سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الطلب من مجلس الجنوب إعداد جردة شاملة بالديون ... ودلول يتهم الحكومة ب "الكيدية" . لبنان : طريق الملفات القضائية متعرجة وطويلة وعضوم يبت تقرير ديوان المحاسبة ... في هدوء
انشغل الوسط السياسي والرسمي في بيروت، بآثار إحالة مجلس الوزراء تقرير ديوان المحاسبة عن أوجه صرف مبالغ مخصصة لصندوق البلديات وقانونيته، على النيابة العامة التمييزية، والطريق التي يمكن ان يسلكها بعد ان يطلع عليه النائب العام التمييزي القاضي عدنان عضوم. واذا كان لقرار الحكومة إحالة التقرير، وما سبقه ورافقه من اتهامات، ثم نشر مضمونه الذي يحمّل رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري والوزراء السابقين فؤاد السنيورة وهاغوب دمرجيان وباسم السبع مسؤولية مخالفة القوانين والأصول في صرف أموال من صندوق البلديات، وقع الصدمة، فان انتظار القاضي عضوم نهاية عطلة الأعياد قبل اتخاذ القرار المناسب في شأنه هدفه تبريد الأجواء الإعلامية التي سادت، تمهيداً لاتخاذ القرار المناسب في اجواء هادئة. وفيما يخضع قرار إحالة التقرير على النيابة العامة، وفتح سائر الملفات، لتجاذب سياسي، نظراً الى الاجواء المتوترة التي يشيعها فتح الملفات، فان ترقب الطريق التي سيسلكها التقرير، بحسب القوى السياسية والمراجع القانونية يخضع بدوره لاحتمالات عدة وفق الاجتهادات المتعددة. فالتقرير حسم ان الأموال غير ضائعة وانها موجودة، وحدد مسؤولية الحريري والوزراء الثلاثة في الخلاصة التي انتهى اليها بالفقرات الآتية: - الفقرة السابعة التي نصّت على: ان "إقدام وزير الشؤون البلدية والقروية السيد باسم السبع على عقد نفقة 425 مشروعاً بقيمة /080،580،458،17/ل.ل. دون توفّر الاعتماد اللازم لها يرتب عليه المسؤولية وفقاً لاحكام المادة 112 من قانون المحاسبة العمومية". والمادة 112 تنصّ على ان الوزير مسؤول بأمواله الخاصة عن كل نفقة يعقدها تتجاوز الاعتمادات المفتوحة، واذا كان أي تدبير لأي انفاق غير ناتج عن أحكام تشريعية سابقة. - الفقرة الثامنة التي تنصّ على اصدار قرارات بتحويل مبالغ الى ادارات عامة أو مؤسسات عامة من خارج القرارات السنوية المشتركة، يعتبر عقد نفقة دون توفر اعتماد لها. وان المسؤولية عن هذه القرارات تقع على عاتق الوزراء الذين وقّعوها وهم: وزير المالية دولة الرئيس رفيق الحريري - وزير المالية بالوكالة السيد فؤاد السنيورة - وزير الشؤون البلدية والقروية السيد آغوب دمرجيان. - الفقرة التاسعة التي تنصّ على ان العقود الموقّعة من مجلس الانماء والاعمار، قبل توفر الاعتماد اللازم لها، وفقاً لما هو مبيّن في متن التقرير، ترتب مسؤولية المرجع سواء كان عاقداً أو آمراً بالصرف أو دافعاً وفقاً لاحكام المادة 83 من النظام المالي لمجلس الانماء والاعمار الذي ينصّ على ان "كل مرجع يعقد النفقة مسؤول بأمواله الخاصة عن كل نفقة يعقدها متجاوزاً الاعتمادات الملحوظة ويشاركه في المسؤولية كل من تدخل في عقد النفقة أو صرفها أو دفعها، ويلاحق الجميع أمام ديوان المحاسبة". وتقول مصادر قانونية ان الاحتمالات أمام النيابة العامة تحصر بالآتي: - ان يعيد النائب العام التمييزي التقرير الى ديوان المحاسبة ليتّخذ الاجراءات اللازمة في حقّ من يعتبرهم مخالفين، باعتبار ان من صلاحياته استعادة الأموال اذا صحّ ذلك، أو ان يتولّى الديوان التوسّع في التحقيق مجدداً. وفي هذه الحال تكون النيابة العامة اعتبرت ان التهم عائدة الى القضاء الاداري لا الجزائي. - ان تتولّى النيابة العامة جمع بعض الوثائق الاضافية لاستكمال التحقيق، اذا لم يُعد التقرير الى ديوان المحاسبة، كأن