي لولديه ميشا وجاركو، اللذين ظلا يعملان بوظائف اسوة بالمواطنين العاديين.
وعلى رغم كل الصفات الطيبة التي تحلى بها كيرو غليغوروف والهدوء العام الذي لازم حياته، فقد تعرض لمحاولة اغتيال بسيارة مفخخة في 3/10/1995 قتل فيها سائقه ومرافقه، بينما أصيب هو بجروح خطيرة، لا زالت آثارها على وجهه، ولا يعرف حتى الآن شيء عن الجهة التي نفذتها أو دوافعها، اذ لم تتمكن التحقيقات من الامساك بخيوطها، وعندما غادر المستشفى بعدما قضى حوالى الشهرين فيها، أفاد في أول تصريح صحافي له "انها المرة الأولى في حياته 78 سنة التي يرقد فيها مريضاً في المستشفى، وأضاف ان أكثر ما يؤلمه بعد حادث اغتياله ان يضطر بالسماح لعربة شرطة بمرافقة سيارته في تنقلاته، حيث ظل دائماً لا يقبل بذلك على أساس "ان من لا يؤذي الناس لا يخشى أحداً" لكنه أدرك - حسب قوله - ان الأشرار "لا يفرقون بين الطيب والشرير".
وخلال العمليات العسكرية الأخيرة ضد يوغوسلافيا، ظل الرئيس كيرو غليغوروف يدعو الغرب أن لا يستخدم الحلف الأطلسي الأراضي المقدونية في عمليات ضد صربيا وقال بعد توقف الغارات الجوية "الآن رفعت يدي التي ظلت تمسك بقلبي خوفاً على مقدونيا لحوالى ثلاثة أشهر".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.