احتل أمس نبأ استنساخ أول جنين بشري مقدمة الأخبار في الصحافة والتلفزيون البريطاني. وذُكر أن الجنين البشري المستنسخ ذَكَر ويبلغ حجمه 400 خلية فقط، وأن العلماء الأميركيين الذين استنسخوه أحرقوه قبل أن يتجاوز عمره اسبوعين، وذلك قبل أن يصبح كائناً بشرياً وفقاً للقوانين الأميركية. مع ذلك أثار نبأ نجاح العملية مخاوف من أن يعمد علماء آخرون الى استخدام التقنية لاستنساخ كائنات بشرية كاملة. لكن علماء شركة ACT الأميركية في ولاية ماساشوسيتس، حيث جرى الاستنساخ، أكدوا أن الغرض من هذه التجارب ليس استنساخ بشر، بل الحصول على نسيج بشري يمكن استخدامه في العلاج الطبي لأمراض عدة، بما في ذلك استبدال الأعصاب التالفة وأمراض السكري والاهتزاز الرعاشي مرض باركنسون. ولم يكشف الفريق العلمي الذي قام بالاستنساخ تفاصيل العملية، لكن أوساطاً علمية أميركية رجحت أن يكون جرى بطريقة مماثلة لاستنساخ النعجة "دولي". ذكر ذلك الدكتور زكي بيهم الباحث في قسم البيولوجي في جامعة ويسكونسن في ولاية ماديسون الأميركية. وقال العالم التركي الأصل في حديث هاتفي مع "الحياة" أن العملية ليست فتحاً في حد ذاتها، إذ أنه وزملاءه استنسخوا أجنة من مختلف الحيوانات ونشرت النتائج في المجلات العلمية. لكن الصعوبة تكمن في المضي بالعملية الى النهاية وانتاج كائن كامل. ولم تكن أجنة الفئران والخرفان والقرود، التي استنسخت بالجودة المطلوبة لتنمية أنسجة صالحة للعلاج الطبي أو لانتاج كائن كامل. ويُعتقد أن عملية استناخ الجنين البشري جرت عن طريق عزل الحمض النووي من خلية بشرية مأخوذة من جلد ساق انسان ذكر، وزرعها في غلاف بويضة بقرة مفرغة من مادتها الوراثية. وغُمس الغلاف الذي يحتوي على نواة الخلية البشرية في محلول كيماوي جعل النواة "تعتقد" أنها جنين مخصب. وقامت "مضغة" الجنين الموهوم بالانقسام على غرار الأجنة الحقيقية فتضاعف عدد الخلايا، وكان ممكناً نظرياً أن تستمر في الانقسام الى ان تكوّن الكائن البشري الكامل. ومع أن استنساخ كائن بشري لا يزال هدفاً بعيد المنال، إلاّ أن سباقاً محموماً يجري بين العلماء ومراكز البحوث العلمية هدفه الأجنة حتى عمر اسبوعين. فخلايا هذه الأجنة لا تكون بلغت التخصص بعد، ويمكن استخدامها لانتاج أعضاء أو أنسجة بشرية مختلفة. يطلق على هذه الخلايا اسم "الأرومة" stem cells ويمكن أن تنمو في وقت لاحق لتصبح أعصاباً أو دماً أو جلداً أو قلوباً وكلى وأعضاء بشرية مختلفة. ويتقبل جسم الانسان الذي اخذت منه الخلية الأصلية الأنسجة والأعضاء المزروعة من دون مشاكل. ويعتقد العالم البريطاني إيان ويلموت الذي قام بعملية استنساخ النعجة "دولى" بامكان انشاء بنك لخلايا الأرومة البشرية التي يمكن استخدامها في انتاج مختلف الأعضاء من دون انتهاك قوانين الحياة. وقد يضع الاستنساخ حداً لانتقال الأمراض الوراثية، إذ يعمل عدد من العلماء الآن على تطوير طرق علاج تستبدل الجينات المريضة في الخلايا التي تنقل الأمراض الوراثية. ويمكن بذلك تحقيق الحلم بولادة أطفال خالين من الأمراض الوراثية التي تنتقل عبر الأجيال.