سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
لبنان : وجوه أربعة ل "المقاومة الاسلامية" ضد الاحتلال . مسؤولون عسكريون يروون الوقائع التفصيلية لثلاث عمليات نوعية : تابعنا قائد قوات الاحتلال غيرشتاين دقيقة بدقيقة قبل "تصفيته" 2 من 5
إذا كانت "المقاومة الاسلامية" تؤكد - حلقة الأمس في "الحياة" - ان عملية انصارية كانت كميناً منصوباً لوحدة الكوماندوس الاسرائيلية ففي ذلك اشارة الى تكامل العملين الأمني والعسكري. ويظهر ذلك بالوضوح نفسه في عمليات لاحقة تدل على دقة في التنفيذ وصلت الى ذروة جديدة في "تصفية" قائد قوات الاحتلال في جنوبلبنان الجنرال ايزر غيرشتاين. مسؤولون عسكريون في "المقاومة الاسلامية" يروون، في هذه الحلقة، وقائع ثلاث عمليات نوعية: تلال الجبور، ايزر غيرشتاين، وتفجير عبوة بأحد مسؤولي الميليشيات اللحدية جوزيف كرم. تلال الجبور ماذا حصل في تلال الجبور بين قوة المظليين وكمين المقاومة؟ "بعد سلسلة الضربات المتتالية التي تعرض لها العدو في عمق الشريط المحتل، لا سيما بعد عمليتي مركبا وبلاط، اللتين أثارتا موجة عارمة من التململ في صفوف الجيش والاحتجاج من قبل المجتمع الاسرائيلي، قرر العدو مجموعة اجراءات سرية في جلسة مجلس الأمن المصغّر منها القيام بعدة عمليات: ثلاث منها في البقاع الغربي وخمس في جنوبلبنان، تستهدف بعض نقاطنا العسكرية وبعض رجالات المقاومة. ونتيجة لمتابعتنا الدائمة لكافة اجراءات وحركة تشكيلات وقوات العدو تأكدنا أن للعدو نية بالتوغل قليلاً باتجاه نقطة عسكرية متقدمة لقواتنا في المنطقة الفاصلة بين المناطق المحتلة والمحررة. فجر الثلثاء 23/2/1999، وبعد منتصف الليل بنصف ساعة وصلت طليعة قوة العدو الى مشارف نقطتنا العسكرية المستهدفة التي أخليناها ونصبنا كمائن حولها لنصطاد العدو قبل أن يصطادنا، والحمد لله سارت الأمور كما توقعنا مئة في المئة، قائد مجموعة الكمين بلّغ قيادته الميدانية ان الهدف ضمن مرمى نيرانه القريبة جداً ففتحت المجموعة النار على الفور، سقط للعدو ثلاثة قتلى وخمسة جرحى على الأرض من دون حراك، أطلقت مجموعة الكمين وحدتها النارية الأولى وألقى كل فرد منهم قنبلة يدوية، وفي مناورة "حركة ونار" انتقل المجاهدون الى نقطة ثانية مكّنتهم من كشف مصادر نيران قوة المساندة التي استهدفت نقطة مجاهدينا الأولى. إرباك شديد في صفوف العدو زاده تدخل اسنادنا الناري وتمشيط المنطقة بقذائفنا المدفعية ما حال دون تمكن طيران العدو المروحي من الهبوط لاخلاء الاصابات، فتدخل الطيران الحربي لإسكات مدافعنا ورصاصنا من دون جدوى ما اضطر المروحيات الى الهبوط في منطقة خلفية نسبياً، وأخليت الاصابات اليها، وغادروا المنطقة مخلّفين بعضاً من سلاحهم وعتادهم وتجهيزاتهم العسكرية وبقعاً كبيرة من الدماء. ايزر غيرشتاين "صدرت الأوامر لسرية الشهيد هادي نصرالله في المقاومة الاسلامية بالعمل الدؤوب للنيل من قائد قوات الاحتلال ايزر غيرشتاين، وتكاملت جهود أجهزتنا العاملة من جهاز أمن المقاومة والاستخبارات العسكرية والرصد والاستطلاع الميداني والتعقب والمطاردة. منذ فترة غير وجيزة وغيرشتاين تحت المجهر في حركته من موقع لآخر وتنقلاته ومواعيده وأساليب الانتقال والتبديل الأمني. أرسلنا له أكثر من رسالة بمدافعنا