كوارث المناخ العالمي، التي يتوقع السياسيون والعلماء الغربيون حدوثها منذ أكثر من 10 سنوات لم تحدث ولن تحدث. ولا صحة لتوقعات اتفاقية المناخ الدولية التي صادق عليها معظم دول العالم. فارتفاع حرارة الكرة الأرضية لن يؤدي الى كوارث، بل العكس سيعيد فترة "المناخ الأمثل"، التي مرت على الأرض ما بين القرنين التاسع والرابع عشر الميلاديين. تذكر ذلك دراسة بعنوان "هل الاحترار العالمي هبة للجنس البشري؟". ظهرت الدراسة في العدد الأخير للمجلة الفصلية لمعهد "هدسن"، الذي يُعد من أكبر معاهد الدراسات المستقبلية في الولاياتالمتحدة. ويتوقع مؤلف الدراسة دنيس إيفري، الذي يشغل منصب المستشار الزراعي في الأدارة الأميركية أن يشهد العالم في حال ارتفاع الحرارة زيادة في خيرات الأرض وفورة في المحاصيل الزراعية تماثل ما حدث في القرون الوسطى. هل هناك علاقة بين عصر النهضة العربية الإسلامية و"المناخ الأمثل"؟ لم يتطرق الباحث الى ذلك في دراسته، ولم يرد على سؤال وجهته له "الحياة" عبر البريد الألكتروني عن احتمال وجود علاقة بين الظاهرتين اللتين حدثتا في أوقات متقاربة. المناخ الأمثل مر أكثر من 7 سنوات على موافقة قمة زعماء العالم في ريو دي جانيرو في البرازيل على اتفاقية المناخ العالمي. مع ذلك لم يتفق العلماء بعد على ما إذا كان الجو سيصبح أكثر حرارة. وجهة النظر العلمية للاتفاقية وضعتها "الهيئة الدولية لدرس المناخ العالمي" وتميل الى توقع زيادة في حرارة الكرة الأرضية في منتصف القرن المقبل تبلغ نحو درجتين مئوية. قد تبدو هذه الزيادة كبيرة، لكنها ليست كذلك في رأي الباحث الأميركي، الذي يقول أن العالم شهد زيادة أكبر في درجات الحرارة و"قد أحببنا ذلك"، وفق تعبيره. حدثت الزيادة ما بين عامي 900 و1300 ميلادية، في الفترة التي يسميها الباحثون "المناخ الأمثل الصغير" Little Climate Optimum. ويذكر الباحث أن الوثائق التاريخية تخبرنا بأن الاحترار أطلق واحدة من أكثر الفترات ازدهاراً في تاريخ البشر، زادت خلالها المحاصيل وقلت الوفيات وتوسعت التجارة والصناعة وازدهرت الفنون والعمارة. رافقت ذلك قفزات في انتاج الأغذية، وانخفاض في حوادث المجاعات بين سكان العالم. وتعود هذه الظواهر، في تقدير الباحث الى أن فصول الشتاء أصبحت أدفأ وفصول النمو أطول، وانخفض معدل وقوع كوارث الفيضان والجفاف في المناطق الزراعية الرئيسية. وقلّت خلال تلك الفترة الأمراض لأن الناس لم يكونوا مضطرين الى البقاء فترات طويلة في أكواخ مزرية رطبة مملوءة بالدخان، حيث ينتشر التدرن الرئوي وغيره من الأمراض المعدية الفتاكة. عصور المناخ وواضح من التواريخ المذكورة أن عصر النهضة العربية الإسلامية متقارب و فترة الاحترار العالمي وقيام "المناخ الأمثل الصغير". ومع أن الباحث يشير الى ما يسميه "عصر النهضة للقرن الثاني عشر الميلادي"، إلاّ أنه لا يتوقف عند هذه العلاقة التاريخية المهمة، بل يشير إشارة عابرة الى هطول أمطار أكثر من الوقت الحاضر في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، وشمال أفريقيا، ويتحدث عن تراجع منطقة الصحارى الكبرى الجزائرية والمناطق الصحراوية الاخرى في المنطقة. واعتبر الباحث الأميركي ذلك شهادة على أن الاحترار العالمي لا يؤدي الى الجفاف والتصحر، بل العكس يجلب مزيداً من الغيوم والأمطار. وانتهت مع أواخر القرن الخامس عشر فترة المناخ الأمثل وحلّ ما يطلق عليه الباحثون اسم "العصر الجليدي