سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مخاوف من نشوء أوضاع احتكارية تؤدي إلى الإضرار بمصالح المسافرين . جدل حاد بين شركات الطيران و"اتحاد النقل الجوي" في شأن تحرير الأجواء في البلدان العربية
يحذر خبراء الطيران في الشرق الاوسط والخليج العربي من احتمال أن يؤدي تحرير الاجواء إلى اندلاع حرب اسعار بين شركات الطيران العربي. ويؤكد البعض ان المسافرين بين الدول العربية سيضارون على المدى البعيد. إذ ان تلك الحرب تدفع شركات الطيران الى الخروج من سوق النقل الجوي، فيما ستحتكر شركات اخرى السوق وتعمد إلى رفع اسعار التذاكر. ويرى آخرون ان الدول العربية غير مؤهلة حالياً لنظام السماوات المفتوحة نظراً إلى عوامل عدة عضوية تخص طبيعة صناعة النقل الجوي العربية نفسها. وثارت هذه التساؤلات بعد قرار وزراء النقل لدى اجتماعهم في الجامعة العربية اخيراً، وبناء على طلب "الاتحاد العربي للنقل الجوي"، فتح الأجواء العربية أمام شركات الطيران العربية، وفق برنامج مرحلي يبدأ نهاية السنة الجارية ويستمر حتى سنة 2005 حينما تتحقق الحرية الكاملة لحركة النقل الجوي في العالم العربي. وادى اعتماد هذا القرار الى نشوب خلاف بين "الاتحاد العربي للنقل الجوي" وشركات الطيران العربية من جهة، والهيئات العربية للطيران المدني من جهة اخرى، بسبب اتخاذ الاتحاد قرارات اعتُبر أنها لا تأخذ في الاعتبار رأي شركات الطيران العربية التي ترفض غالبيتها هذا التوجه وفي مقدمها شركة "مصر للطيران". وقال مصدر رسمي في الجامعة العربية ل "الحياة" ان شركات الطيران العربية لا ترفض من حيث المبدأ تحرير الاجواء لكنها تعارض الشكل الذي جرى فيه عزل تحرير الاجواء عن اي عنصر اقتصادي وسياسي آخر، وان كان هناك إدراك أن تحرير الاجواء سيؤدي الى زيادة تدفق السياح. وأكد المصدر ان الاوضاع التي تعمل من خلالها شركات الطيران في العالم العربي غير مهنية، فتحرير الاجواء يعتمد اساساً على وجود سوق مرنة تتجاوب مع التنشيط الذي تقوم به شركات الطيران حسب القدرة التنافسية لكل منها. ورأى ان الشرط الرئيسي لوجود سوق مرنة هو وجود حرية في تنقل الاشخاص والبضائع من دون تأشيرات على الاقل. إلا أن هذه الحرية غير متاحة حالياً في الدول العربية عكس اوروبا التي حررت تنقل الاشخاص والبضائع بين دولها قبل تحرير النقل الجوي بعشر سنوات. وأضاف: واذا كان تحرير الاجواء يعني المنافسة في حق تشغيل رحلات جوية الى أي نقطة وبأي سعة مقعدية على الطائرات، فإن العنصر الاساسي الذي يجعل من تحرير الاجواء قيّماً اقتصادياً هو قدرة شركات الطيران على توليد حركة نقل ذات عائد اقتصادي. لكن الوضع العربي الذي تعاني منه والقيود التي ترزح تحتها صناعة الطيران التجاري تحتم معاً التمسك بمستوى معين من سعر التذاكر ورسوم الشحن، لأن زيادة السعة المتاحة بين مختلف النقاط لن تزيد من حجم الطلب، بل ستؤدي الى نقص الايراد. واشار المصدر الى ان اتفاقات النقل الجوية الثنائية، المعمول بها بين الدول العربية، تراعي الشروط الاقتصادية المتوافرة في البلدين طرفي الاتفاق. فإذا تم تحرير كامل للسعة المقعدية المعروضة بين بلدين عربيين بينهما قيود على تنقل الاشخاص والبضائع فإن الحركة الاجمالية للركاب لن تنمو بسبب القيود الأخرى القائمة، ومن ثم ستسعى كل شركة طيران الى اخذ اكبر حصة من السوق عن طريق خفض الاسعار مما يخلق حرباً تجعل هذه الاسعار غير اقتصادية، وسيدفع هذا الأمر شركة الطيران، ذات الملاءة المالية الأقل والأدنى قدرة على تحمل الخسائر، الى الانسحاب من السوق وستكون النتيجة نشوء وضع احتكاري يمكّن شركات الطيران الباقية في السوق من زيادة الاسعار في المرحلة اللاحقة. وقال رئيس لجنة الطيران في غرفة شركات السياحة المصرية جورج غبريال ل "الحياة" ان سياسة تحرير الاجواء ينبغي ان تأتي ضمن خطة اقتصادية شاملة يعتمدها كل بلد وتحدد دور النقل الجوي في التنمية ومهمة شركات الطيران في ذلك. ولفت الى "عدم وجود حوار حول عناصر التنمية الشاملة بين الاطراف المعنية بتحرير الاجواء حتى يمكن القول ان هذا التحرير سيساهم ايجاباً في تحقيق التنمية ومصلحة المسافرين". أما خبير اقتصادات النقل الجوي الدكتور محسن النجار فقدم ل "الحياة" تصوراً مختلفاً انتقد فيه "الاتحاد العربي للنقل الجوي". وقال ان الخلاف الدائر حالياً اثبت ان هذا الاتحاد في حاجة الى مراجعة كاملة ودعم جاد، نظراً إلى عدم قدرته على التعامل مع الاحداث عالمياً بالاضافة الى عدم مبادرته بالتفاعل مع التطور، مشيراً الى انه لم يقدم أي خطط الى الحكومات واقتصر دوره الاتحاد على المعارضة والشجب لقرار الهيمنة العربية ووضع المبادئ والاسس اللازمة للتعامل بين اعضائه في حالة اصرار الحكومات وعدم تراجعها عن قرار تحرير الاجواء. ولفت النجار الى التشريعات والنظم العقيمة التي تحكم النقل الجوي في العالم العربي، وقال ان هناك الكثير من الآليات اللازمة لعمليات تحرير الاجواء منها المطارات، اذ ان اي رحلة جوية لا تحتاج فقط إلى موافقة سلطة الطيران المدني سواء كانت الموافقة مفتوحة او محددة، ولكن الامر يحتاج الى وجود مكان للرحلة وتوقيت محدد في المطار الذي ستقلع منه الطائرات وتهبط حسب امكانات المطار وسعته، ويعتبر ان هذا الامر هو العائق الرئيسي امام سياسة السماوات المفتوحة عالمياً سيما ان المطارات العربية تعاني التكدس ونقص السعة والامكانات، اضافة الى ضرورة وجود قواعد فض المنازعات على المستوى العربي.