لدى وجوده في بعض المواقع ومضمونها "ان موعدك الصبح أليس الصبح بقريب؟". فزاد من تعقيدات اجراءاته الأمنية من سياراته المصفحة وأساليب التمويه والحضور والزيارات المفاجئة، كما أخرجه هذا القلق عن طوره أكثر من مرة في تصريحاته الاستفزازية. وحانت ساعة الصفر، كامل المعطيات تضع الهدف ضمن امكان التنفيذ. أ - المعلومات: كل المعلومات عن الهدف جاهزة الزمان، المكان، الموعد، خط المسير، نقاط التمويه، وأساليب التضليل. ب - المكان: اختراق عدة دوريات اجراءات العدو الدفاعية والوصول الى نقطة زرع العبوات عدة مرات. ج - الخطة: التسلل الى عمق الشريط المحتل وزرع ثلاث عبوات على طريق حاصبيا - مرجعيون، العبوة الأولى لايزر غيرشتاين، والعبوة الثانية لقائد الفوج الثلاثين اللحدي نبيل أبو رافع ومسؤول الارتباط الاسرائيلي في منطقة حاصبيا، وعبوة ثالثة لتجمع من جنود وضباط العدو. وفعلاً زرعت كل العبوات وانتظرت مجموعة التنفيذ هدفها. مساء يوم السبت 27/2/1999 وصل غيرشتاين الى مرجعيون في جنوبلبنان قادماً من شمال فلسطين. في مرجعيون قام ببعض الاجراءات الأمنية، انتقل من سيارة الى أخرى. في تمام الساعة 8.40 صباح يوم الأحد 28/2/1999 انطلق من مرجعيون سالكاً طريق كوكبا التي وصلها عند الساعة 8.50 ثم حاصبيا التي وصلها عند الساعة 9.00، قام بعملية تبديل لسياراته دامت عشر دقائق ثم انطلق عند الساعة 9.10 باتجاه شبعا يرافقه قائد الفوج الثلاثين اللحدي نبيل أبو رافع ومسؤول الارتباط الاسرائيلي في حاصبيا، سالكاً طريق عين قنيا - شويا فوصل الى شبعا الساعة 9.30 من أجل التعزية بالمتعاون غسان ضاهر. غادر شبعا عند الساعة 11.10 بعد أن أجرى عملية تبديل لسياراته متجهاً الى حاصبيا التي وصلها الساعة 11.35 وبدل سيارته وانطلق الساعة 11.40 الى مرجعيون عبر كوكبا، ووصل الى منطقة العبوات عند الساعة 11.50 بعد ان تجاوزت سيارته باقي سيارات الموكب لتتقدمهم في اجراء تمويهي. وهنا حصل التفجير وانسحبت مجموعة القوة الخاصة بسلام. تدل هذه العملية، من وجهة نظر المقاومة، على الآتي: 1- الدقة في المعلومات. 2- التعقب والمتابعة. 3- خرق تكتيكات وخطط العدو الدفاعية والتوغل مراراً الى منطقة العملية على رغم الكمائن المكثفة عند المعابر من المناطق المحررة الى المناطق المحتلة، لاغلاق المنطقة أمام حركة المقاومين ورغم المواقع الاسرائيلية واللحدية. 4- الوصول الى منطقة في الشريط المحتل التي يعتبرها العدو آمنة له بفعل نقاط المراقبة الثابتة والمتحركة والمزودة بأجهزة مراقبة ليلية ورادارات. 5- تجاوز اجراءات وخطط جهاز الأمن الوقائي المكلف بحماية قيادات العدو ومنها: - الدوريات الأمنية الليلية والنهارية من حاصبيا الى مرجعيون. - دوريات التفتيش ليمين ويسار الطريق بين حاصبيا الى مرجعيون. - المداهمات والاعتقالات العشوائية لكل من يشتبه بإمكان تعاونه مع المقاومة. 