شهدت دبي الاسبوع الماضي حدثاً سياحياً تمثل بافتتاح الدورة السادسة ل "معرض سوق السفر العربي الملتقى 99"، في مشاركة اكثر من 600 شركة تمثل نحو 47 دولة، قدمت عروضاً سياحية واعلنت مشاريع مستقبلية. تحولت دبي في اربعة ايام، الاسبوع الماضي، الى مدينة سياحية بامتياز، نهارها يضجّ بالعقود والصفقات السياحية بين شركات كثيرة، فنادق ومكاتب سياحة، واعلان مشاريع عدة وجولات صحافية على مشاريع سياحية افتتحت او ستفتتح قريباً. وليلها حفلات استقبال في فنادق عدة بين رجال الاعمال واصحاب الشركات ومديريها الذين زاروا دبي للمشاركة في المعرض. وعلى رغم ان الاجانب، سيّاحاً وعمّالاً، كثر جداً في دبي وتزيد نسبتهم عن السكان الاصليين كثيراً، والاعلام المحلي يكاد ينحصر في المواضيع الاقتصادية والسياحية، على اعتبار ان الاهتمام بأخبار الفنادق والمؤسسات السياحية ليس اعلاناً لها بل هي ترويج للسياحة في البلد، فان الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الاعلام في دولة الامارات العربية، انتقد بشدة اثناء افتتاحه المعرض "وسائل الاعلام العربية لانها مقصرة في هذه الناحية". ودعا الى "التركيز على السياحة البينية العربية لاستقطاب السياح من دول العالم"، مطالباً ب"التركيز على اولويات منها سياحة النخبة وسياحة التراث والتقاليد". واعتبر ان "التنمية هي الهدف". ويكاد زائر دبي، من كثرة الاجانب المقيمين فيها، لا يرى مواطنيها الاصليين الا عرَضاً، وكان الجناح التراثي فرصة حقيقية لالتقاء مواطنين اصليين من طبقة الحرفيين. كانوا قابعين في جناحهم مرتدين عباءات بيضاً. بعضهم دجج بجعبة رصاص لبنادق علّقت على جدران الجناح مع اشياء تراثية اخرى من جلود وسلال وغيرها. وافترش العارضون الحرفيون، الذين بدا معظمهم في الخمسينات أو اكثر، الارض كل يعمل بمهنته بأدوات بدائية، "والعاملون في هذه الحرف اليدوية اصبحوا قليلين"، على ما قال احمد صالح الهش 70 عاماً. والهش نجار تربع خلف مخرطة من الخشب تعمل في شكل يدوي يحفر بواسطتها نقوشاً على خشب يضع به طاولة صغيرة للقراءة تسمى في اللهجة المحلية "مربع القرآن"، وصناديق خشباً للسفر تسمى "دستورية" وغيرها من الاشياء. والمعرض، الذي كان الجناح التراثي جزءاً صغيراً جداً فيه امام الاجنحة العصرية والحديثة الكثيرة التي تتشابه في شكلها، كان مناسبة لالتقاء العاملين في القطاع السياحي من دول كثيرة بينها وزارات سياحة في عدد من الدول وشركات طيران وفنادق كثيرة وشركات تدير فنادق عالمية ومكاتب سياحية ووكالات سيارات وشركات تأجير سيارات وغيرها من المؤسسات. ولم توفر جميعها وسيلة اعلانية، من ملصقات وصور ومنشورات وافلام وثائقية، الا وازدانت بها اجنحتها في المعرض الذي بلغت مساحته اكثر من 6000 متر مربع هذا العام. وكان معظم العارضين يتنافسون، الى تنافسهم في استقطاب الزبائن والسيّاح، على احتلال جناح اكبر لانه مدعاة اعتزاز وفخر لهم. وقال السيد بسام الخوري، من شركة "راديسون ساس" ل"الحياة" "اننا فخورون جداً بهذا الجناح وجعلناه طبقتين ليكون اكبر جناح في هذا المعرض". ومعظم الشركات جاء متطلعاً باهتمام كبير الى المعرض ومشاركاً تمشياً مع الخطط والحملات الترويجية التي يعمل على دعمها في تجمعات كهذه حيث سعى كل عارض الى "تثبيت بلده او منتجعه وجهة سياحية مفضلة لدى الزوار من مختلف بقاع العالم". وقال المدير الاقليمي لهيئة السياحة البريطانية، التي شارك في جناحها 23 شركة بريطانية، ان "هذه المشاركة الكبيرة في المعرض فرصة كبيرة لها لترويج عروضها وبرامجها وخدماتها