حين بدأت القبائل البدوية المنتشرة في صحاري سيناء ومطروح ومثلث حلايب تقدم عروضها الفنية في المهرجانات الشعبية الدولية، لم يكن احد يتوقع ان تحقق هذه العروض كل هذا النجاح الذي حققته، وان تنتشر كل هذا الانتشار، وتصبح الفرق الاساسية في فعاليات هذه المهرجانات. العروض التي تقدمها هذه القبائل تلقائية، وتنبع من عادات المجتمع البدوي وتقاليده وتعبر عن ثقافته، مما يزيد من ابهارها وقدراتها على اجتذاب المعجبين في كل انحاء العالم. المسؤولون المصريون يولون اهتمامهم لهذه القبائل وتراثها الفني، وقد ادخلت في فرق منظمة للفنون الشعبية تشرف عليها وزارة الثقافة، وهكذا تكونت فرقة شمال سيناء وفرقة مثلث حلايب. مدير العلاقات العامة في شمال سيناء الفنان مصطفى بكير يؤكد ان فرقة شمال سيناء للفنون الشعبية تكونت في تشرين الاول اكتوبر 1979. وكانت تضم مجموعة من التلقائيين، ثم اعيد تنظيمها مرة أخرى في عام 1986، وشاركت في مهرجانات عدة في مصر وخارجها. ويضيف: "إن محافظة شمال سيناء تدعم هذه الفرق بكل الامكانات المتاحة لضمان استمرار عروضها التي تعبر عن ثقافة وعادات وتقاليد البدو في سيناء، إذ ان الفرقة هي خير سفير لتعريف العالم بتراث هذه المنطقة الذي لا يزال يجهله الكثيرون. ويزيد من إبهار العروض التي تقدمها الفرقة - كما يقول مصمم رقصاتها عاطف عبدالحميد - الحرص على استخدام كل الموروثات الثقافية في العروض التي تقدمها، لا سيما في ما يتعلق بالملابس والاكسسوارات، فالاثواب البدوية المطرزة والبرقع هي من اهم العناصر الاساسية في العروض التي تقدمها الفتيات، والعقال والشال اهم ما يميز ملابس الرجال. وعن عروض الفرقة ومدى ارتباطها بتراث سيناء يقول إن كل العروض التي تقدمها الفرقة مستمدة من التراث السيناوي، ومنها رقصة "المصحانة" وهي اداة لطحن البن، وهذه الرقصة مستوحاة من ايقاعات طحن البن، وتقدم في تشكيلات حركية شديدة الإبداع، وتقدم هذه الرقصة في المناسبات العامة وجلسات شيوخ البدو المشهورة. ويضيف: إن عروض الفرقة تشمل ايضا رقصة الفرح السيناوي، وتمثل طقوس الفرح، وهي عبارة عن مجموعة من الجمال و"الفسلة" وهي الغصن الاخضر دليل القبول في الزواج، "والبزة" وهي بيت الشعر الذي يقيم فيه الزوجان، وتقدم بالسيف، وتبدأ منافسة في الفناء بين فريقين بينما تقدم رقصتا الدحية والمربوعة. وتقدم الفرقة رقصة "سيف العرب"، وهي مستوحاة من تراث البدو في الفروسية، ومما كان يقوم به الرجال في حفلات السمر من مبارزات بالسيف، لا سيما في الحفلات التي تعقب الانتصارات. وتقدم الفرقة رقصة "رجال سيناء" وتجمع الكثير من الطقوس الشعبية، والحركة، واللحن المميز على الآلات الشعبية، ويصاحبها غناء جماعي لفتيات وفتيان، وتعبر هذه الرقصة عن القوة والشجاعة لدى قبائل سيناء، وكذلك عن الصبر والتمسك بالعادات والتقاليد المتوارثة. وتقدم الفرقة الكثير من اللوحات الراقصة المستوحاة من التراث ومنها "الدبكة السيناوية" و"السمان" و"الدحية" و"الفرح العرايشي" و"أم الخلة" و"رابحة" و"الاسمرانية". وفي إطار الاهتمام المصري بفرق الفنون الشعبية كان هناك اهتمام ايضاً بفرقة مثلت حلايب من خلال وضعها ضمن خطة الهيئة العامة لقصور الثقافة. وخضعت هذه الفرقة لتطوير علمي من خلال تخصيص ميزانية مستقلة لها، ووضع برنامج فني جديد يستلهم الابداعات الفنية المحلية، والسمات الثقافية التي تتميز بها قبائل العبابدة والبشارية المنتشرة في هذه المنطقة. وقد صمم برامج الفرقة الفنان سمير عبدالله، وأشرف على تطويرها وإعدادها الدكتور صلاح الراوي. ويزيد من شعبية هذه الفرقة انها تصطحب معها خلال انعقاد المهرجانات بيتاً محلياً يتضمن الأثاث السائد ونماذج من الصناعات والحرف الشعبية. وتقدم الفرقة عدداً من الرقصات المستمدة من تراث المنطقة وعادات وتقاليد قبائل البشارية والعبابده، ومنها رقصة الهوسييت "السيف والدوق"، وهي رقصة تعتمد على الفروسية والروح البطولية العربية، ورقصة الواندوب "المبارزة"، وتعتمد على المبارزة بالسيف بين فارسين وقوفا وجلوساً، وتقوم على إبراز القدرات الحركية للفارس، اما رقصة البيبوب "القفز" فتعتمد على قفز احد اعضاء الفرقة بالسوط والنزول به على ساقيه اليمنى ثم اليسرى على التوالي، بينما يغني بقية اعضاء الفرقة.