6- تفجير الموكب على رغم أجهزة التشويش العالية التقنية في كل سيارة من سياراته. ذكرنا انه زرعت ثلاث عبوات: الأولى كانت لغيرشتاين. الثانية كانت تستهدف قائد الفوج الثلاثين اللحدي نبيل أبو رافع ومسؤول الارتباط الاسرائيلي في منطقة حاصبيا، اللذين تحركا باتجاه مكان العبوة الأولى لتفقد غيرشتاين، فتم تفجير العبوة بهما وأصيبا بجروح. الثالثة التي نجا منها حوالى 40 جندياً وضابطاً رفيعي المستوى كانوا تجمعوا على بعد عشرات الأمتار من مكان انفجار العبوة الأولى، إذ لم تنفجر العبوة الضخمة نتيجة خلل معين". المحاولة ضد كرم "كما تعلمون يقسم العدو الشريط المحتل الى مناطق عمل، وتعتبر جزّين منطقة عمل "فوج العشرين" اللحدي، وتعاقب على قيادة هذا الفوج العديد من الضباط، وجميعهم إما قُتل أو فرّ من الخدمة أو أصيب بانهيار عصبي كما حصل مع آخر قائد للفوج العشرين قبل "علّوش" وذلك نتيجة الضربات المتتالية للمقاومة الاسلامية. جوزيف كرم الملقب ب"علّوش" أحد المجرمين المتعاملين مع جيش الاحتلال، اعتدى على الأعراض، قتل الأبرياء بسبب وبلا سبب، فرض الاتاوات على الناس، اضافة الى تعاطي المخدرات والاتجار بها، وأرسله العدو الى جزّين علماً انه ليس من أبناء تلك المنطقة ليفرض جواً من الرعب على أهالي جزّين المتهمين من قبل العدو بتقديم المساعدة أو المعلومات للمقاومة أو الجيش اللبناني عن العملاء. وشهد "فوج العشرين" مجموعة من العمليات الدقيقة استهدفت بعض الرموز في "فوج العشرين" مثل طوني نهرا وسليم ريشا وغيرهما. أغدق العدو على "علّوش" السيارات العسكرية المصفحة والسيارات المدنية المصفحة والأموال لحماية نفسه، واستهدفته عدة عمليات كان ينجو من بعضها أو يصاب بجروح من بعضها الآخر، وأنجح هذه العمليات تمت بتاريخ 10/9/1998 على طريق موقع تومات نيحا حين تم تفجير عبوة ضخمة بسيارته العسكرية فدمرت تدميراً كاملاً، وبالكاد عُثر على بقايا مرافقيه الأربعة الذين لقوا حتفهم. إذاً علوش يجب أن يُقتل. وقد صدرت الأوامر للقوة الخاصة بالتركيز عليه والنيل منه، وفعلاً تم تحديد المعلومات عنه، وقامت احدى مجموعاتنا بالتوغل الى الشريط المحتل وزرعت عبوة ناسفة للنيل منه. بتاريخ 23/4/1999، عند الساعة السابعة مساء نصب المتعاملون حاجزاً لتفتيش جوانب الطريق والسيارات العابرة قبل حضور قائد فوج العشرين "علّوش". توقفت احدى سيارات المتعاملين وفيها أربعة أشخاص على بعد مترين من العبوة فلم نفجرها لأن الهدف هو "علّوش"، اطمأنوا لاجراءاتهم فوصل الى المصيدة بسيارته المصفحة، ووقع ومن معه بين قتيل وجريح، عُرف من القتلى حتى الآن مرافقه "جورج جرجي". "السرايا اللبنانية": ماذا بعد "محو الأمية العسكرية"؟ أعلن الأمين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصرالله، في 3 تشرين الثاني نوفمبر 1997 ولادة "السرايا اللبنانية للمقاومة". لم يكن يفعل سوى التجاوب مع تطلب لدى قطاعات من اللبنانيين تريد محاربة الاحتلال الاسرائيلي، ولا توافق على الأطروحات الايديولوجية ل"حزب الله"، ولكنها تقدر فعاليته وتشكو، ربما، من ان احزاباً أخرى معنية بالموضوع لا تقوم بما عليها. جاء الاعلان بعد عملية نوعية للمقاومة جبل الرفيع جددت الاحتضان الوطني الواسع الذي تحظى به ووفرت مناخاً لطرح الفكرة. ويقول احد مسؤولي "السرايا" ان الاعلان عنها هو "لرد اتهام المقاومة بالفئوية، ولإيجاد إطار مناسب يضم الشرائح كلها وخصوصاً شرائح الشباب اللبناني". بدا واضحاً، ومنذ البداية، أنه ليس للسرايا أي لون فكري أو عقائدي أو سياسي. فهي، كما يدل اسمها، "فصيل عسكري هدفه قتال الاحتلال وتحرير الأرض اللبنانية". مر زمن على التأسيس يجيز طرح السؤال: ماذا تحقق؟ "النتائج كبيرة" يقول المسؤول غير الراغب، وهذا طبيعي، في الكشف عن اسمه. ثم يروح يعدد: أولاً- أخرجت السرايا المقاومة، مبدئياً وعملياً، من مذهبيتها الى الرحابة الوطنية. وكان هذا هو المطلب الملحاح الذي يجمع بين أمرين: الاحتفاظ بخصوصية "حزب الله" وعدم تحويلها الى عائق يمنع مشاركة الآخرين. ثانياً- تعميم "السرايا" فكرة المقاومة على المناطق والطوائف كلها. لا يعني ذلك ان الفكرة غائبة ولكن الفرق كبير بين وجودها المبدئي وبين تجسد ذلك عبر انضمام مقاتلين الى جهاز يؤدي واجبه على الجبهات. ثالثاً - تقود الخطوة عملياً الى احراج قوى من أجل ان تغادر ترددها ومن اجل ان تتواجد في الساحة. والمعروف، في هذا السياق، ان قيادات حزبية كانت تتعرض الى ضغوط من قواعدها من أجل الانخراط في المقاومة أو استئنافها. رابعاً: يؤدي نشوء "السرايا" الى اضافة مؤسسة جديدة الى مؤسسات "الانصهار الوطني". فلقد عبّر شباب لبنان عن وجود توق الى ذلك وأقدموا على خطوات تؤكد رغبتهم في ايجاد قواسم مشتركة وتوسيعها، من معركة البلديات الى الحملة الحالية لخفض سن الاقتراع. يضيف محدثنا ان خطة العدو لم تكن غائبة عن الذهن. وكان مطلوباً انتزاع ورقة قوية من يده يستفيد منها ل"عزل المقاومة في شيعيتها" واتهامها ب"الارهاب". ان توسيع الإطار يرد على هذين الأمرين معاً. لا ينكر المسؤول في "السرايا" علاقتها مع "حزب الله". ويجيب عند سؤاله عن ذلك "ان الأمين العام هو الذي أطلق الفكرة. العلاقة واضحة اذن. السرايا هي وليدة الحزب ومقاومته". ثم يمضي شارحاً "لا يمكن لمقاومة، عسكرية خاصة، ان تنشأ من لا شيء. إنها تعني سلاحاً ومالاً وتدريباً. ومتى تذكرنا ان العدو هو اسرائيل أدركنا الضرورة القصوى لرعاية الخطوات الأولى". لماذا الأولى فقط؟ نسأله: "لأن الحزب يؤكد ان السرايا تستطيع قيادة نفسها بعد تأهيل الحزب لها". وفي تقديره ان المرحلة الأولى تم تجاوزها من أجل الدخول في مرحلة وسطى. لقد تم حسب تعبيره، "محو الأمية العسكرية". لذلك أمكن للسرايا ان تطلق رصاصتها الأولى بعد أربعة اشهر على تأسيسها وذلك في 14 آذار مارس 1998 وبمناسبة ذكرى الغزو الاسرائيلي في 1978. إنها فترة قياسية بالمفهوم العسكري ولو انها لم تحظ بالتغطية الإعلامية الواسعة. وفي رأيه ان الحصول على هذه التغطية كان، ولا يزال سهلاً. يكفي ان تنسب عملية كبيرة يقوم بها الحزب الى السرايا ولكننا نرفض ذلك، و"نرفض" تعني كلاً من "الحزب" و"السرايا"، والسبب هو ضرورة ألا يقدم طرف على سرقة انجاز الآخر وألا يطغى الهم الاعلامي على ما عداه فتتضخم "السرايا" في الصحف على حساب التطور الطبيعي الذي يجب ان تعيشه. فهي ما زالت "في مرحلة الاشتباك الأولي مع العدو وعملائه على خطوط التماس"، ولا مبرر لإضافة شيء الى رصيدها خصوصاً انها قامت، حتى الآن، بما يزيد عن مئة وعشر عمليات. ويؤكد المسؤول ان التوازن الوطني والمذهبي محفوظ. ويضيف بلا حرج: "ان نسبة غير الملتزمين دينياً هي الأعلى". ويضرب ذلك مثلاً على عدم التوقف عند الخلفيات السياسية أو الدينية أو الفكرية للمنضمين. نطلب توفر شرطين لا ثالث لهما: "سلامة الوضع الأمني وسلامة الوضع الجسدي". منذ اعلان "السرايا" وثمة تهمة تلاحقها، لقد أريد لها ان تقطع