السياحية". معتبراً ان "المشاركة البريطانية تأتي بناء على اهمية هذا المعرض الذي يعد الاكبر في مجال السفر والسياحة في المنطقة اضافة الى النجاح الكبير الذي حققه الجناح البريطاني العام الماضي فازداد عدد المشاركين بنسبة 80 في المئة". الفنادق والمنتجعات واوضح الخوري ان "راديسون ساس شركة عالمية تدير فنادق في دول كثيرة في اميركا الجنوبية والشمالية واوروبا وآسيا وافريقيا والشرق الاوسط، وتعتزم افتتاح نحو خمسة فنادق لها في المنطقة في مصر والمغرب ولبنان وعمان لاننا جادون في هذه المنطقة"، مؤكداً ان "الفنادق تتكاثر لان العمل السياحي نشط في كل العالم". ونشاط القطاع السياحي وازدهاره في العالم، وبخاصة في الشرق الاوسط يؤكده كثر متوقعين له آفاقاً مهمة وطرحوا في المعرض سلسلة مشاريع مستقبلية وعروضاً لجذب السياح من الشرق الاوسط واليه. وقال المدير العام لفندق بوريفاج بالاس السويسري كريستيان ماريش ان "الشرق الاوسط بات سوقاً مهمة لفنادقنا. ونسعى الى منح المسافرين من المنطقة مجموعة من الخيارات الجذابة في افضل منتجعات اوروبا". واضاف "اننا واثقون من جذب المزيد من الاعمال من الشرق الاوسط حيث تشمل لائحة عملائنا اسماء لامعة في قطاعات النفط والغاز والمؤسسات المالية". واعلن ان "الفندق خضع لبرنامج تجديد بلغت كلفته نحو 35 مليون دولار". وتستعد شركة فنادق ومنتجعات كراون بلازا - الشرق الاوسط لزيادة خمسة فنادق ومنتجعات جديدة الى مجموعة فنادقها الحالية الموجودة في ابو ظبي ودبي والكويت وجدة، لتعزيز مكانتها في الشرق الاوسط. وقال مدير المبيعات والتسويق في كراون بلازا ان "مفهومنا يهدف الى تطوير مدينة داخل مدينة ومنتجع داخل منتجع". واعلن ان "كراون بلازا سيفتتح هذا العام منتجعه في شرم الشيخ في مصر. وانها تطور منتجعاً في ابو سومة على ساحل البحر الاحمر اضافة الى فنادق في عمانوبيروتوالقاهرة". اما فنادق انتركونتيننتال، التي اشتركت مع كراون بلازا في منصة واحدة في المعرض، بعد انضمامهما العام الماضي الى سلسلة فنادق ومنتجعات "باس"، فكشفت "خطط تطويرها في استثمار فنادق جديدة في المدينةالمنورة وقطر واريتريا وجوهانسبرغ وفينيسيا انتركونتيننتال في بيروت". وحدد نائب رئيس سلسلة انتركونتننتال السيد سيمون بيرسون "ليلة رأس سنة 2000 موعداً لافتتاح فندق فينيسيا انتركونتننتال في بيروت". واوضح ان "الفندق خضع لعملية تجديد بلغت كلفتها 100 مليون دولار"، معتبراً ان "فينيسيا الذي افتتح عام 1961، اول منشأة تديرها انتركونتيننتال في الشرق الاوسط". وتوقع ان "يعيد الفندق الجديد الى الاذهان العصر الذهبي والفخامة والابهة التي شهدها في الستينات عندما كان مركزاً للمؤتمرات والندوات والمناسبات الخاصة للمجتمع البيروتي". من ناحيته توقع المدير العام للعمليات في فندق "ماريوت انترناشيونال" مستقبلاً واعداً للسياحة في منطقة الشرق الاوسط، وقال ان "تراث المنطقة وتاريخها العريق وتنوع قاعدتها الاقتصادية وازدياد الوعي للحفاظ على تراثها الفريد، ستسهم في مضاعفة جاذبيتها كوجهة سفر سياحية مرغوبة من السياح ورجال الاعمال من جميع انحاء العالم"، مشيراً الى ان "ماريوت افتتحت اول فندق لها في المنطقة قبل 20 عاماً عندما كان حجم السياحة في المنطقة لا يتعدّى 5،7 مليون سائح، لكن المنطقة شهدت نمواً سياحياً كبيراً وبلغ حجم السياحة اليوم 20 مليون سائح". واعتبر ان "الأعوام العشرين الماضية كانت بمثابة مرحلة تمهيدية للمستقبل الواعد في الشرق الاوسط". واعلن ان "ماريوت ستفتتح في السنتين المقبلتين سلسلة فنادق