يتوقع ان يتحسن أداء أسواق المال في دول الخليج العربية السنة الجارية بعد ارتفاع أسعار النفط نتيجة اتفاق "اوبك" ودول منتجة اخرى على خفض امدادات النفط بأكثر من 2.1 مليون برميل يومياً لسحب الفائض من السوق. وقال محللون ان بعض الاسواق في دول مجلس التعاون الخليجي بدأ بالفعل يسجل انتعاشاً بعدما ارتفعت أسعار النفط اخيراً الى اكثر من 14 دولاراً للبرميل مقابل أقل من 10 دولارات الشهر الماضي، وهو أدنى مستوى لها بالقيمة الحقيقية منذ نحو 20 عاماً. وحض المحللون دول المجلس على تطوير بورصاتها لتمكين القطاع الخاص من لعب دور أكبر في الاقتصاد وتخفيف الاعتماد على النفط، وتشجيع المستثمرين الخليجيين على اعادة اموالهم في الخارج المقدرة بأكثر من 500 بليون دولار. وقال مدير "مركز بخيت للاستشارات المالية" في الرياض بشر بخيت ان التطورات في سوق النفط لها تأثير مباشر على اداء معظم البورصات الخليجية نظراً لاعتماد حكومات دول المنطقة في شكل مكثف على صادرات النفط. وذكر في اتصال أجرته معه "الحياة" ان مؤشر أسعار الأسهم في السوق السعودية ارتفع نحو 10 في المئة في الاسابيع القليلة الماضية بعد انخفاض حاد عام 1998. وقال: "اعتقد ان السبب الرئيسي لهذا التحسن كان ارتفاع اسعار النفط لان ارباح عدد كبير من الشركات المساهمة تعتمد على ايرادات الحكومة التي تعتمد بدورها على الدخل النفطي في شكل كبير". واضاف: "لا شك ان التطورات الاخيرة في سوق النفط سيكون لها تأثير ايجابي على اداء عدد من بورصات الخليج... ولذلك انا متفائل بأن هذه الاسواق ستكون أفضل حالاً السنة الجارية عما كانت عليه العام الماضي". وحسب تقارير رسمية ومستقلة، فقد تراجع اداء معظم اسواق المال في دول مجلس التعاون الخليجي عام 1998 نتيجة عوامل عدة أهمها انخفاض اسعار النفط الى أقل من 12 دولاراً للبرميل بسبب الفائض الكبير في السوق. وسجلت بورصة مسقط في سلطنة عُمان أكبر انخفاض في مؤشر الاسهم الذي تدهور بنسبة 52.5 في المئة بعد ارتفاع غير مسبوق عام 1997. كما انخفض المؤشر في بورصة الكويت بنسبة 31.4 في المئة، في حين سجلت السوق السعودية تراجعاً بلغ 27.8 في المئة وهو ثالث اسوأ عام لها بعد الانهيارات التي حدثت عامي 1985 و1994. وانخفض مؤشر بورصة البحرين بنسبة 5.3 في المئة فيما ارتفع في الامارات بنحو 9.4 في المئة وقطر بنسبة 34.5 في المئة. وقال جمال عبدالرزاق من "مركز الشرهان للأسهم" في الامارات ان سوق الاسهم المحلية "شهدت استقراراً نسبياً في الفترة الاخيرة بعدما ارتفعت الى مستويات لم تكن متوقعة بسبب المضاربات". واضاف ان "هناك حالاً من الركود الآن بعد سلسلة من الهزات، أي ان السوق باتت مستقرة الآن... واعتقد ان الاداء في هذه السوق وبورصات الخليج الاخرى سيكون جيداً في شكل عام السنة الجارية وهناك مؤشرات على هذا التحسن". ويتم التداول بأسهم أكثر من 300 مصرف وشركة في بورصات دول مجلس التعاون الخليجي بقيمة رأسمالية تقدر بنحو 120 بليون دولار تستحوذ السعودية على نحو 35 في المئة منها. وتوجد بورصات رسمية في اربع دول خليجية هي الكويت وقطر والبحرين وسلطنة عُمان، في حين تعتزم الامارات انشاء سوق مال السنة الجارية، ما سيؤدي الى انضباط أكبر في عمليات التداول التي تتم حالياً عبر وسطاء. وفي السعودية، يتم التداول بالاسهم عبر شبكة كومبيوتر مصرفية تعتبر الأكثر تطوراً في الشرق الاوسط والأعلى لجهة حجم التداول الذي تجاوز 18 بليون دولار العام الماضي. وفي تقريره السنوي عن الاسواق العربية، حض بشر دول المجلس على العمل لتطوير بورصاتها ضمن الاصلاحات الاقتصادية التي تنفذها لتخفيف الاعتماد على النفط بسبب التذبذب المستمر في الاسعار. وقال ان هناك "احصاءات موثقة" تشير الى ان مواطني مجلس التعاون الخليجي يملكون رؤوس اموال في الخارج تصل الى اكثر من 500 بليون دولار على شكل اصول مالية تشمل سيولة نقدية واسهم وصناديق استثمارية. واشار الى ان هذه الاموال يمكن ان "تشكل وسادة وقائية تستطيع ان تضخ السيولة في الاقتصادات الخليجية عندما تنهار اسعار النفط". واضاف انه "حان الوقت لتقوية أسواق المال في دول الخليج العربية لانها ستعمل كوسادة واقية في حال تذبذب اسعار النفط كما انها تؤدي الى حماية الثروات المحلية لدول المنطقة... ان العولمة اصبحت الآن على الابواب ومن لا يتأهب لها فإنه قد يعرض نفسه لأمور لا تحمد عقباها". ويشار الى ان عوائد الصادرات النفطية لدول المجلس التي تسيطر على نحو 45 في المئة من اجمالي احتياط النفط الدولي انخفضت الى نحو 54 بليون دولار العام الماضي من 90 بليون دولار عام 1997 واكثر من 180 بليون دولار عام 1980.