لعب الملهى الليلي دوراً مهماً في السينما المصرية، فتارة يصبح المتنفس والملجأ لبطل الفيلم المهزوم، وتارة اخرى يكون مكاناً للهو والرقص والغناء، وفي بعض الافلام يصبح مسرحاً رئيسياً للأحداث. ولم يقتصر ظهور الملهى الليلي على نوعية معينة من الافلام، بل ظهر في الأفلام الكوميدية، والرومانسية والغنائية الاستعراضية وافلام الحركة، وتعددت اشكاله واختلفت، فهو في بعض الاحيان مكان راقٍ للهو البريء، وفي احيان اخرى يكون بؤرة للفساد والفسق و"البلطجة". وظهر الكباريه بقوة في عشرات إن لم يكن في مئات الأفلام المصرية، ودارت من خلاله مشاهد لا تُنسى. كان الملهى الليلي هو الملاذ الذي لجأ اليه صلاح عبدالحليم حافظ في "الوسادة الخالية" عندما احبطت قصة حبه لسميحة لبنى عبدالعزيز بعد زواجها من آخر، اتجه صلاح الى الملهى الليلي ليشرب وينسى همومه، وليغني واحدة من اهم أغانيه "تخونوه"، فالكباريه كان له المتنفس والمكان المناسب لتضميد جراحه. اما منى صباح بطلة فيلم "العتبة الخضراء" فكان الغناء في الملهى هو منتهى آمالها، وكان ذلك مسار خلاف وجدل بينها وحبيبها الفقير عمر الحريري، فالملهى هنا كان المكان الذي تغيرت من خلاله حياة البطلة من فقر الى غنى، ومن مجرد فنانة مغمورة الى مطربة مشهورة.. وكان الكباريه ايضا مسرحاً لأحداث فيلم "الرجل الثاني"، فصاحب الملهى هو البطل رشدي أباظة، ومن خلال ملهاه يقوم بنشاطاته غير المشروعة، اما كل ابطال الفيلم بلا استثناء فلهم علاقة مباشرة بالملهى الليلي. فسميرة سامية جمال هي راقصته الاولى، و"لميا" صباح هي مطربته، وأكرم صلاح ذو الفقار الضابط المتخفي المكلف القبض على الرجل الثاني عمل فيه ايضا كساحر هندي، اما ديموس بدرالدين نوفل فهو النادل المتخصص في تقديم المشروب الى الزبائن ويقوم من خلاله بطل الفيلم بعمليات عدة غير مشروعة. اما في فيلم "المرأة المجهولة" فتفجرت الاحداث، في احد الملاهي الليلية، حيث قامت مشادة بين البطلة شادية، فتاة الليل، و"البلطجي" كمال الشناوي، راحت ضحيتها صديقتها زهرة العلا، وفي هذا الفيلم ظهر الملهى مكاناً يمارس فيه "البلطجية" سطوتهم على غانيات الملهى الليلي، ويطالبونهن بالإتاوات مقابل عملهن، ومن ترفض تتعرض لخطر الموت. وفي الملهى الليلي ايضا دارت أجمل مشاهد فيلم "غزل البنات" حيث اصطحبت البطلة ليلى ليلى مراد مدرسها الاستاذ حمام نجيب الريحاني الى احد الملاهي الليلية لتقابل حبيبها انور محمود المليجي وتحدث مفارقات مضحكة في الملهى، حيث يعترض الاستاذ حمام على أخذ طربوشه على الباب، ثم يعترض على علاقة ليلى بالنصاب أنور، ويستنجد بالشاويش، ثم بالضابط وحيد أنور وجدي الذي يدخل الى الملهى، وينقذ ليلى من براثن الحبيب النصاب وأعوانه. وفي الملهى غنت ليلى مراد واحدة من اجل اغانيها "ماليش أمل في الدنيا دي". أما في فيلم "عنبر" فكان البطل أنور وجدي يدير ملهى ليلياً.. وفي الملهى نفسه كانت العصابة تطارد البطلة عنبر ليلى مراد من أجل الاستيلاء على خريطة الكنز الذي تركه لها والدها. وفي الملهى قدمت عنبر أروع الاستعراضات الغنائية والاغنيات: "اللي يقدر على قلبي"، و"الشاغل هو المشغول". وفي فيلم "الدنيا لما تضحك" يحاول البطل الفقير افلاطون اسماعيل يس ان ينفق مبلغاً كبيراً من النقود في مدة يحددها له الوجيه شكري سرحان في محاولة لكي يثبت له ان السعادة ليست في المال، وإنما في راحة البال. فيكون الكبارية هو المكان الأمثل كي ينفق فيه افلاطون أمواله سواء على الطعام او الشراب او النقود المقدمة الى فتيات الكبارية. اما جميز اسماعيل يس فكان يعمل في احد الملاهي الليلية في فيلم "المليونير" وفي الملهى تبدأ احداث الفيلم، وفيه ايضا توشك على الانتهاء، فجميز المونولوجيست الفقير شبيه المليونير عاصم الاسترليني، يهرب من قصر عاصم الاسترليني ويصطحب معه الخادمة سكرة سعاد مكاوي لتغني معه في الملهى الذي كان يعمل فيه، ويقدمان معاً على مسرح الملهى واحداً من أجمل الاسكتشات الغنائية "حظرت لاري.. حظرت لاري.. أنت انت ولا انتاش داري". وفي فيلم "حد السيف" يعمل طلعت محمود مرسي وكيل الوزارة عازفاً على آلة القانون في فرقة الراقصة سوسو بلابل نجوى فؤاد، ويحاول طلعت ان يخفي ذلك عن أهله ومعارفه لحساسية منصبه، وبالطبع تدور بعض مشاهد الفيلم في الملهى الليلي الذي تملكه بلابل، اما نهاية الفيلم السعيدة فتكون ايضا في الملهى الليلي حيث يتقبل افراد الاسرة مهنة الأب عازفاً لآلة القانون. وأتاحت هذه الأفلام - وعشرات غيرها - الفرصة المواتية لكي يتغلغل المشاهد العادي داخل الملاهي الليلية، ويتعرف الى ادق تفاصيلها. فربما لم تتح لذلك المشاهد ان يزور ملهى ليلياً من قبل، إما لارتفاع اسعار الخدمة فيه، او لأنه في بعض الأحيان يكون الملهى الليلي مقترنا بالخلاعة والمجون، لذلك كانت هذه الافلام وغيرها وسيلة شرعية ينفذ من خلالها المشاهد الى هذا العالم، ولكن في جميع الاحوال قدمت هذه الافلام وغيرها صورة للكباريه او الملهى الليلي علقت في اذهان مشاهديها، ولأن الناس أحبت هذه الافلام فإنها بالتالي لم تكره صورة الكباريه فيها لأنه كان جزءاً لا يتجزأ من أحداث تلك الافلام.