توفر 1458 غرفة اضافية هي: فندق ماريوت المدينة في المملكة العربية السعودية سيفتتح سنة 2001، ومنتجع ماريوت وادي الاردن - البحر الميت سيفتتح سنة 2000، ومنتجع ميراج سيتي ماريوت في القاهرة سيفتتح سنة 2000، ومنتجع ماريوت ابو ظبي سيفتتح سنة 2001، وفندق كورتيارد ماريوت في بيروت سيفتتح سنة 2000، وفندق منتجع ريتز كارلتون في شرم الشيخ سيفتتح السنة الجارية". ومن المشاريع التي خصت بها دبي دون سواها، مشروعان سياحيان مميزان نظمت لهما جولات صحافية، هما منتجع "المها" وحديقة "وايلد وادي" المائية. وسمي منتجع "المها" بهذا الاسم تيمناً بنوع من الغزلان التي خصصت لها، وحيوانات اخرى، مساحة 98 في المئة من مساحة المشروع البالغة 26 كيلومتراً، لتكون محمية طبيعية وسط الصحراء تحيط بها كثبان رملية، وشيدت على بقية المساحة اجنحة المنتجع وهي 29 بينها اثنان ملكيان مساحة الواحد منهما 175 متراً اضافة الى المبنى الرئيسي. والاجنحة مبنية، كل على حدة، بطريقة يدوية تتميز بالطراز البدوي وفقاً لتصاميم البناء التاريخي الذي كان معتمداً حول الوديان والواحات وتوحي كأن الاجنحة خيم بدو رحل، تصلها بعضها ببعض طريق ضيقة مرصوفة بالحجارة اضافة الى حوض سباحة امام كل جناح. ويعتبر المنتجع اول محاولة في دولة الامارات لادخال عناصر الحياة البرية الطبيعية من نباتات وحيوانات الى الطبيعة الصحراوية بهدف توليدها، ومنها الغزلان والثعالب. والمنتجع، بنته طيران الامارات، في اول محاولة لها للاسهام في القطاع السياحي لتعزيز الحوافز السياحية في دبي والمحافظة على الظروف البيئية لطبيعة دولة الامارات. وقال رئيس طيران الامارات الشيخ احمد بن سعيد آل مكتوم "ينبغي على طيران الامارات، بصفتها مؤسسة مسؤولة، ان تلعب دوراً رئيسياً في توفير الجوانب الايجابية للسياحة الى ما بعد المساهمات الاقتصادية من خلال الحفاظ على البيئة الطبيعية وافساح المجال امام الجميع للتمتع بها". واضاف ان "السياحة البيئية هي الطريقة المثلى والحيوية لتحقيق هذا الهدف". وبلغت كلفة مشروع المها 5،12 مليون دولار ويبلغ بدل الاقامة في الجناح العادي لليلة واحدة 900 دولار. وسيتمكن الزوار من الاستمتاع بنشاطات الصحراء النموذجية مثل ركوب الخيل والصيد بالصقور واطلاق السهام وركوب الجمال. واللافت ان المنتجع الذي يبعد نحو 45 دقيقة عن مطار دبي الدولي لا طريق معبدة تربطه بطريق العين السريعة، وتالياً لا يمكن الوصول اليه الا بسيارة "جيب" ذات دفع رباعي او بمروحية، ما يبعث على الظن ان رواده لن يكونوا الا من الموسرين جداً. واذا كانت فكرة مشروع "المها" مماثلة لمنتجعات في اندونيسيا وماليزيا وغيرها، فان حديقة "وايلد وادي" المائية، على ما يقول مصمموها، "فريدة من نوعها في العالم". وهي مقتبسة من قصة جحا وسندباد البحري الاسطورية ومرتبطة بهما وهي تروي ان قاربهما الاعجوبة قذف بركابه بموجة الى شاطئ ليجدوا انفسهم غير مصابين باذى في احضان واحة غناء فيها منزلقات ماء طبيعية. فجاء بناء الحديقة اسطورياً الى حد ما يشبه قلعة بأبراج مرتفعة على شاطئ البحر وجعلت فيها قنوات ماء في دوامة في سلسلة من مساقط المياه، ما يسمح لرواد الحديقة بالقيام بمغامرة لا تخلو من الاثارة بالانزلاق واللعب فيها اذ تتوزع في ارجائها نحو 24 لعبة مختلفة يتصل بعضها ببعض داخلياً، اضافة الى اطول واسرع منزلق للسقوط الحر، خارج اميركا الشمالية، ويبلغ ارتفاعه 106 اقدام وتصل سرعة المنزلق الى 80 كم/س . وأقيمت حديقة "وايلد وادي" على مساحة توازي 12 هكتاراً وتستخدم نحو مليوني غالون