} جوليو اندريوتي رئيس وزراء ايطاليا السابق الذي استحق القاباً عدة بينها عراب السياسة الايطالية و "ثعلبها" بعدما تربع على عرش الحكم اكثر من خمسة وأربعين عاماً، أصبح اليوم "عراباً للمافيا وقاتلاً لمعارضيه" وينتظر خلال ايام اصدار حكم عليه، سيكون بمثابة "حكم على اهم حقبة سياسية في تاريخ ايطاليا الحديث". بعد انتهاء جلسات محكمة بيروجا التي وصل عددها الى 128 جلسة استمع القضاة خلالها الى 231 شاهد جمعت افاداتهم في ملف يتكوّن من 300 ألف صفحة، طلب الادعاء العام السجن مدى الحياة لجوليو اندريوتي وذلك على ضوء الشهادات والمعلومات والاعترافات التي اكدت على ان هناك خيطاً واحداً يربط بين عصابات المافيا ورجال السياسة الايطالية في فترة حكم الحزب الديموقراطي المسيحي والمحفل الماسوني "بي 2". ومعلوم ان اندريوتي يتمتع بحصانة برلمانية كونه عضو مجلس شيوخ لمدى الحياة، ما يعني ان اي حكم ضده لن ينفذ. وبين المعلومات التي استمعت اليها المحكمة ان عملية اغتيال الصحافي مينو بيكوريللي في آذار مارس 1979، تمت بتحريض مباشر من اندريوتي، بسبب المعلومات الخطيرة التي امتلكها بيكوريللي اثناء توليه رئاسة تحرير مجلة "المراقب السياسي" الاسبوعية. وكان بيكوريللي جند مجلته للبحث والتنقيب عن ملابسات اغتيال الزعيم الديموقراطي المسيحي آلدو مورو عام 1978 على ايدي جماعة "الألوية الحمراء" اليسارية المتطرفة وارتباط ذلك بمقتل روبيرتو كالفي المصرفي الايطالي الشهير رئيس مجلس ادارة بنك "امبروزيانو" والذي وجد مشنوقاً تحت جسر بلاك فرايرز في لندن، اضافة الى الاختلاسات الكبيرة التي قام بها "وزير المال" السابق للفاتيكان الاسقف الاميركي بول مارشينكوس والدعم المالي الذي قدمه الاخير الى نقابة التضامن البولندية في بداية صعودها. ويضاف الى ذلك ايضا، مقتل رجل المصارف والفضائح والأسرار ميكيله سيندونا في سجنه في ميلانو وارتباط ذلك بعملية اغتيال الجنرال البيرتو ديلا كيزا الذي كانت الحكومة ارسلته عام 1982 الى جزيرة صقلية من اجل التصدي للمافيا. وكان بيكوريللي في الوقت نفسه يعرف الكثير عن الأوساط الماسونية ومحفلها الشهير "بي 2" وارتباطها ببعض اجهزة الاستخبارات الايطالية، الأمر الذي مكّنه من الاطلاع على بعض خفايا هذه الجرائم. وفي آخر عدد صدر من مجلته، اضطر بيكورييلي بعد تهديده بالقتل، الى تغيير غلاف المجلة الذي كان يحمل صورة اندريوتي وفوقها عنوان: "كل شيكات الرئيس"، في اتهام مباشر لأندريوتي بأن له علاقة بهذه الجرائم. وأكدت لاحقاً شهادات التائبين من قادة المافيا وفي مقدمهم توماسو بوشيتا وفرانشيسكو مانويا اللذان يقيمان حالياً في الولاياتالمتحدة تحت حماية مكتب التحقيقات الفيديرالي اف بي اي، ان اندريوتي وراء تصفية بيكوريللي كما انه وفّر الحماية للمافيا وضمن لقيادييها تخفيف الاحكام ضدهم، وانه اجتمع شخصياً مع "رأس الرؤوس" في المافيا سلفاتوري ريينا قبل اعتقال الاخير عام 1993. كما ان زعيم المافيا التائب جوفاني بروسكا الذي كان مسؤولاً عن قتل القاضي جوفاني فالكونا والقاضي روكوكينجي، اكد في اعترافاته أنهما قتلا بموافقة اندريوتي شخصياً. وكان المدعي العام لمدينة باليرمو في صقلية، طلب ايضا في بدايات الشهر الماضي بسجن اندريوتي 15 عاما بعد انتهاء محاكمة الاخير بتهم تتعلق بعلاقاته بعصابات الاجرام المنظم ، نظراً الى ثبوت تهمة تعاونه مع المافيا. وما زال اندريوتي ينفي تورطه مع المافيا ويؤكد أنه "ضحية مؤامرة ربما من جانب المافيا للانتقام من مطارداته لعناصرها خلال وجوده في السلطة". وقال قبل يومين: "ارتكبت اخطاء كثيرة في حياتي، ولكن لا علاقة لي على الاطلاق بالمافيا ومقتل الصحافي بيكوريللي".