توقيع الخطة المشتركة للتعاون الأمني بين السعودية وإسبانيا    النصر يكسب الاستقلال الطاجيكي برباعية ويتأهل لثمن النهائي في دوري أبطال آسيا 2    تايوان تخطط لإنفاق 40 مليار دولار على الدفاع لمواجهة الصين    «هيئة العقار» : موافقة مجلس الوزراء على تعديل بعض مواد نظام التسجيل العيني للعقار تعزز جودة البيانات وحفظ حقوق الملاك    القوات الخاصة للأمن البيئي: غرامة الصيد دون ترخيص 10 آلاف ريال    رباعيات العالمي مستمرة    القبض على 3 باكستانيين في الرياض لترويجهم «الشبو»    «سلمان للإغاثة» يوزّع (882) سلة غذائية و(882) كرتون تمر في عكار بلبنان    عقوبات تأديبية لمخالفي قواعد الظهور والسلوك في أماكن العمل    المملكة تحرز 18 جائزة دولية في جنيف عن تميز مستشفياتها وباحثيها في القطاع الصحي    المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الإعلام العرب يعقد أعمال دورته ال21    محافظ الأحساء يستقبل مدير التعليم المعين    الأمن العام يدعو ضيوف الرحمن إلى الالتزام بالممرات المخصصة داخل الحرم    أكثر من 66 مليون قاصد للحرمين الشريفين خلال شهر جمادى الأولى 1447ه    أمير تبوك يستقبل القنصل العام لجمهورية الفلبين    نجاح النسخة الأولى من منتدى الأعمال الذي نظمته وكالة التجارة الإيطالية في المملكة العربية السعودية    بأمر ترامب.. البدء بإجراءات تصنيف "الإخوان" منظمة إرهابية    الرؤساء التنفيذيون في السعودية يتصدرون مستويات الثقة والاستعداد للذكاء الاصطناعي وفقا لتقرير كي بي إم جي    13.9 مليون إجمالي مرات أداء للعمرة خلال شهر جمادى الأولى    40.8% من الأسر تفضل الطاقة الشمسية كمصدر للطاقة في المسكن    عنبر المطيري تُشعل «وهج القصيد» في أمسية شعرية تحت مظلة الشريك الأدبي    الأمم المتحدة تطلق عملية لانتخاب أمين عام جديد لها    الهلال يتحرك بقوة لضم مدافع إنتر ميلان    التأكيد على أهمية ضمان مسار حقيقي للتوصل إلى حل الدولتين    عبدالعزيز بن سعد يُدشِّن خدمات "مدني الحفير"    خالد بن سلمان يرأس وفد المملكة في اجتماع مجلس الدفاع الخليجي    أمير الرياض يستقبل مديري الشرطة ودوريات الأمن    من ذاكرة الزمن    «حراء».. أصالة التاريخ وروح الحداثة    بطل فريق هنكوك السعودية سعيد الموري يشارك في رالي جدة بدعم مجموعة بن شيهون وشركة الوعلان للتجارة    القيادة تهنئ رئيس مجلس رئاسة البوسنة والهرسك ورئيسة سورينام    «غزة الإنسانية» توقف أعمالها بعد منعها توزيع المساعدات    ذروة استثنائية في المسجد الحرام    مطار أبها الدولي يحصد المركز الثالث عالميًا في الالتزام بمواعيد الرحلات    أمير نجران يثمّن حصول مستشفى الملك خالد على الدرع الذهبي من "ELSO"    موسكو تطالب بجدول زمني لانسحاب الاحتلال    في الجولة الخامسة لدوري أبطال أوروبا.. معركة صدارة بين آرسنال وبايرن.. وإنتر يصطدم بأتلتيكو    المملكة وإيطاليا يوقعان مذكرة تفاهم في المجالات الرياضية    استعرض فرصهما للشراكات العالمية..