من الماء لتغطية اماكن تصل مساحتها الى 7 آلاف متر مربع اذ يبلغ طول الالعاب نحو 7،1 كيلومتر، وتستوعب نحو 4 آلاف زائر، وتقع ضمن فندق "جميرا بيتش" وتبعد نحو 20 دقيقة من قلب دبي. وقال المدير العام للحديقة ديفيد هيل ان "افتتاحها تقرر في اول آب اغسطس المقبل". واضاف "ان في امكان كل زوار المدينة تجربة الالعاب والمنزلقات من دون مغادرة الماء ما يمنحهم فرصة كاملة للاستمتاع والمرح من دون توقف". وعن رسم الدخول قال "120 درهماً للبالغين و95 درهماً للاطفال". الطيران اما الخطوط الجوية وشركات الطيران فكانت لها مشاركتها ايضاً عارضة رحلاتها وخطوطها وعدد طائرات اساطيلها وغير ذلك من شؤون السفر بينها الخطوط الجوية البريطانية التي عرضت في جناحها مقاعد الدرجة الاولى في طائراتها، وحظيت بزيارة الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان واستمع الى وصف من المدير العام للخطوط البريطانية في الشرق الاوسط تيري دالي عن مقاعد الدرجة الاولى. وقدمت طيران الامارات في جناحها عرضاً مفصلاً عن اسطولها الذي يتألف من 25 طائرة من طراز "ايرباص أ 330 - 200" و"ايرباص أ310 - 200" و"ايرباص 300 - 600 آر" و"بوينغ 777 - 200". واعلنت انها "ستتسلم الى نهاية سنة 1999 طائرتي "بوينغ 777 - 300" وحتى نهاية سنة 2000 17 طائرة من طراز "ايرباص أ310 - 300" و"أ300 - 600 آر". وبين 2002 و2003 ستتسلم ست طائرات من طراز "ايرباص أ340-500". واوضحت انها "تسيّر رحلات الى 47 مدينة في 37 دولة في الشرق الاوسط واوروبا وآسيا ورابطة الدول المستقلة والمحيط الهندي واستراليا". وكان رئيس دائرة الطيران المدني في دبي الشيخ احمد بن سعيد آل مكتوم تحدث اثناء افتتاح المؤتمر عن مطار دبي الدولي معلناً ان "منظمة المطارات العالمية اختارته سادس اسرع مطار في العالم، وانه سجل نسبة نمو سنوي بلغت اكثر من 15 في المئة في العام 1997"، مشيراً الى ان "المطار استقبل في العام الماضي 7،9 مليون راكب. ونتوقع ان يستقبل هذا العام نحو 11 مليوناً". وكشف ان "مطار دبي سيشهد في الربع الاول من سنة 2000 برنامج توسع كلفته 540 مليون دولار، ما يؤهله لاستقبال 19 مليون راكب في ظل افضل الخدمات والتسهيلات". واشار الى ان هناك "مرحلة لاحقة للتوسعات تبدأ سنة 2002 وسترفع قدرة المطار على الاستيعاب من 19 مليون راكب الى 35 مليوناً". وبين افتتاح المعرض في 4 ايار مايو الجاري ويومه الاخير في السابع منه، زاره نحو 6571 متخصصاً في القطاعات السياحية المختلفة من نحو 87 دولة بزيادة 18 في المئة عن العام الماضي، اضافة الى نحو 3000 زائر مستهلك في اليوم الاخير الذي خصص للجمهور بزيادة 20 في المئة عن العام الماضي. واعرب مسؤولون في شركات فندقية كثيرة عن "رضاهم التام" بالنتائج التي حققتها المشاركة هذا العام معتبرين انها "نتائج فعالة". ومن الصفقات التي ابرمت في المعرض واحدة بقيمة مليوني دولار لمصلحة شركة "القارات الخمس" في دبي مع شركات اميركية وآسيوية. وأعرب المدير العام لشركة "ترافيل اكزيبشنز" التي نظمت المعرض، توم نتلي عن "سعادته بهذه النتائج الجيدة التي انعكست كماً ونوعاً، على المعرض اذ مثّل الزوار المتخصصون دولاً اكثر هذه السنة"، مشيراً الى ان "العارضين ثمنوا ايضاً نوع الزوار الذين كانوا يمثلون القطاعات السياحية التي اثارت اهتمامهم"، مشيراً الى ان "الحملات الترويجية القوية والجوائز الكثيرة، كانت عاملاً حاسماً في جذب الزوّار". واعتبر ان "سوق السفر العربي بات حدثاً عالمي المستوى"، مشيراً الى ان "تطورات جديدة ستدخل عليه".