الطريق على اعتزام احزاب لبنانية اخرى الانخراط في العمل المسلح. وينفي المسؤول التهمة بشدة "لم تكن السرايا حاجزاً والقصد منها اضافة جهد الى الموجود. وهي لم تخرج الى النور لفرط عقد الاحزاب. لقد وضعنا شرطاً يقضي بحصول كل حزبي على موافقة حزبه قبل الانضمام الينا. فنحن لا نريد خلافات مع أحد طالما أننا نسعى الى توسيع قاعدة المواجهة. أكثر من ذلك. اننا نشترط الموافقة الحزبية قبل مشاركة أي حزبي في عملية عسكرية". وعندما يقال له ان هناك من طرح قيام غرفة عمليات مشتركة كحل "جبهوي" يعترض على ذلك بالقول: "ان ذلك سيقود الى تقاسم الحصص وهو يرهن عمليات المقاومة باحتمالات التباين بين سياسات مختلفة". ويستطرد: "يبدو لي ان الآخرين اقتنعوا بطرحنا". وينفي المسؤول وجود أي علاقة مع جمعيات من نوع "هيئات دعم المقاومة" أو "لجان مكافحة التطبيع". والسبب في ذلك هو استحالة ان يكون لفصيل عسكري مثل "السرايا" صلات بمؤسسات اعلامية أو ثقافية أو سياسية. لا يعني ذلك، طبعاً، ان السياسة ممنوعة في القواعد. فالعناصر قادمة من اتجاهات مختلفة وتجارب متنوعة وهي تعيش مع بعضها لفترة طويلة. ومن الطبيعي، والحال هذه، ان تحصل مناقشات. وكل ما فعلناه هو التشديد على "آداب الحوار" وعلى الهدوء وعلى الابتعاد إذا أمكن، وعن إثارة الخلافات الحادة. وثمة نجاح مؤكد في هذا المجال... و"يساعدنا العدو في توحيد الآراء ودفعها الى التقارب، اذ ما من شيء يشجع الألفة أكثر من التعرض سوية للغارات والقصف". لم يسقط شهداء من "السرايا"، أو بتعبير المسؤول "لم يحصل على هذا الشرف بعد" وان كان هناك عدد قليل تقدم بطلب القيام بعمليات استشهادية. ماذا عن المرحلة المقبلة؟ يجيب محدثنا ان "السيد نصرالله تحدث عن جديد" وربما كان ذلك يعني ان الاعداد جار لنوع من التفرغ للعمل العسكري من أجل اعطاء الوقت الكافي للتدريب والوجود في مواقع القتال. وسيقود ذلك، بدوره، الى تطور نوعي في العمليات وصولاً الى تحقيق الهدف". سؤال أخير: هل تقبل "السرايا" انضمام متطوعين عرب أو فلسطينيين؟ جواب: كلا. إنها "سرايا لبنانية". وعند مراجعة النشيد الموجود في كراس عن "السرايا" لم يوزع بعد تتأكد صحة الجواب. فالمقطع الأول منه يقول: أبشر يا وطن الحرية قد جئنا ننشدك سويا كلنا للوطن يا وطني وسرايانا لبنانية. الاستشهاديون: أفراد أقل... خسائر أكثر وجهت "الحياة" اسئلة الى القيادة العسكرية ل"المقاومة الاسلامية" عن "سرايا الاستشهاديين" وهنا نص الحوار: في حرب نيسان ابريل حين أعلن أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله التعبئة العامة طلب من سرايا الاستشهاديين الالتحاق بمواقعهم كما رأينا فيما بثه الاعلام الحربي في المقاومة من مشاهد حملها الاسرائيليون على محمل الجد، ماذا يمكن ان تحدثنا عن سرايا الاستشهاديين؟ - كما تعلمون نحن أمة نعشق الشهادة في سبيل الله، فالشهادة ليست هدفاً انما وسيلة للوصول الى المحبوب وتأكيد طاعة وولاء المخلوق لخالقه. هذا بعدنا العقائدي الذي لا يتناقض مع بعدنا الوطني وهو التضحية بالروح في سبيل الوطن والمقدسات. ان فكرة تأدية مهمة مع موت محتم لا يقوى عليها الا المخلصون المُخلَصون. نحن في المقاومة الاسلامية نؤمن بالعمليات النوعية التي تلحق الأذى المؤكد في صفوف العدو بأقل عدد من أفرادنا، ونحن نتميز بهذا التكتيك عن عدونا والفكرة باختصار هي كالآتي: أفراد أقل... خسائر أكثر. أي بأقل عدد ممكن من أفراد المقاومة لأجل أكبر خسائر ممكنة في صفوف العدو. إن أول عملية استشهادية نفذتها المقاومة الاسلامية كانت بتاريخ 11/11/1983 حين أقدم الاستشهادي أحمد قصير على اقتحام مبنى الحاكم العسكري في صور مزوداً ب500 كيلوغرام من المتفجرات بسيارته وتمكن الشهيد أحمد من المرور بين السواتر الترابية لمدخل مقر الحاكم العسكري في صور ثم تجاوز الموانع الحديد، كما جرّ الأسلاك الشائكة التي تلف المبنى مسافة 10 أمتار حتى وصل الى جدار المبنى ففجره ودمره تدميراً كاملاً واجهز على من بداخله والبالغ عددهم حوالى المئتين. ثم كانت عملية الحاكم العسكري الثانية في صور أيضاً، بعد مرور سنة من العملية الأولى ثم توالت العمليات الاستشهادية حتى عملية الشهيد صلاح غندور الذي تسلل مع مجموعة من رفاقه الى داخل الشريط المحتل حين عثرت احدى دورياتنا على سيارة في حال يرثى لها فأدخلت دورياتنا حوالى 400 كلغ من المتفجرات كما تم ادخال 4 اطارات وبطارية وتم اصلاح موتور السيارة ودامت ورشة اصلاح السيارة حوالى خمسة أيام انقسم فيها المجاهدون الى قسمين الأول يعمل في الصيانة وتجهيز العبوة والثاني ينتشر حول المكان ليحمي اخوانه ويشتبك مع أفراد العدو في حال الكشف. ولبس الشهيد صلاح لباس جندي لحدي، وحين وصلت قافلة العدو المحددة الى مقر قيادة اللواء الغربي - ثكنة ال17 انطلق الشهيد الاستشهادي صلاح غندور بسيارته متجاوزاً الحاجز اللحدي الذي أومأ له بالتحية على انه أحد أفرادهم وانقض بسيارته على آليات العدو وحوّل المكان الى كتلة من اللهب. كيف يتم اعداد سرايا الاستشهاديين؟ - كما قلت إنهم فئة من المخلصين جداً، روحيتهم عالية، معروفون جيداً لدينا، ممتحنون في أكثر من مهمة يتطوعون من تلقاء أنفسهم لعملية استشهادية من خلال آلية ادارية تعنى بها دائرة الشؤون الانسانية في المقاومة الاسلامية، عندما تتم الموافقة يخضع الاستشهادي لعدة دورات في الفنون القتالية والقوات الخاصة والعيش في الظروف الصعبة والمتفجرات، كما يخضع لدورة لغات ولهجات. هل هناك ما يميز الاستشهاديين من جنود اسرائيل؟ - إن ما يميز قواتنا عن قوات العدو هو الروح الاستشهادية، انظر الفرق بين جندي متثاقل يرفض الخدمة في جنوبلبنان والبقاع الغربي ويفر من الخدمة ويتمرد على أوامر قيادته أو يطلق النار عمداً على قدمه أو ينتحر أو يقتل قائده الميداني وفي المقلب الآخر أهله يقيمون الدنيا ولا يقعدونها بالتظاهرات والتصريحات والتهديدات لقيادة العدو السياسية والعسكرية، وما بين مجاهد يحمل البندقية بملء إرادته وتلبسه أمه أو زوجته جعبة المتفجرات، يودع اخوانه وخلانه بفرحة وابتسامة واغتباط. لا زلت أذكر كلاماً لجندي صهيوني جرح في انفجار عملية الحاكم العسكري الثانية في صور عام 1983 "لشد ما يؤلمني صورة مقتحم مقر قيادتنا وهو يبتسم مع ما أمطرته من رشاشي من طلقات قبل ان ينفجر... مشهد لن أنساه طيلة حياتي". كم عدد الاستشهاديين؟ - إن الكشف عن الاعداد خلاف ما دأبت عليه المقاومة الاسلامية، ولكن لدينا سرايا وكتائب عديدة مدربة، مجهزة، حاضرة لتفجير نفسها واقتحام الموت بأي لحظة وفي أي مكان.