يتحقق مما ذكرته تصريحات ومواقف علنية، منها للنائب السبع أكد فيها وجود الاعتمادات لصرف الأموال، وقرارات من مجلس الوزراء بصرفها ايضاً. - ان تقرّر النيابة العامة ان ثمة جرماً جزائياً يتطلّب ملاحقة المسؤولين المذكورة اسماؤهم في التقرير، وهذا يتطلب منها الطلب من وزير العدل جوزف شاول إحالة الملف على رئاسة المجلس النيابي، لتقرّر في ضوء معطياته هل تتوافر فيه الشروط القانونية لطرحه على المجلس النيابي كي يرفع الحصانة عن النواب الثلاثة، الحريري والسبع ودمرجيان، من اجل مساءلتهم، فاذا حصل ذلك يتم التحقيق مجدداً، فاذا وجد القضاء موجباً لتوجيه التهمة تتم الملاحقة ثم المحاكمة. أما بالنسبة الى السنيورة فالأمر لا يحتاج الى اذن من المجلس النيابي، لانه ليس نائباً. وهذه الاحتمالات جميعاً تجعل من الطريق التي سيسلكها التقرير متعرّجة وطويلة، تُبقي الأمر معلقاً مدة من الزمن، فيتراجع الاهتمام بها مدة، ثم يعود الى الواجهة مرة اخرى، بحيث تبقى في ذهن الرأي العام لتشغله وتشغل معه الوسط السياسي. هل يبقى مجلس الوزراء والحكم في منأى عن التأثر بهذه العملية؟ تقول مصادر سياسية "اذا ثبت ان مجلس الوزراء كان وافق على صرف الأموال التي حمّل التقرير الحريري والوزراء السابقين الثلاثة مسؤولية صرفها، فهل ينتهي الأمر عند هذا الحد خصوصاً ان وزيرين في الحكومة الحالية هما نائب رئيسها وزير الداخلية ميشال المر، ووزير الاسكان والزراعة سليمان فرنجية كانا في عداد الحكومة السابقة، أم ان المساءلة تستمر؟". وفي كل الاحوال فان الحكومة كانت طلبت من ديوان المحاسبة التدقيق في قانونية صفقات وعقود أبرمتها خلال السنوات الثلاث الماضية مؤسسات مجلس الانماء والاعمار وصندوق المهجرين ومجلس الجنوب والمؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات وهيئة "أوجيرو" ومجلس تنفيذ المشاريع الكبرى لمدينة بيروت ومجلس تنفيذ المشاريع الانشائية، وهي مؤسسات كانت كلها تحت وصاية الرئيس الحريري. من جهة ثانية، وبعد قرار الرئيس الحص احالة نفقات الديون المترتبة على الدولة بقيمة 1130 بليون ليرة على ديوان المحاسبة، والتي انفقتها وزارات وادارات رسمية متعددة من دون ان يلحظ لها اعتمادات في الموازنة، وعقب قرار مجلس الوزراء في جلسته الاخيرة اعداد مشروع قانون لإصدار سندات خزينة بالدولار بقيمة النفقات المستحقة على الدولة تمهيداً لتسديدها، باشر الديوان التحرك لدى الجهات المعنية لإعداد لائحة تفصيلية بالديون. وفي هذا السياق علمت "الحياة" امس من مصادر وزارية ان معاون المدعي العام في ديوان المحاسبة بعث قبل يومين بكتاب الى رئاسة مجلس الجنوب، بالفاكس، طلب فيه اعداد جردة شاملة بالديون، على ان تكون جاهزة لدى الديوان في مهلة اقصاها خمسة ايام من تاريخ تسلم الكتاب. وكان الرئيس الحص بعث قبل نحو اسبوعين، بكتاب مماثل الى مجلس الجنوب باعتبار انه يتبع مباشرة لرئاسة مجلس الوزراء، يطلب من ادارته ايداعه جردة بالمشاريع والاعمال التي انجزت ولم تسدد حتى الساعة كلفة انجازها للمتعهدين والمقاولين لعدم وجود اعتمادات بها. وفي المعلومات ان قيمة الدين المترتب على مجلس الجنوب، بلغ حتى تاريخه نحو 144 بليون ليرة، منها 40 بليوناً تعتبر من الديون الموروثة عن الادارة السابقة لمجلس الجنوب اثناء تولي حسن يوسف رئاسته. اما الباقي فيعود الى اعمال قام بها المجلس الحالي برئاسة قبلان قبلان. وكان اجتماع عقد قبل نحو شهر تقريباً بين وزير المال جورج قرم وقبلان في حضور المدير العام هاشم حيدر ومسؤول قسم المحاسبة عبدالله صفا نوقشت فيه قضية الديون المترتبة على المجلس، وأعد محضر عما دار في الاجتماع ووقعه قبلان