يواصل سهم سوليدير تسجيل أدنى مستوياته في بورصة بيروت الرسمية، إذ تخطّى الحاجز النفسي له والذي قدرته وكالة التصنيف الائتمانية بثمانية دولارات في 1998. وسجّل تعامل سهم الفئة أ الأسبوع الماضي 8/4 6 أي 7 دولارات والفئة ب بين 8/7 6 و8/3 7، فيما بلغت مروحة سهم سوليدير ايصالات عمومية GDR على 8/6 7 - 8/2 8 دولار. وعليه يكون سهم الفئة أ خسر 2،37 في المئة منذ اول 1999، فيما خسر سهم فئة ب 2،35 في المئة. ويطرح التباين في أسهم "سوليدير" اسئلة كثيرة على رغم تثبيت وكالات تصنيف ائتمانية درجة المخاطرة على هذا السهم من جهة وتأكيد مسؤولي "سوليدير" أنفسهم ان الحقبة الصعبة من اعادة تأهيل البنى التحتية انتهت وان الشركة سددت أكثر من 70 في المئة من الاشغال البحرية التي تقوم بها والبالغة 229 مليون دولار. وتحكم وجهتا نظر، الآراء حول اتجاه أسهم الشركة اللبنانية لإعادة إعمار وسط مدينة بيروت. الاولى تتفاءل بأن الشركة كانت وما زالت أكبر وأمتن من الاقتصاد اللبناني فرأس مالها بليونا دولار يشكل حوالى 5،12 في المئة من قيمة الناتج المحلي الوطني، فيما تصل رسملة أسهمها المدرجة في الاسواق بفئتيها أ وب في تاريخ 13 نيسان/ ابريل الى 165 مليون دولار أي حوالى 27 في المئة من قيمة الاحتياط في مصرف لبنان بالعملات الاجنبية. وقياساً الى حجم السيولة التي يمكن ان "تحركها" في الاقتصاد الوطني تبلغ قيمة أسهم "سوليدير" في السوق حوالي ثمانين ضعفاً من المعاملات المصرفية اليومية اذ قدر حجم سوق بيروت للدولار بحوالى مليوني دولار يومياً، ناهيك عن ان هذه الاسهم تشمل مصالح ما يزيد عن نصف مليون لبناني معنيين بأعمال الإعمار في الوسط التجاري. ويؤكد اصحاب هذا الرأي ان من الطبيعي لهذه الشركة وأسهمها ان تتأثر مباشرة بالأوضاع النقدية، خصوصاً ما تشهده الساحة اللبنانية من تقلبات في اتجاهات التعامل والملف المالي والاقتصادي، والتي تولد تباطؤاً في الاسواق التجارية. وعلى رغم هذا التباطؤ يقول هؤلاء ان الشركة استطاعت ان تواصل تسجيل الارباح الصافية في 1998 وإن كانت تراجعت هذه التوقعات بنسبة 33،30 في المئة وان تصل صافية الى 2،54 مليون دولار مقارنة ب8،77 مليوناً في 1997. ولا يزال هناك بعض الاقبال على سهم "سوليدير" وإن كانت المعاملات تسير في منحى تراجعي نسبة العرض الى الطلب فيه 600 الى واحد. أما الاتجاه الثاني المتشائم باتجاهات أسعار الأسهم وبمستقبل الشركة، فيؤكد ان الشركة استثمرت رأس مالها المعلن في نفقات منظورة وغير منظورة وانها فقدت الكثير من صدقيتها بعدما تراجع حجم الاعمال في الوسط وألغي الكثير من العقود التأجيرية والمبيعات المقررة، وكان آخرها الغاء الدولة عقود المباني التي كانت تعتزم اقامة عدد من الوزارات فيها. ويقول هؤلاء ان الاستثمارات في الاسهم التي وضعت في الشركة عند تأسيسها كانت لتولد ارباحاً خيالية لمساهميها لو وضعت في أسهم شركات عالمية امثال "مايكروسوفت" أو "انتل" أو "أمازون". وأعلنت الشركة اخيراً ان ربحية السهم هي 35 سنتاً في 1998 مقابل 48 سنتاً في 1997 وهذا يعني ان الارباح الموزعة ستصل الى 85،52 مليون دولار، وعليه ستكون الارباح المتبقية للشركة 35،1 مليون هذا إن وافقت الجمعية العمومية المتوقع انعقادها في حزيران يونيو على توزيعها. ويقول انصار الفريق المتشائم ان السبب "الباطني" وراء تراجع اسعار السهم كان خروج رئيس مجلس الوزراء السابق رفيق الحريري من الحكم. وكان اداء "سوليدير" ارتبط في شكل مباشر بالرئيس الحريري الذي كان المدافع الاول عن هذه الشركة ونظامها وضرورة قيامها. ويقول احد المقربين من الحريري ان اكتتابه في هذه الشركة جعل عامل الثقة فيها ممكناً وانهالت الاكتتابات عليها بعد ان صرح بأن المساهمين "أمانة في عنقه". اتجاهات الأسهم كيف يمكن تقويم اتجاه الشركة اليوم؟ أولاً: لا تزال النظرة الى "سوليدير" من المؤسسات العالمية متفائلة. وأكدت ثلاث مؤسسات عالمية للأبحاث هي "ميدل ايست كابيتال غروب" و"سولمون سميث بارني" و"ميريل لينش" العالمية انه سيصعب ان تتجاوز الاسعار سقف الثمانية دولارات في 1998 وان السهم أضحى مرتبطاً جذرياً مع وقائع تقلبات سوق بيروت والاسهم اللبنانية المدرجة في الخارج. وتتفق هذه التقارير على القول ان سهم "سوليدير" قد يواجه المزيد من الضغوط في 1999 بعد تراجع حصة الارباح السنوية للسهم. وفي هذا الاطار يقول تقرير "ميريل لينش" ان تحسن سعر السهم لا يزال مقيداً بالتطورات الاقتصادية وان على "سوليدير" ان تحافظ على نسبة الديون قياساً الى القيمة الاسمية للاسهم بمعدل لا يتجاوز ال20 في المئة. ويرى التقرير ان هذه النسبة قد تزيد الى 29 في المئة سنة 2000 وان هذه المقتضيات قد تنعكس سلباً على مستويات الاسهم الاسمية آنفاً، وان الادارة تواجه عدداً من الخيارات الصعبة يبقى أفضلها مر وهي اما تقويض حصص المساهمين أو تحديد مشاريع التطوير. وفي الخيارات يرى تحليل "سولمون سميث بارني" انه يمكن ل"سوليدير" أيضاً ان تتشاطر الارباح وعدداً من المقاولين الذين يرغبون بالتطوير العقاري في الوسط الا ان هذا الخيار سينعكس سلباً على اوضاع الموازنة العامة. وأكدت "سوليدير" في 1998 نيتها تقليص عمليات البيع العقاري وتحويلها الى عمليات تأجيرية، بعد ان مددت عمر الشركة من 25 الى 75 سنة. ثانياً: تتفق التقارير على القول إن "سوليدير" ستواجه عاماً صعباً في 1999 خصوصاً ان نسبة الارباح تدنت بنحو 3 في المئة في 1998، اما التمويل المتاح للشركة فإنه سيتراجع 48 في المئة، الى 4،4 مليون دولار وسيتراجع الانفاق على التطوير بحوالى 7 في المئة الى 229 مليوناً في 1999. وعلى رغم التوقعات المرتبطة جوهرياً بمستقبل الاقتصاد اللبناني رفع محللو "سولمون سميث بارني" درجة الشركة في تصنيفهم الاستثماري الى S3 بعدما كانوا انزلوها الى S4 في شباط الماضي. ويرى المحللون ان احتمال عودة الارباح الى الارتفاع "ليس قوياً" نظراً الى استمرار المشكلات التي تواجه الاقتصاد اللبناني عموماً إذ ربما لن تتمكن سوليدير من بيع العقارات التي تنتظر بيعها كما ان فرص رفع الايجارات محدودة. ثالثاً: يقول المتعاملون ان التراجع "المثير" لأسعار الأسهم أضحى في حاجة الى اشارات حقيقية من الاسواق والمتعاملين لاعادة تثبيته. إذ تراجعت هذه الاسعار بالدولار الاميركي من 8/1 12 في كانون الثاني يناير 98 الى 4/1 12 في اذار مارس إلى 2/1 10 في ايلول سبتمبر الى 4/3 10 في نهاية 98. وكذلك تراجع السهم من 8/2 10 في كانون الثاني 1999 الى 8 في شباط فبراير الى 8/5 7 في اذار. وتباين العرض الى الطلب بين 39539 و114552 في نيسان اما الرسملة البورصية لسهم سوليدير بفئتيه في آذار فوصلت الى 762 مليون دولار مقارنة ب800 مليوناً في شباط و102 مليون في كانون الثاني. وكانت "سوليدير" أعلنت ان ارباحها الصافية في العام 97 زادت بنسبة 32 في المئة الى 8،77 مليون دولار متجاوزة الارباح المستهدفة البالغة 7،76 مليون دولار، ويقول المتعاملون انه في العام 99 لن يمكن التأكيد على نمو الارباح نتيجة لمبيعات الاراضي الرائجة. اما دخل الشركة من الايجارات بالاضافة الى الفائدة المحصلة على اموالها فهو محدود بدوره. وأظهرت البيانات المالية المدققة ان حجم السيولة لدى "سوليدير" يتراجع سنوياً فبلغ في نهاية 97 9،229 مليون دولار. وكانت 96 "الفترة الذهبية" الوحيدة لسوليدير فزادت ايرادات المبيعات بنسبة 56 في المئة الى 144 مليون دولار من مبيع مسطحات تبلغ مساحتها 136223 متراً مربعاً بمتوسط 1057 دولاراً للمتر المربع الواحد. وكانت ادارة الشركة واثقة من احتمالات مبشرة للعام 98 وانعكاسه على الانشطة الحالية للشركة بالاراضي والعقارات اضافة الى استمرار اهتمام المستثمرين بالحي التجاري في بيروت. رابعاً: يقول المتعاملون ان اجواء التعامل التي سيطرت على السوق الرسمية، وإن لم تختلف عن الاجواء التي رافقت التثبيت في السوق الثانوية، والتي قاربت ال5،2 مليون دولار على مدى السنتين تقريباً، إلا أنها ألحقت الضرر بالسعر السوقي لسهمي سوليدير. فالعملاء وقوى العرض والطلب لم يتغيروا بين سوق وآخر، الا ان الاهم كان التقلبات الحادة التي شهدتها الاسعار في هذه الاسواق، وفاعلية الرقابة على هذه التعاملات. وينقل عن مصادر مصرفية قولها ان رقابة مصرف لبنان على السوق الثانوية سمحت بالتعامل النظيف على مدى الاشهر وعليه فإن التعامل في السوق الرسمية لا تتحمله الا وزارة المال بصورة غير مباشرة ولجنة السوق بصورة مباشرة. خامساً: ان هشاشة البنية التحتية للاسواق المالية انعكس سلباً على الاسعار. فالعلاقة بين سوليدير ومساهميها تحولت الى علاقة حساسة الا ان انعكاس التباين بين الشركة العقارية والمشروع المنفذ سينعكس على الحكومة اللبنانية وخطة الانماء والاعمار.