يُعد متحف "الخزف الإسلامي" - الذي افتتح أخيراً في أحد قصور القاهرة - نموذجاً فريداً في التناسق ما بين مقتنياته وطراز عمارته. فالقصر الذي يشغله المتحف شيّده الأمير عمرو إبراهيم - أحد أمراء أسرة محمد علي - العام 1923 على طراز العمارة الأندلسية. فبالاضافة الى واجهته الرئيسية، التي تبدو للوهلة الأولى وكأنها واجهة احد المساجد، يزخر القصر من الداخل بالعديد من مفردات وفنون العمارة الاسلامية من عقود ومشربيات ومقرنصات وقناديل، كما أن حوائط قاعاته وأسقفها مزينة بزخارف ونقوش إسلامية وآيات قرآنية. ويدخل المتحف في إطار ما أسمته وزارة الثقافة المصرية ب"مركز الجزيرة للفن" الذي يشمل المبنى الاساسي للقصر، حيث أقيم متحف الخزف، بالإضافة الى قبو القصر وحديقته. ويضم المركز مسرحاً مكشوفاً وصالة عروض سينمائية ووحدة للاتصالات والمعلومات ومكتبة لأشرطة الفيديو، بالإضافة الى أربع قاعات لمعارض الفنون التشكيلية تحمل اسماء أربعة من كبار فناني مصر التشكيليين هم: راغب عياد وأحمد صبري وكمال خليفة والحسين فوزي. وتستضيف حالياً القاعات الأربع معرض "مئتي عام من روائع الفن الأوروبي من منتصف القرن 17 حتى نهايات القرن 19"، يضم عدداً كبيراً من اللوحات الزيتية والمنحوتات لمشاهير في الفن التشكيلي مثل أوغست انغر وأوجين ديلا كروا وجوستاف كوربيه وادغار ديغا وأوغست رينوار وكلود مونيه ورامبرانت وغويا وأدوار مانيه وأوغست رودان. والمجموعة كلها من مقتنيات متحف الجزيرة للفنون" في القاهرة وجُمعت أصلاً من قصور أسرة محمد علي بعد ثورة تموز يوليو 1952، والمتحف حالياً قيد التطوير. أما عن متحف الخزف الاسلامي، الذي يُعد الأول من نوعه من الشرق الأوسط، فهو يشغل طابقي القصر الأول والثاني بمساحة قدرها 420 متراً مربعاً ويضم 315 قطعة من أنواع المنتجات الخزفية المختلفة من قدور وأطباق وصحون ومزهريات ومشكاوات وفناجين وأكواب وسلطانيات وبلاطات، من عصور ومناطق انتاج عدة، تمثل الأساليب المتنوعة وطرق الصناعة والتقنيات التي عرفتها تلك الحقب التاريخية عبر السنين. وفي ما يتعلق بالطرز المتنوعة ومواقع الانتاج، يضم المتحف 116 قطعة من الطراز المصري في عصوره المختلفة: الأموي والفاطمي والأيوبي والمملوكي، و118 قطعة من الطراز التركي و25 قطعة من الطراز السوري و49 قطعة من الطراز الايراني، وقطعتين من الأندلس، وقطعتين من تونس ومثلهما من العراق، وواحدة من المغرب. ومجموعة مقتنيات المتحف من الخزف استجلبت من مصدرين أساسيين هما متحف الفن الاسلامي في القاهرة 159 قطعة ومتحف الجزيرة للفنون 150، بالاضافة الى ست قطع من مقتنيات الأمير عمرو ابراهيم. ويعود أقدم قطع المتحف إلى القرن الثاني الهجري، فيما يعود أحدثها الى القرن الثاني عشر الهجري. ويجعل ذلك المتحف ثرياً في تنوع مقتنياته من الخزف، ليس على صعيد الفترات التاريخية وحسب، وهي تشمل ألف عام، وبل وفي تنوع المناطق الجغرافية التي جلبت منها. فهي مصرية وسورية وتركية وايرانية وعراقية وأندلسية وتونسية ومغاربية استخدمت في صنعها طرق وتقنيات صنع الخزف الاسلامي في مناطقه المختلفة التي تحمل كل منها خصوصيات معينة. وروعي في توزيع العرض المتحفي عاملي الطراز وموقع الانتاج، فتم تخصيص قاعة في الطابق الأول للمتحف لعرض الطراز الفاطمي، وقاعة ثانية للطراز التركي، وثالثة للعصر المملوكي والأموي والايوبي. واستخدم في عرض القطع أسلوب العرض المتحفي المؤمن، فقد وضعت القطع داخل علب من الزجاج الشفاف غير القابل للكسر وجُهزت العلب من الداخل بإضاءة مناسبة لا تصدر عنها حرارة. وكان قصر الأمير عمرو ابراهيم آل إلى الحكومة المصرية ضمن ممتلكات أسرة محمد علي التي صادرتها الدولة العام 1953، وتم تأجيره لنادي هيئة التحرير. وفي العام 1964 منح للمؤسسة المصرية للسياحة لتستغله كمقر لها. وفي العام 1971 قرر الرئيس المصري الراحل أنور السادات أن يجعل من متحف محمود خليل مقراً رسمياً له، فنقلت مجموعة مقتنيات محمود خليل الى قصر الأمير عمرو ابراهيم وظلت به حتى العام 1995، حيث قامت وزارة الثقافة المصرية بتسلم قصر محمود خليل ورممته وأعادت إليه مجموعة المقتنيات الخاصة به، وبذلك أصبح قصر الأمير عمرو ابراهيم شاغراً وتقرر عندها تحويله الى متحف لفن الخزف الإسلامي، بسبب طراز عمارته ولما يحويه من نقوش إسلامية.