اضافة الى حيدر وصفا، ولكن لم تدون في المحضر تفاصيل الاعمال التي قام بها المجلس والتي ادت الى الديون المستحقة عليه، وهذا ما طلب من المجلس اعداده على وجه السرعة من اجل التحقيق فيه. مواقف وفي المواقف، قال النائب محسن دلول ان الحكومة "تصرف من رصيد العهد نتيجة السياسة الكيدية المبنية على مواقع شخصية أدت، ويا للاسف، الى فقدان الثقة الخارجية بلبنان، والى أزمة اقتصادية خانقة". وقال، في لقاء شعبي في بلدة قب الياس البقاعية ان "لا نيّة لاسقاط الحكومة الحالية، لا بل نحن مع ان تبقى كي تقتنع بما تجنيه من سلبيات". واتهم الحص بانه "لم يخرج بعد من عقدة الانتخابات النيابية في بيروت". ورأى "ان انجرار وزراء كثيرين الى أمور كبيرة يؤشر الى وقوع هزة سياسية واقتصادية خصوصاً في ما يتعلق بنية الحكومة الحالية مضاعفة الضرائب، وما لذلك من اثر في الواقع الاجتماعي"، واعتبر ان "الكلام على أموال البلديات في الصيغة المبتورة الحالية يهدف الى التشويه. فهذه الاموال التي لم توضع في الصندوق البلدي، أعطيت لمجلس الانماء والاعمار لصرفها لعدم وجود بلديات، ولكن عندما أجريت الانتخابات البلدية، اخيراً حصلت توزيعات مالية عدة عليها ومن الضروري جداً ان تعطى أموالاً. ولم يكن ثمة وسيلة للانفاق على البلديات الا من طريق مجلس الانماء والاعمار". وعن شركة "سوكلين" لرفع النفايات استشهد دلول بما قاله الرئيس الحص عن انجازات هذه الشركة وبان بيروت اصبحت مدينة نظيفة". واضاف "يتكلمون على سوكلين فلماذا لم يوقفوها وقد اصبح عمر الحكومة اربعة اشهر؟". وسأل "اذا كان تقرير ديوان المحاسبة صحيحاً، فلماذا لم يستدع الوزراء السابقين فؤاد السنيورة وباسم السبع وهاغوب دمرجيان ويسألهم رأيهم ما دام يقول ان ثمة مخالفة؟ ولكن لا يجوز تشويه سمعة لبنان بهذه الطريقة وتشويه سمعة اشخاص يتمتعون بثقة خارجية كبيرة". وقال ان "تشويه سمعة هؤلاء يسيء الى الوطن أكثر بكثير مما يسيء إليهم"، مؤكداً ان "ما يحصل لا يخدم لبنان على الاطلاق". واضاف "ان الحكومة تعود دائماً الى الوراء، لانها لم تتمكن من تحقيق الاغراض التي تريد، اذ كل يوم يفتح ملف وقضية"، مشبهاً ما يحصل "بمن يصارع الهواء للهرب الى الأمام". وقال رداً على اسئلة الصحافيين ان الرئيس رفيق الحريري "خارج السلطة هو أقوى بكثير من وجوده فيها ولو كنت مكانه لرفضت العودة اليها حتى نرى الى أين ستوصل السياسة الكيدية الحالية لبنان". وأبدى نائب رئيس المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى الشيخ عبدالامير قبلان "تخوفاً من ان تكون هذه الطفرة في اتجاه نبش الخفايا خصوصاً في ظلّ واقع يعرفه الجميع اقليمي ودولي وفي ظل أوضاع داخلية في البلاد وما تعيشه من اجواء وفاقية ليست على ما يرام وأحوال اقتصادية متأزمة". ولفت الى "ان الناس يريدون حلاً للمشكلات المعيشية والحياتية". وقال "ان المحاسبة ضرورية، ولكن اذا لم تترافق مع خطوات حسية وملموسة فهذا يعني اننا ندور في حلقة مفرغة". وشدّد قبلان "على وجوب مساءلة الجميع لان الواجب يفرض ان يكون الكل تحت القانون في اطار الحرص الشديد على المصلحة العامة". وأعلن الشيخ عبدالأمير شمس الدين شقيق رئيس المجلس الشيعي الاعلى محمد مهدي شمس الدين الموجود في السعودية، في خطبة الجمعة، "تأييده لسياسة الحكم القاضية بالضرب على أيدي الذين احتالوا واستولوا على الاموال العامة من غير استحقاق". وطالب "باعادة هذه الاموال الى خزينة الدولة دعماً للاقتصاد الوطني". وتمنّى على "جميع المعنيين في هذا التوجه من المسؤولين ووسائل الاعلام ان يتحرّوا الدقة في توجيه التهم الى الآخرين من رجال الحكم أو اصحاب الرتب الوظيفية".