أثار مشروع "الصحة الانجابية" الذي تنفذه وزارة الصحة السودانية الجدل اخيراً، باعتبار ان اهداف هذا المشروع الذي يموله صندوق الأممالمتحدة للسكان تتعارض، بحسب البعض، مع "قيم المجتمع السوداني وله اثار سلبية"، كما أثار نقاشاً اعلامياً وندوات لوضع الامور في نصابها، في ما يتعلق بأهداف وفوائد المشروع. فبنظر مسؤولين واختصاصيين في تنظيم الأسرة، "لا يتعارض مشروع الصحة الانجابية مع قيم الدين والمجتمع السوداني، وله فوائد علمية وصحية"، وان ما اثير حول المشروع "لا سند له من الناحية العلمية". ويقول الدكتور عبدالله صالح الصاعدي، ممثل "الصحة العالمية" في السودان ان "المشروع يقدم خدمات صحية للأم في مرحلة حملها وما بعد الولادة، وخدمات للطفل في مراحل نموه المختلفة. وتعتبر مسألة تنظيم الأسرة مرحلة لاحقة. وهنا لا بد من الفصل ما بين تنظيم الأسرة وتحديد النسل، وهذا الاخير غير وارد في مشروع الصحة الانجابية الذي يسعى الى تنظيم الأسرة، والمبادرة بين الولادات حفظاً لصحة الأم، ولمنحها فترة كافية للراحة، وإتاحة فترة كافية للطفل لينمو بصورة صحية". ويتابع الصاعدي: "برغم ان منظمة الصحة العالمية ليست معنية بهذا المشروع الذي يموله صندوق الأممالمتحدة للسكان، فانها تقدم الدعم الفني والارشادات لتنفيذه". وأشار الى ان "الوضع الصحي في السودان في تحسن واضح، ومؤشرات وفيات الاطفال والامهات والعمر المأمول للانسان في تحسن، فيما بات القطاع الخاص يتولى الخدمات الطبية، والحكومة تتولى الخدمات الصحية". وأضاف: "الا ان بعض الظروف، مثل الحرب في الجنوب والأوضاع الاقتصادية، أدت الى احباط في اوساط الكوادر الطبية لضعف المرتبات والاجور وانعدام الحافز". ويقول اللواء شرطة عبداللطيف عشميق، اخصائي امراض النساء والتوليد ومدير العيادة النموذجية لخدمات تنظيم الأسرة بالعمارات ان مشروع الصحة الانجابية "هو مفهوم يعني الصحة الجسمانية والعقلية والنفسية للمرأة، منذ نشأتها حتى سن اليأس. وزاد الاهتمام بالصحة الانجابية بعد زيادة معدلات الوفيات لدى النساء والاطفال، وهي تهدف الى خفض هذه النسب وتنظيم الأسرة، والتثقيف الصحي بواسطة وسائل تعريفية عدة، كالملصقات والكتيبات والأشرطة التسجيلية". وأكدت تصريحات الاختصاصيين والاطباء ان مشروع الصحة الانجابية لا يتعارض مع قيم الأمة والمجتمع، كما وصفه خمسون نائباً في البرلمان السوداني تقدموا بمذكرة لاستجواب وزير الصحة في هذا الشأن. ورد الاختصاصيون ان ما أثير حول المشروع "لا يستند لأي معلومات، ونجم عن سوء فهم". وأبرز ما اثير ان البرنامج يهدف الى تعقيم الفتيات، وتوزيع وسائل منع الحمل خارج الاطار الأسري. وردت وزارة الصحة الاتحادية بأن لا أساس لذلك من الصحة، وان الحملة ضد هذا المشروع بنيت على معلومات مغلوطة. وعقدت الجمعية الطبية لجامعة ام درمان الاسلامية ندوة حول الصحة الانجابية شارك فيها عدد من الاختصاصيين وقال الدكتور عبدالغفار علي آدم مدير عام الرعاية الصحية بوزارة الصحة الاتحادية ان الصحة الانجابية تعنى بتحصين الاطفال ومحاربة الامراض التي تفتك بالطفولة وبالمرأة، ورعاية الامومة وتنظيم الأسرة". وأوضح اغراض المشروع بالقول: "الصحة الانجابية تعني التناسل والتكاثر، وهناك خلط قد حدث في التسميات. وما نعنيه بالصحة الانجابية هو صحة الجهاز التناسلي والتوالد، والاهتمام بمكافحة الامراض الجنسية والامراض التي تشكل خطورة على صحة الامهات في المستقبل. وفي هذا الاطار، يتضمن المشروع برنامجاً للصحة المدرسية وتهيئة الفتيات صحياً للمستقبل، وتنمية المرأة ومعالجة حالات العقم وسط النساء والرجال، ومحاربة العادات الضارة، خصوصاً الختان الفرعوني الذي يؤثر على صحة الام والطفل معاً في المستقبل". وأكد ان وزارة الصحة تعمل في اطار استراتيجية شاملة لخفض نسب الوفيات العالية بين الامهات والتي تصل الى 500 أم بين كل 100 ألف الى النصف. وكذلك لتخفيض وفيات الاطفال الرضع وتغطية احتياجات نساء السودان الحوامل ورعايتهن من خلال الكشف الطبي المستمر، وتطعيم الحوامل والاطفال بنسبة تصل الى 90 في المئة. وقالت الدكتورة امال بدري مديرة ادارة صحة الامومة والطفولة بوزارة الصحة ان "الصحة الانجابية تشمل صحة جميع النساء وصحة افراد الأسرة من اطفال ورجال. وهي مكوّن اساسي للصحة العامة، والتركيز على مباعدة الولادات من خلال برنامج تنظيم الأسرة. ولا يعني هذا تخفيض الولادات وانما صحة الأم والطفل. فالصحة الانجابية تعنى بصحة الأم والطفل أولاً وأخيراً. وننفذ في هذا الاطار ما يعرف بالمنطقة الصحة، حيث الخدمات الصحية متساوية في جميع الولايات".