كان المطرُ غزيراً جداً، وكانتِ الكلابُ تركضُ تحت المطرِ باحثةً عن مكان تختبئُ فيه. ومرّتْ القطّةُ مسرعةً، فركض نحوها الكلبُ الرمادي وسألها: - إلى أين؟ قالت القطّة: - أنا ذاهبة إلى قرب المدفأة. قال الكلب الرمادي: - قفي .. سأذهبُ معكِ. وهكذا، ترك الكلبُ الرمادي رفاقه، وتبِعَ القطّة وهو يقول: - أنا سأتدفَّأ، والكلاب الأخرى ستبرُد! وصلتِ القطّة إلى المنزل وقرعتْ الباب، ففتَح لها أصحاب البيت وأدخلوها، أما الكلب فطردوهُ قائلين: - إذهبْ أنت، لا مكان لك هنا. تعجّب الكلبُ كيف سُمِحَ للقطّة بالدخول إلى البيت، ومُنِعَ هو من ذلك وقال: - لا بأس .. سأبحثُ عن بيتٍ آخر. ركضَ الكلبُ الرمادي نحو أحد البيوت، وقرعَ بابه. ففتحَ رجلٌ الباب. وعندما رآهُ صاحَ به: - ماذا أتيت تفعل هنا؟ وأطبقَ الباب بوجههِ بعُنف. أحسَّ الكلبُ الرمادي بالفشل والخيبة وقال: - لا بأس .. سأجرِّبُ بيتاً ثالثاً. وصل إلى البيت الثالث، وقرعَ الباب، فأجابه صوتٌ من الداخل: - مَنْ الذي يقرَعُ الباب؟ قال الكلب: - الكلبُ الرماديّ .. إفتحوا الباب. أريدُ أن أحتمي من المطر وأتدفَّأُ قرب المدفأة. قال أصحاب البيت: - إذهبْ من هنا .. هذا المكان ليس مكانك. نظر الكلبُ الرمادي حوله، فرأى بيتاً صغيراً وقديماً يشبهُ الكوخ، فقال: - هذا هو البيتُ الذي سيستقبلُني. وذهبَ إليه، وقرعَ بابه. فأطلَّتْ امرأةٌ عجوز من النافذة، وعندما رأتِ الكلب الرمادي في الخارج، أسرعتْ وفتحتِ الباب. فدخل الكلبُ مسرعاً، لكن العجوز نظرتْ إليه وصاحتْ بغضب: - ماذا؟ كلب؟؟! ظنَنْتُك هرّة! ثم تناولتِ العصا، ولوَّحتْ بها في وجهه، فهربَ مذعوراً! راح الكلبُ الرمادي ينتقل من بيت إلى آخر من دون أن يسمحَ له أحدٌ بالدخول. وظلّ كذلك حتى بلغ ضاحية القرية. وهناك وجدَ بيتاً مهجوراً من دون أبواب فقال: - حسناً .. هذا البيت من دون أبواب. ولن يمنعني أحدٌ من الدخول إليه. ركضَ الكلبُ الرماديّ نحو البيت المهجور، وعندما بلغَ العتبة وثبَ إلى الداخل. وكانت مفاجأة كبيرة! لقد وجدَ أصحابه، الذين تركهم عندما ذهب مع الهرَّة، موجودين في البيت المهجور بكاملهم. فاندسَّ بينهم وهو يقول: - لقد ضجرتُ من القعودِ قرب المدفأة، فأتيتُ إلى هنا! كانَ جسمُ الكلب الرماديّ شبيهاً بخرْقَة مبلولة بالماء. وكانتْ أسنانُهُ تصطكُّ من شدَّة البَرْد! عرفَ رفاقُهُ أنه يكذب، فبدأوا بالضحك! ثم ضحكَ هو! ثم لم تمضِ بُرْهة حتى امتلأ البيتُ المهجور بقهقهةِ الكلاب النابحة! رسم: ادغار آحو