اليوم عيد ميلادي... ودائماً أسمح لنفسي أن تستعيد ملامح وجهك يوم عيد ميلادي... هدية مني لنفسي. أحدهم قال لي يوماً عاجزاً أن يصف التفاصيل: هو كائن لا لون له! وآخر قال: نبيل كنمر! وثالث قال خائفاً: له لذعة العقرب! *** ما الذي يحرض الذاكرة فتستحضر نكهاتها وألوانها وأصداءها ولذعة أجوائها الخاصة؟ ما الذي يحتفظ بالتفاصيل الصغيرة الشاردة لتنفر واضحة في غلس النبض؟ اللون الشمعي؟ ذلك الخط الصغير الدقيق بين العينين؟ لمعة العسل الذهبي المختبئ في حدقتي نمر؟ ظلُّ التجربة الذي يلقي شبه ستار على النظرة؟ *** كلما سألتك كطفلة: لِمَ تتهرب الى خفاء في أعماقك؟ أمعنت تهرباً وتلوناً. حيرتني بتلونك... قوس قزح زئبقي. ما الذي كنت تخفيه؟... وعن من؟... عني أو عن ذاتك؟ *** لا أريد أن أعترف أنها كانت لحظات مختلفة... لحظات بعمر كامل... قصير مثل عمر الفراشات ولكنه عمر كامل. إحساس الحياة من عتمة الشرنقة الى التحليق في الفضاء الحي. نمور وعقارب!... وفراشات! هل تحب النمور اللهو بالفراشات؟ هل تعرف معنى أن تحتضن فرحك بنبض الأجنحة؟ أجنحتك أنت... لا نقوش أجنحة فراشة تصطادها!... *** لا أريد أن اعترف أنها كانت لحظات مختلفة... ربما لأنني لا أعرف كيف عشتها أنت. لا أحب أن أقيسها بمقياس المذاق الآني... أنا امرأة دهرية... سرمدية... جذوري في دلمن وأوبار... المذاقات لا تبقى على شفتي... فقط في ذاكرة النبض. *** ما زال السؤال يحيرني... الأسئلة كلها! التي تهربت منها والتي أكاد أقسم أنني الآن واثقة من أجوبتها. لماذا حيرتني بالشك؟ لماذا لم تؤكد لي أنها كانت لك، مثلي، لحظات الحقيقة السرمدية... لا لحظات النكهة العابرة في اصطياد فراشة...؟ تضحك!... كيف لي أن أتأكد؟ وأنت لم تبح لي أبداً بما تفعله بك لحظات الشعر... لحظات الشعور... لحظات الذاكرة؟ هي تلك الحقيقة التي لا نملك أبداً اثباتها... فقط ملامسة شيء خفي غير معلن يؤكد أن هذا الذي بلا لون هو ذلك السرمدي... تحتويه نقوش الأجنحة... ويحتفله تفرد الروح. *** لماذا أنت؟... لماذا أنا؟ من الذي يعاند من؟... ذاته أو الآخر؟ لماذا يستعصي وجه "لا لون له" على التناسي؟