الصغير". ووقعت في العصر الجليدي أعاصير أقسى برداً وأكثر عنفاً وحدثت كوارث جفاف أكثر حدة وقحط أكبر في المحاصيل الزراعية وزاد معدل وقوع المجاعات. تضاعف عدد الفيضانات التي شهدتها الصين مرتين بالمقارنة مع "عصر المناخ الأمثل"، فيما أزدادت موجات الجفاف 4 مرات. و"عانى سكان أوروبا خلال تلك الفترة من قحط زراعي دفع الفقراء الى أكل الكلاب والقطط، بل حتى أكل الأطفال". واستمرت موجة البرد حتى القرن الثامن عشر الميلادي. الاستبشار بالاحترار ويدعو الباحث الى الاستبشار بعودة عصر الاحترار العالمي في القرن المقبل. فالشواهد التاريخية للقرون الوسطى تبرهن، في رأيه على الخير العميم الذي يجلبه وتعزز التفاؤل به. "فمن الواضح أن زيادة المواسم الزراعية والأمطار وارتفاع نسبة ثاني اوكسيد الكربون في الجو ستحول كوكب الأرض الى فردوس". والاحترار المعتدل لا يضر المحاصيل بل يزيدها. فليس هناك مكان في العالم أكثر حرارة ورطوبة مما تحتاج محاصيل الرز والكاسافا والبطاطس الحلوة. ويمكن لنباتات مثل الذرة أن تنمو في ظروف مناخية شديدة التنوع. ولا يتوقع الباحث أن تكون آثار الاحترار العالمي واحدة في كل مكان. فالاحترار يؤدي الى اعتدال الجو ليلاً وزيادة درجات الحرار شتاءً أكثر مما يؤدي الى ارتفاع الحرارة نهاراً أو صيفاً. وبذلك فان تأثيرها أقل قسوة على المحاصيل الزراعية والناس. كما أن المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية ستشهد ارتفاعاً طفيفاً في درجات الحرارة. وستكون زيادة ثاني اوكسيد الكربون بركة للمحاصيل الزراعية لأن لهذا الغاز مفعول الأسمدة. لذلك تلجأ إليه زراعة الغرف الزجاجية الصوبات في هولندا، حيث يعمد المزارعون الى مضاعفة مستويات ثاني أوكسيد الكربون ثلاثة أضعاف فتستجيب المحاصيل بزيادة في الغلة تراوح ما بين 20 و40 في المئة. وتساعد زيادة الكربون المحاصيل على استخدام المياه بشكل أكثر كفاءة. فهي تجعل مسامات النبات أكثر انغلاقاً وتحول بذلك دون تسرب بخار الماء من داخل النبتة. وبرهن أكثر من ألف بحث اجري على نحو 475 محصولاً زراعياً في 29 بلداً مختلفاً أن مضاعفة ثاني اوكسيد الكربون مرتين تزيد الغلة أكثر من 52 في المئة. ومع أن التوقعات تشير الى زيادة نسبة غاز ثاني اوكسيد الكربون فانها ما تزال لحد الآن أقل من نصف المعدل الأقصى المتوقع. والواقع أن النسبة الحالية للكربون في الجو قليلة جداً بالمقارنة مع الفترات الماضية. ومعروف أن معظم الأنواع الحية من نبات وحيوان تطورت في ظروف كانت فيها نسبة ثاني اوكسيد الكربون أكثر 20 مرة من عصر ما قبل الثورة الصناعية. ويذكر الباحث أن قياسات ارتفاع مستويات البحار برهنت على خطل من يطلق عليهم اسم "مثيري الذعر". ففي الثمانينات توقعوا أن ترتفع مستويات مياه البحار بسبب الاحترار العالمي وتغمر نيويورك وبنغلاديش ومدن عدة في العالم. وقدروا أن تفوق الخسارة المترتبة على ذلك الترليون دولار. تستند هذه المبالغات الى الاعتقاد بأن ارتفاع درجات الحرارة العالمية سيؤدي الى ذوبان الجليد القطبي. وهذا غير صحيح في رأيه. فالجليد القطبي يعتمد على سقوط الثلوج. والمفارقة أن ارتفاع الحرارة في القطب بضع درجات يؤدي الى زيادة الرطوبة في الجو، وبالتالي تساقط المزيد من الثلوج. يمكن الاطلاع على النص الكامل لمقال "الاحترار العالمي هبة للجنس البشري؟" Global Warming Boon for Mankind على شبكة الانترنت: www.hudson.org/american-outlook/articles