تدرس موسكو احتمال انسحابها من مفاوضات التسوية في البلقان في ضوء نتائج لقاء المبعوث الروسي الخاص فيكتور تشيرنوميردين مع الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوشيفيتش، الذي كان صدور أمر بإلقاء القبض عليه اعتبر في روسيا "الغاء لجهود الوساطة". اعربت الخارجية الروسية امس الجمعة عن استغرابها صدور الامر بإلقاء القبض على الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوشيفيتش من قبل محكمة جرائم الحرب في لاهاي، في وقت دخلت المفاوضات بشأن البلقان مرحلة حساسة. وأشارت الى ان دوافع محكمة لاهاي سياسية وليست قانونية. وقال تشيرنوميردين امس ان بلاده "تتعامل مع الرئيس المنتخب شرعياً" في يوغوسلافيا. واكد ان القرار "ادخل تعديلات على عملية المفاوضات" التي قال انها لم تسفر حتى الآن عن اي نتيجة. وكان تشيرنوميردين والرئيس الفنلندي مارتي اهتيساري ونائب وزير الخارجية الاميركي ستروب تالبوت اجروا سلسلة مفاوضات في موسكو لم تعلن نتائجها، الا ان المبعوث الروسي قال انه "ليس مرتاحاً" لما تمخضت عنه. واوضح ان "النتيجة المطلوبة هي وقف الغارات"، وزاد ان "التفاوض لا معنى له اذا استمر القصف". ولوحظ ان تشيرنوميردين وصل الى بلغراد برفقة الجنرال ليونيد ايفاشوف مدير دائرة التعاون العسكري في وزارة الدفاع والذي يُعدّ من "الصقور" في روسيا. وقال ل"الحياة" مصدر وثيق الصلة بوزارة الخارجية ان موسكو تشعر ب"الاحباط والمرارة" لأنها تعتبر قرار محاكمة ميلوشيفيتش تراجعاً عن وعود سرية حصل عليها تشيرنوميردين بضمان السلامة الشخصية للرئيس اليوغوسلافي، اضافة الى ان روسيا ترى في اصدار القرار اعلاناً غير مباشر عن الشروع في الاعداد لغزو بري في يوغوسلافيا، ما يعني ان الغرب "استخدم موسكو كغطاء ديبلوماسي" لتهيئة مستلزمات العملية البرية. وعن ردود الفعل المحتملة، ذكر المصدر ان هناك سيناريوهات بينها اثنان اساسيان: الاول "ليّن" والثاني "متشدد". واوضح ان معالم السيناريو الاول واضحة في المقال الذي نشره تشيرنوميردين في صحيفة "واشنطن بوست" واكد فيه انه قد ينصح الرئيس بوريس يلتسن بالانسحاب من المفاوضات ووقف التعاون العسكري مع الغرب، وارجاء ابرام اتفاقية "ستارت 2" واستخدام حق الفيتو لإسقاط قرار قد يطرح على مجلس الامن الدولي. أما السيناريو المتشدد الذي تؤيده المعارضة وجنرالات الجيش فيقضي بإرسال متطوعين في المرحلة الاولى واسلحة في المرحلة الثانية الى بلغراد واعلان انضمام يوغوسلافيا الى الاتحاد الروسي - البيلاروسي وتحريك قطعات من الاسطول الى البحر الادرياتيكي. وأعرب تشيرنوميردين لدى وصوله الى بلغراد امس، عن اسفه لعدم تحقيق اي تقدم مؤكدا ان "لا نتائج جديدة" لديه لجهة "وقف القصف والحرب او بدء عملية سياسية من اجل التوصل الى تسوية سلمية للأزمة اليوغوسلافية". وأشار الى ان الرئيس الفنلندي اراد مرافقته الى بلغراد الا انه تراجع عن ذلك بعد الاتهامات التي وجهتها محكمة الجزاء الدولية الى الرئيس اليوغوسلافي واربعة مسؤولين صربيين. شيراك وفي باريس اف ب، صرح الرئيس الفرنسي جاك شيراك مساء اول من امس بأن توجيه الاتهام الى الرئيس اليوغوسلافي "يؤكد شرعية المعركة" التي يخوضها الاطلسي في كوسوفو و"لا يغير في شيء" استراتيجية الحلفاء. وأكد ان جهود التسوية المبذولة حالياً "لا تستهدف التفاوض مع ميلوشيفيتش، بل دفع يوغوسلافيا الى قبول خطة للسلام عادلة ومتوازنة".