الخريف: التقنية والاستدامة ركيزتان أساسيتان للصناعة السعودية    أزمة اللغة بين العامية والفصيحة    المسرح الشبابي    «مركز الموسيقى» يحتفي بإرث فنان العرب    زيارة تاريخية تصنع ملامح مرحلة جديدة    حماس تعلن تسليم جثة أسير إسرائيلي.. نتنياهو يحذر من خرق اتفاق وقف النار    «الجوازات» تصدر 25,646 قراراً بحق مخالفين    علماء: مذنب يقترب من الأرض مطلع يناير    "الداخلية" تسهم في إحباط محاولة تهريب مخدرات    «حقوق الإنسان» تطالب بالتحقيق في استهداف «عين الحلوة»    تماشياً مع الأهداف العالمية للصحة والتنمية.. الربيعة: السعودية حريصة على حماية حقوق التوائم الملتصقة    غزال يقتل أمريكية أنقذته    جورجية تفقد النطق بسبب السجائر الإلكترونية    الصادرات غير البترولية تقود نمو التجارة السلعية للمملكة    اتهامات بانتهاكات واسعة في الفاشر ومساع دبلوماسية لإنهاء الحرب    الموافقة على نظامي الرياضة والرقابة والمالية وإقرار إستراتيجية التخصيص    الحقيقة أول الضحايا    أمير تبوك يستقبل سفير دولة الكويت لدى المملكة    104% زيادة بتوثيق عقود الشركات    تحت رعاية عبدالعزيز بن سعود.. تكريم المتقاعدين من منسوبي الأحوال المدنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف نطور منظومتنا التربوية لتستوعب التكنولوجيا الحديثة وما يترتب عليها ؟
نشر في الحياة يوم 29 - 04 - 1999

أصبحت قضية مواءمة التعليم والتكوين مع احتياجات سوق العمل خلال العقدين الأخيرين احدى أولويات الحكومات ومخططي السياسات التربوية والاقتصادية في البلدان النامية على حد السواء.
ويعزى ذلك الى ان التطور العلمي والتغيرات التكنولوجية والاقتصادية المتسارعة التي شهدها العالم خلال الربع الأخير من القرن الحالي، قد أدت الى تحولات عميقة ومتواصلة في طبيعة وسائل الانتاج وأنواع المهن والحرف وبنية الطبقة العاملة وانماط الانتاج. بدأ هذا التحول منذ السبعينات واتسع في الثمانينات عندما شرعت الصناعات وخاصة في الدول المتقدمة بتعويض الآلات التقليدية بما يسمى "بالآلة الذكية" أو بنمط الانتاج "الريبوتي" وقد أبرزت هذه التحولات حاجة سوق العمل الى عمالة مؤهلة وعالية التدريب تحل محل قوة العمل غير المؤهلة أو المتوسطة التكوين التي كانت قوام القطاع الصناعي والخدمي والزراعي قبل ظهور التكنولوجيات الحديثة.
فوجئت المنظومات التربوية في البلدان المتقدمة فضلاً على البلدان النامية، بالتغيرات البنيوية التي طرأت على سوق العمل، والتي كشفت عمق الفجوة بين مناهج التعليم وتحديداً التعليم التقني والمهني ومتطلبات تلك السوق، كما أوضحت ان هذا العامل ساهم بقسط وافر في تعميق ظاهرة البطالة التي لم تعد حكراً على البلدان المتخلفة بل تحولت ظاهرة هيكلية حتى في البلدان المتقدمة.
لقد طرحت هذه التحولات اجواء تغييرات جذرية في برامج ومناهج التعليم التقني والمهني بهدف اعداد جيل جديد من العمالة الماهرة، فالمدرسة لم تعد مدعوة الى تعليم الطالب مهنة بقدر ما هي مدعوة الى إكسابه تكويناً قاعدياً متيناً ومتنوعاً يتيح له التمرس على العديد من التخصصات والمهن والتقنيات، ويؤهله لاكتساب مهارات جديدة اثناء حياته العملية، لأن حركية سوق العمل وتنوع حاجياته باستمرار قد تجبر العامل على تغيير نشاطه عدة مرات أثناء حياته المهنية.
ولتحقيق هذا الهدف اتجهت الدول المتقدمة الى احداث نماذج جديدة لربط هذا الصنف من التعليم باحتياجات التنمية وسوق العمل، من ذلك توأمة المدارس بالمؤسسات ونظام "الوحدات النمطية" الذي يستهدف الإعداد المستديم لليد العاملة، لكن على رغم هذه الجهود فإن المنظومة التربوية في العديد من الدول المتقدمة كالولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، لم تتمكن بعد من تحقيق هذه المعادلة. وحتى البلدان التي أحرزت سبقاً في هذا المجال كالمانيا واليابان، تجد نفسها مضطرة لتطوير مناهجها للاستجابة للتغيرات المتلاحقة التي تشهدها بنية سوق العمل. وإذا كان هذا هو الشأن بالنسبة الى الدول الراسخة في التقدم الاقتصادي والعلمي والتكنولوجي فماذا عن واقع مناهج التعليم التقني والمهني في البلدان العربية؟
لقد كشفت الدراسة التي أعدتها "المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم الأليكسو حول هذا الموضوع ان مناهج هذا التعليم لم ترق بعد الى متطلبات العصر الراهن ودعت الجهات المشرفة الى ايلاء عملية الترابط بين هذا الصنف من التعليم واحتياجات سوق العمل الأهمية التي تستحق. وقد توصلت هذه الدراسة التي صدرت أخيراً بعنوان "مناهج التعليم التقني والمهني في الوطن العربي وسبل تطويرها"، والتي شملت كلاً من مصر والبحرين والأردن وسورية والامارات العربية الى مجموعة من الاستنتاجات:
أولها، ان التعليم المهني والتقني لا تزال تطغى عليه الجوانب النظرية وتحتل فيه مواد الثقافة العامة مجالاً واسعاً على حساب التطبيقات والتدريبات المهنية في مواقع العمل، مما أدى الى ضعف الخريجين واعاقهم عن التعامل المباشر مع احتياجات سوق العمل أثناء دراستهم، وتكفي الإشارة الى ان اليابان مثلا تخصص نسبة تربو عن 50 في المئة من ساعات الدراسة للتدريب المهني والعمل الانتاجي.
ثانيها، ان المعارف والمهارات المضمنة في المناهج الدراسية قديمة وغير مواكبة في الاغلب للمستجدات التكنولوجية، ويعزى ذلك اساساً الى الانفصام المستمر بين المؤسسة التربوية وعالم العمل.
ثالثها، عدم اشراك المتخصصين وأرباب المؤسسات في وضع وتطوير مناهج التعليم علماً بأنهم الأقدر على التعرف على الاحتياجات الفعلية لسوق العمل والأكثر مواكبة للتحولات التكنولوجية. وانطلاقاً من هذه الاستنتاجات خلصت الدراسة الى التأكيد على ان تطوير مناهج التعليم يستدعي بالأساس وضع عملية الربط بينه وبين سوق العمل موضع التنفيذ من خلال اشراك الجهات المستفيدة في تخطيط المناهج، والمواكبة المستمرة لمتغيرات سوق الشغل، والعمل على تحويل المؤسسة التعليمية المهنية الى مؤسسة انتاجية لتمكين الطلاب من الارتباط الفعلي بعالم العمل. كما يستدعي ايضاً تطوير الخطط الدراسية والمناهج في اتجاه التحديث المتواصل لمحتوى البرامج، والعمل على اكساب الطلاب تكويناً اساسياً متنوعاً وشاملاً يمكنهم من الاستجابة للمتغيرات التي تحدث في مجالات تخصصاتهم.
ويتضح من هذا التشخيص ان المؤسسة التعليمية في البلدان العربية عموماً مدعوة الى التسريع بتنفيذ الاصلاحات المطلوبة لتفادي تحول ظاهرة بطالة خريجي المدارس والجامعات الى ظاهرة مستعصية تعسر السيطرة عليها، وكما يقول خبراء اليونسكو فإن العملية التربوية لم تعد تستهدف تدريب الشباب لاكتساب مهنة أو حرفة معينة بل اعداده للتكيف مع مهن متعددة، وتطوير قدراته باستمرار لمواكبة التطور التكنولوجي وليتيسر له الانتقال من مهنة الى أخرى.
ان عنوان العصر الجديد هو الحركة التي تكتسح كل شيء، حركة رأس المال، حركة العمل، حركة مناهج الدراسة. الاستقرار والثبات والركود تعني الموت، لقد انقلبت الموازين. كان معنى الحياة ومطمح الانسان الاستقرار: الاستقرار في الحياة الزوجية، في العمل، في السكن، في الوطن، واليوم كتب على الانسان الترحال الدائم، كتب عليه الا يذوق طعم الاستقرار الا إذا طلب الموت.
* كاتب تونسي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.